ترامب مفتاح أردوغان لانضمام أنقرة مجددا إلى صفقة اف 35

توقعات بأن تركز المحادثات الفنية على حل وسط لأزمة المقاتلات الشبح بإعادة دمج جزئي أو تعويضات أو بدائل مثل إف-16 بلوك 70، مع مقترحات لضمان أمن إس-400.
الجمعة 2025/06/27
أنقرة تتمسك بالأمل

أنقرة - أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الخميس، أن بلاده لم تتخل عن مسعاها للحصول على مقاتلات (إف-35) الأميركية، وأنها عبرت عن رغبتها في الانضمام مجددا إلى البرنامج الذي أُخرجت منه بسبب شرائها أنظمة دفاع روسية.

وقال أردوغان إنه يأمل في إحراز تقدم بعد مناقشات أجراها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول هذه القضية في حديثه مع الصحافيين أثناء رحلة العودة من قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي حيث التقى ترامب.

ونقل مكتب أردوغان عنه قوله اليوم "لم نتخل عن طائرات إف-35. نناقش اعتزامنا العودة إلى البرنامج مع نظرائنا".

وأضاف "ناقشنا المسألة في اجتماعنا مع السيد ترامب، وبدأت المحادثات على المستوى الفني. وإن شاء الله سنحرز تقدما".

وتعكس هذه التصريحات إصرار تركيا على استعادة مكانتها في برنامج إف-35، والذي كانت تشارك فيه كشريك تصنيعي ومُشترٍ محتمل لعدد كبير من المقاتلات. بالنسبة لأنقرة، تمثل مقاتلات إف-35 عنصرًا حيويًا لتحديث قواتها الجوية والحفاظ على تفوقها في المنطقة.

وتعود جذور الأزمة بين واشنطن وأنقرة إلى عام 2017، عندما أعلنت تركيا عزمها شراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400 أثارت هذه الخطوة قلقًا بالغًا لدى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، الذين اعتبروا أن هذه الأنظمة الروسية لا تتوافق مع أنظمة الدفاع الغربية، وتشكل تهديدًا أمنيًا على مقاتلات  إف-35 ، لاحتمال قدرة الرادارات الروسية على جمع معلومات استخباراتية حساسة عن الطائرة الشبح.

ورغم التحذيرات الأميركية المتكررة، مضت تركيا قدمًا في صفقة إس-400، ووصلت أولى دفعات الأنظمة الروسية إلى البلاد في يوليو 2019.

وعلى إثر ذلك، قامت واشنطن في عام 2020 بفرض عقوبات على أنقرة بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات واستبعدتها رسميًا من برنامج إف-35، وتضمنت العقوبات حظر إصدار تراخيص التصدير والتحويل لمعدات أو تقنيات عسكرية معينة إلى تركيا.

ودافعت تركيا بدورها عن حقها السيادي في اختيار منظوماتها الدفاعية، وأكدت أن شراء إس-400 كان ضروريًا لتلبية احتياجاتها الأمنية، خاصة بعد رفض الولايات المتحدة بيعها أنظمة باتريوت الدفاعية. كما طالبت أنقرة مرارًا بإعادتها إلى برنامج إف-35 أو تعويضها عن الخسائر التي تكبدتها جراء الاستبعاد، مشيرة إلى أنها استثمرت مبالغ كبيرة في البرنامج وتصنيع مكونات المقاتلة.

ويعوّل الرئيس التركي بشكل كبير على علاقته الشخصية القوية مع دونالد ترامب في أن تحدث تغييرا في هذا الملف. وتُعرف علاقة ترامب بأردوغان بأنها كانت أكثر براغماتية وأقل تشددا من الإدارة الديمقراطية السابقة، وقد أبدى ترامب في السابق تفهمًا جزئيًا للموقف التركي، وإن لم يمنع العقوبات.

ومن المرجح أن تركز المحادثات الفنية التي أشار إليها أردوغان على بلورة حل وسط لهذه الأزمة المعقدة، وقد تتضمن هذه الحلول سعي تركيا لإعادة دمج جزئي يتيح لها العودة إلى جوانب معينة من برنامج إف-35، كالتصنيع، دون أن تحصل على المقاتلات نفسها في المرحلة الأولى، أو ربما تطالب أنقرة بتعويضات مالية أو تقنية مقابل استثماراتها الكبيرة في البرنامج، أو الحصول على طائرات بديلة كطائرات إف-16 بلوك 70، والتي تتطلب موافقة الكونغرس الأميركي عليها.

كما يمكن لتركيا أن تقدم مقترحات عملية لإيجاد حل لمخاوف إس-400، تضمن عدم تشكيل هذه الأنظمة أي تهديد لأمن إف-35، وذلك عبر عدم تفعيلها في مناطق محددة أو تقديم ضمانات فنية موثوقة للولايات المتحدة.

ومع ذلك، لا يزال الطريق أمام عودة تركيا إلى برنامج إف-35 محفوفًا بالتحديات. فالكونغرس الأميركي، الذي يتمتع بنفوذ كبير في قضايا مبيعات الأسلحة، غالبًا ما يتبنى موقفًا أكثر تشدّدًا تجاه تركيا، خاصة فيما يتعلق بصفقة  إس-400، وقضايا حقوق الإنسان. كما أن أي حل يتطلب موافقة من البنتاغون ومن شركاء آخرين في برنامج إف-35، قد لا يكونون متحمسين لإعادة تركيا.

وتعكس تصريحات أردوغان رغبة تركية واضحة في طي صفحة الخلاف بشأن إف-35، لكن طبيعة العلاقة المعقدة بين البلدين وتداخل المصالح الأمنية والسياسية تُبقي هذا الملف في دائرة الترقب، في انتظار ما ستسفر عنه "المحادثات الفنية" المذكورة.