ترامب يدرس وضع استراتيجية أكثر تشددا إزاء إيران

واشنطن – أكد عدد من المسؤولين الأميركيين داخل إدارة البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس استراتيجية قد تسمح بتطبيق إجراءات وردود أميركية أشد صرامة على الحرس الثوري الإيراني والتنظيمات الموالية له سياسيا وعسكريا في العراق وسوريا.
وذكرت المصادر أن مشروع التصور الاستراتيجي أعدّه وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون ومستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ماكماستر، ومسؤولون كبار آخرون قدّموه للرئيس ترامب خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي الجمعة.
وبحسب مصادر مطلعة فإن المشروع يشمل إطارا استراتيجيا يضم الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية لمجابهة التمدد الإيراني المباشر في دول المنطقة المستفيد من الانتصارات التي يحققها حلفاؤه العسكريون خاصة في سوريا والعراق.
وذكر مسؤول كبير في الإدارة الحالية أنه وعلى عكس التعليمات التفصيلية التي كان يقدمها الرئيس السابق باراك أوباما والبعض من الرؤساء السابقين، من المتوقع أن يحدد ترامب أهدافا استراتيجية عريضة للسياسة الأميركية ويترك أمر تنفيذ الخطة للقادة العسكريين والدبلوماسيين وغيرهم من المسؤولين الأميركيين.
وأكدت عدة مصادر مطلعة أن الهدف من الخطة زيادة الضغط على طهران لكبح برامجها للصواريخ الباليستية ودعمها للميليشيات الشيعية والجماعات المتشددة.
ويرى المراقبون أن الرئيس ترامب يعمل في سياق التعاطي مع إيران على أكثر من محور والتي تضمن حماية المصالح الحيوية لواشنطن وحلفائها في الخليج العربي والمنطقة.
والى جانب مراجعة الاتفاق النووي الإيراني يركز الفريق الرئاسي على معادلة تضمن تقليم أظافر إيران العسكرية وتجفيف منابع تمويلها ومحاصرتها والذي يستهدف بشكل خاص البرنامج الصاروخي الإيراني والذي يسعى أركان النظام في طهران إلى استكماله في سياق محاولة لإيجاد معادلة قوى في منطقة الخليج.
المشروع الجديد يشمل استراتيجية لكل الأنشطة الإيرانية المرتبطة بالتمويل ودعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار بالمنطقة
ورجّحت المصادر إمكانية إقرار المشروع والإعلان عنه قبل نهاية سبتمبر الجاري. وأضاف المصدر “مهما كان ما سينتهي بنا الأمر إليه نريد أن ننفذه مع حلفائنا بأكبر قدر ممكن”.
وقال مسؤول آخر في الإدارة “يمكن تسمية المشروع بالاستراتيجية الشاملة لكل الأنشطة الإيرانية الضارة، الأمور المالية ودعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار بالمنطقة ولا سيما في سوريا والعراق واليمن”. وأضاف أنّ المقترح يستهدف أيضا التجسس الإلكتروني وأنشطة أخرى وربما الانتشار النووي.
وقال مسؤول في الخدمة وآخر سابق مطلع على الأمر إن الاقتراح يشمل تعزيز عمليات الاعتراض الأميركية لشحنات الأسلحة الإيرانية مثل تلك المتجهة
إلى المسلحين الحوثيين في اليمن والجماعات الفلسطينية في غزة وإلى شبه جزيرة سيناء.
وعلاوة على ذلك قالت ثلاثة مصادر إن القوات البحرية الأميركية يمكن أن ترد بقوة أشد عندما تتحرش بها زوارق مسلحة سريعة تابعة للحرس الثوري الإيراني.
كانت السفن الأميركية قد أطلقت شعلا مضيئة وأعيرة تحذيرية لإبعاد زوارق تابعة للحرس الثوري اقتربت على نحو اعتبر تهديدا بعدما رفضت الامتثال لتحذيرات عبر أجهزة اللاسلكي في مضيق هرمز الذي تمر عبره 35 بالمئة من صادرات النفط المحمولة بحرا في العالم.
ويسمح للقادة الأميركيين حاليا بفتح النار فقط عندما يعتقدون أن سفنهم وحياة أفراد أطقمهم في خطر. ولم تذكر المصادر تفاصيل بشأن التغييرات المقترحة في القواعد والتي تخضع لنقاشات سرية.
ولا تتضمن الخطة تصعيدا للنشاط العسكري الأميركي في سوريا والعراق. وجادل مساعدو ترامب للأمن القومي بأن الرد العسكري الأقوى على وكلاء إيران في سوريا من شأنه أن يعقّد المعركة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية والتي يقولون إنها ينبغي أن تظل لها الأولوية.
وقالت المصادر الخمسة إن وزير الدفاع ماتيس ومستشار الرئيس مكماستر وقادة القيادة المركزية الأميركية وقيادة القوات الخاصة الأميركية عارضوا السماح للقادة الأميركيين في سوريا والعراق بالرد على استفزازات الحرس الثوري وحزب الله وغيره من الجماعات الشيعية المسلحة التي تدعمها إيران.
وذكرت أن المستشارين قلقون من أن يحول تسهيل قواعد الاشتباك تركيز القوات الأميركية بعيدا عن هزيمة ما تبقى من تنظيم الدولة الإسلامية. وقال المسؤول الثاني بالإدارة إنه علاوة على ذلك فقد يؤدي تسهيل قواعد الاشتباك إلى توريط الولايات المتحدة في صراع مع إيران في وقت ينوء فيه كاهل القوات الأميركية بالأعباء وبينما أجاز ترامب زيادة كبيرة في عدد القوات في أفغانستان.
وقال مسؤول أميركي آخر إن جماعة حزب الله والجماعات الشيعية المدعومة من إيران “مفيدة جدا” في استعادة الأراضي الشاسعة التي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية السيطرة عليها في سوريا والعراق في 2014.
وتواصل إدارة ترامب بالتزامن مع المشروع المقترح مناقشة الخيارات المتعلقة بالاتفاق الموقع من طرف الرئيس السابق بارك أوباما في 2015 لكبح برنامج الأسلحة النووية الإيراني. حيث يدرس البيت الأبيض مسوّدة قانون تقترح فرض عقوبات اقتصادية أشد صرامة إذا انتهكت إيران الاتفاق.
وتمثّل معارضة ترامب للاتفاق النووي الموقّع مع إيران معضلة سياسية باعتبارها مثار انقسامات في الآراء.
وقال مسؤولون أميركيون يشاركون في المناقشات إن أغلب مستشاري ترامب للأمن القومي يؤيديون البقاء في الاتفاق، وهو أيضا موقف إسرائيل والسعودية حليفتي الولايات المتحدة برغم تحفظاتهما على مدى امتثال إيران للاتفاق.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين “القضية الرئيسية بالنسبة إلينا كانت إقناع الرئيس بعدم التخلي عن الاتفاق النووي، لكن لديه شعور قوي بدعم من نيكي هيلي (سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة) بأنهم ينبغي أن يكونوا أكثر تشددا مع إيران”. وأضاف "الاستراتيجيات التي عُرضت عليه كانت كلها تقريبا تحاول الحفاظ على الاتفاق النووي، لكنها تتناول بشكل أكثر تركيزا القضايا الأخرى".