ترامب يطلق شرارة الحرب التجارية على أقرب حلفاء واشنطن

واشنطن تبدأ بفرض رسوم جمركية على واردات الحديد والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، الأمر الذي يثير قلقا عالميا كبيرا من اتساع المواجهات التجارية.
السبت 2018/06/02
إعادة صهر العلاقات التجارية العالمية

لندن – تفجرت ردود الفعل الغاضبة بعد دخول الرسوم الأميركية العقابية ضد واردات الحديد والألمنيوم الأوروبية والكندية والمكسيكية، وأصبحت تنذر باتساع المواجهات التي يمكن أن تقوض النشاط التجاري العالمي.

وكان الرئيس الأميركي قد أعلن في بداية مارس الماضي عن فرض الرسوم على واردات الحديد بنسبة 25 بالمئة والألمنيوم بنسبة 10 بالمئة، لكنه أعطى مهلة حتى نهاية مايو الماضي. وقد دخلت تلك الرسوم حيز التنفيذ أمس. واكتفى الاتحاد الأوروبي حتى الآن بالتلويح باتخاذ إجراءات مضادة دون أن يتم تحديدها. وقدم أمس شكوى قانونية لدى منظمة التجارة العالمية ضد ممارسات الولايات المتحدة، وشملت الشكوى الصين أيضا.

أما كندا فقد سارعت إلى فرض رسوم على الصلب الأميركي والألمنيوم وسلع استهلاكية. ورد ترامب بغضب على الإجراءات الكندية رغم أنها مشابهة للرسوم الأميركية ولن يبدأ تنفيذها حتى بداية الشهر المقبل.

وقالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند إن الولايات المتحدة لديها فائض تجاري مع كندا يبلغ ملياري دولار من تجارة الصلب وأن “نحو نصف” الصادرات الأميركية من الصلب تذهب إلى كندا.

جاستن ترودو: رسوم ترامب إهانة للشراكة القائمة منذ زمن طويل بين كندا والولايات المتحدة
جاستن ترودو: رسوم ترامب إهانة للشراكة القائمة منذ زمن طويل بين كندا والولايات المتحدة

وتستهدف الإجراءات الكندية فرض رسوم على ما تصل قيمته إلى 12.8 مليار دولار من المنتجات الأميركية. وقال رئيس الوزراء جاستن ترودو إن الإجراءات الأميركية تعتبر “إهانة للشراكة القائمة منذ زمن طويل بين كندا والولايات المتحدة”.

وتعهدت المكسيك من جهتها باتخاذ إجراءات مماثلة على منتجات أميركية متنوعة من بينها بعض أنواع الفولاذ والفواكه والأجبان على أن تظل سارية طالما استمر فرض الرسوم الأميركية.

ويرى محللون أن الكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي الذي يتعين عليه تحديد رده على الرسوم الأميركية بعد تصريحات متباينة من مسؤولين أوروبيين أجمعت على رفض الإجراءات الأميركية وضرورة حماية المصالح الأوروبية.

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أمس إن الاتحاد “لا يخوض حربا ضد أحد. لكن من البديهي أن يدافع عن مصالحه” في مواجهة الإجراءات التجارية الأميركية.

لكن الدفاع عن المصالح دون إثارة تصعيد، يمكن أن ينطوي على تبعات كارثية على صعيد الاقتصاد العالمي، ليس بالمهمة السهلة، وقد تتسع المواجهات التي تؤدي إلى خسارة جميع الأطراف بحسب إجماع المحللين.

وقال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي إن القرار “خطأ وغير مشروع”، في حين حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من “تصعيد يسيء للجميع”.

ويشكل القرار الأميركي اختبارا للثنائي الألماني الفرنسي. وتبنت باريس التي لا تحتل مرتبة عالية في الموازين التجارية العالمية نبرة أكثر تشددا من برلين الحريصة دائما على مصـالح جهات التصدير الألمانية المتعددة.

ويمثل القرار اختبارا لقدرة الاتحاد الأوروبي على التحدث بصوت واحد في وقت يتولى فيه تحالف شعبوي تشكيل الحكومة في إيطاليا وتتجه بريطانيا إلى الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

سيسيليا مالمستروم: الولايات المتحدة تلعب لعبة خطرة تؤدي لإضعاف العلاقات بين الحلفاء
سيسيليا مالمستروم: الولايات المتحدة تلعب لعبة خطرة تؤدي لإضعاف العلاقات بين الحلفاء

وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر من أن “الولايات المتحدة لا تترك لنا خيارا سوى رفع الخلاف أمام منظمة التجارة العالمية وفرض رسوم جمركية إضافية على منتجات أميركية”. وكانت المفوضية قد أعدت في أواخر أبريل لائحة بمنتجات رمزية على غرار التبغ والويسكي الأميركي والجينز والدراجات النارية يمكن أن تفرض عليها رسوما جمركية اعتبارا من 20 يونيو لكنها تحتاج إلى نقاش بين الدول الأعضاء.

وقالت سيسيليا مالمستروم مفوضة التجارة الأوروبية إن “الولايات المتحدة تلعب لعبة خطرة يمكن أن تؤدي إلى إضعاف العلاقات بين الدول الأعضاء في حلف الناتو… الوضع الحالي مقلق، وقد يتفاقم”.

ورغم ترجيح أن تكون التبعات الاقتصادية للضرائب الأميركية على الفولاذ والألمنيوم محدودة، فإن الخطر الأساسي يكمن في حصول تصعيد متبادل يزعزع استقرار حركة المبادلات التجارية في العالم.

ويخشى الاتحاد الأوروبي من الآثار الجانبية، حيث يمكن أن يسعى منتجو الصلب في البرازيل والصين وروسيا وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا، إلى إغراق السوق الأوروبية بعد انغلاق الأسواق الأميركية بوجهها.

لكن رئيس شركة سالتسجيتر الألمانية لصناعة الصلب قلل من شأن القرار الأميركي وقال إنه معلن منذ شهرين وأن “تأثيره المباشر على سالتسجيتر تحت السيطرة”.

وقال باسكال لامي المدير السابق لمنظمة التجارة العالمية “علينا أن نبقي الأمور في نصابها” لأن الأمر يتعلق بفرض رسوم على صادرات أوروبية بقيمة 6 مليارات يورو “أي على جزء صغير من الصادرات”.

وتوجه الأوساط التجارية أنظارها إلى تطورات الجبهة التجارية المفتوحة بين الولايات المتحدة والصين لمعرفة ما ستفضي إليه زيارة وزير التجارة الأميركي ويلبور روس إلى بكين اليوم السبت حيث يجري محادثات لمدة 3 أيام.

10