ترامب متفائل بخطة الشرق الأوسط قبل لقاء نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي يناقش في واشنطن المرحلة الثانية من اتفاق هدنة غزة، مع مساعيه لإقناع الرئيس الأميركي بمواصلة الحرب.
الاثنين 2025/02/03
لقاء ترامب نتنياهو: صك على بياض أم جيوب فارغة

واشنطن – أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأحد، أن هناك "تقدما" في المحادثات حول الشرق الأوسط مع إسرائيل ودول أخرى، وذلك قبيل بدء مناقشات في واشنطن بشأن المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال ترامب للصحافيين "المحادثات حول الشرق الأوسط مع إسرائيل ومختلف الدول الأخرى تتقدم. بيبي (بنيامين) نتنياهو سيأتي الثلاثاء، وأعتقد أن لدينا بعض الاجتماعات الكبيرة جدا المقرر عقدها"، في إشارة منه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وبعد نتنياهو، من المقرر أن يستقبل ترامب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في 11 فبراير.

ووصل نتنياهو الأحد إلى العاصمة الأميركية حيث سيصبح أول زعيم أجنبي يستقبله ترامب منذ تنصيبه، في ما يشكل رمزا للتحالف بين البلدين.

ومن المقرر أن يجري نتنياهو محادثات الاثنين في واشنطن مع ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لدونالد ترامب إلى الشرق الأوسط والذي سيتحدث في وقت لاحق من الأسبوع مع رئيس وزراء قطر ومسؤولين مصريين كبار يؤدون دور الوساطة إلى جانب الولايات المتحدة.

وتتزامن هذه الزيارة مع الاستئناف المزمع هذا الأسبوع للمفاوضات التي تجري من خلال وسطاء بين إسرائيل وحماس بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، والتي يفترض أن تؤدي إلى إطلاق سراح آخر الرهائن الذين تحتجزهم الحركة الإسلامية الفلسطينية وإنهاء الحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

وقبل سفره إلى الولايات المتحدة قال نتنياهو الأحد إنه يعتزم بحث "قضايا مهمة" تواجه إسرائيل والشرق الأوسط في اجتماعه مع ترامب في واشنطن، بما في ذلك "الانتصار على حماس".

وأضاف أنه من بين قضايا أخرى سيتم مناقشتها "تحقيق إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين والتعامل مع محور الإرهاب الإيراني بكل مكوناته".

وفي وقت يلتقي فيه نتنياهو وترامب، تقول "فورين بوليسي" في تحليل كتبه كلٌ من دانييل كيرتزر، السفير الأميركي السابق لدى مصر وإسرائيل، وهو يدرّس الدبلوماسية وحل النزاعات في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون، وآرون ديفيد ميلر، زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن كلا منهما يتذكر الأحداث المتوترة التي أحاطت بالأشهر الأخيرة من ولاية ترامب الأولى كرئيس.

فقد فكّر نتنياهو، تحت حث السفير الأميركي آنذاك، في ضم أجزاء من الضفة الغربية، معتقدا أن ذلك يتفق مع ما أُطلق عليها "صفقة القرن" لترامب.

لكن ترامب لم يرغب في أي شيء من ذلك، خاصة في الفترة التي سبقت حملة إعادة انتخابه.

وإضافة إلى ذلك، أشارت المجلة إلى غضب ترامب لاحقا من مكالمة نتنياهو التهنئة لجو بايدن بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020 وعدم رغبته في تبني رواية الأول عن "سرقة الأصوات".

وبغض النظر عن انعدام الثقة، التي تطرقت له "فورين بوليسي"، يحتاج كلٌ من الزعيمين إلى الآخر في الوقت الحالي.

فترامب الذي يصف نفسه بأنه الرئيس الأكثر تأييدا لتل أبيب في تاريخ الولايات المتحدة، ترشح على منصة دعم ثابت لإسرائيل.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، اقترح ترامب "تنظيف" غزة ونقل الفلسطينيين إلى أماكن "أكثر أمانا" مثل مصر أو الأردن، وهو ما أثار احتجاجا دوليا.

وقد ألغى حظر تسليم قنابل تزن 2000 رطل (حوالي 900 كيلوغرام) إلى إسرائيل، خلافا لقرار سلفه الديمقراطي جو بايدن. كما ألغى ترامب عقوبات مالية على مستوطنين إسرائيليين متهمين بممارسة العنف ضد فلسطينيين.

من جانبه، لا يزال نتنياهو يواجه ضغوطا من جميع الأطراف. فهو يخضع للمحاكمة في قضايا فساد، ويتعرض لضغوط من قِبَل ائتلافه اليميني لاستئناف الحرب في غزة.

كما أنه يواجه مطالبة من الأحزاب الدينية في الائتلاف بإعفاء ناخبيها من الخدمة العسكرية، ويتعرض لضغوط من قِبَل عائلات الرهائن لإعطاء الأولوية لإطلاق سراحهم.

ورغم أن الزيارة إلى البيت الأبيض ليست حلا لمحنة نتنياهو، فإنها ستوفر نقطة نقاش في حملة رئيس الوزراء لإثبات أنه لا غنى عنه.

ومع ذلك، ليس كل شيء على ما يرام في عالم ترامب ونتنياهو. فبين الحاجة إلى الحفاظ على ائتلافه اليميني ورغبة الرئيس الأمريكي في تنفيذ وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن، يواجه "بيبي" مهمة تبدو مستحيلة تتمثل في تحقيق التوازن.

فالمرحلة الثانية من الاتفاق تجبر حماس على إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين. وفي المقابل، ستنسحب القوات الإسرائيلية من غزة وتنهي الحرب.

وانسحب حزب يميني بالفعل من الائتلاف احتجاجا على موافقة الكنيست على صفقة وقف إطلاق النار بغزة، وهدد حزب آخر بإسقاطه إذا لم يستأنف نتنياهو الحرب بعد المرحلة الأولى من الاتفاق.

ومن غير الواضح كيف سيجد نتنياهو طريقه للخروج من هذا المأزق.

وفي هذا الصدد، يقول تحليل "فورين بوليسي" إن نتنياهو سيلعب على الوقت، مذكرا ائتلافه بأن الاتفاق ينص على استمرار وقف إطلاق النار إذا استمرت المفاوضات بشأن المرحلة الثانية.

وسوف يُذكر ترامب برسالة التأكيد التي يقول إنه حصل عليها من بايدن - والتي أقرتها إدارة ترامب على ما يبدو - بأنه يمكنه مواصلة الحرب لحرمان حماس من الفوز السياسي.

وقد يسعى نتنياهو إلى الحصول على موافقة ترامب على مواصلة القتال لفترة متفق عليها.

وكان ترامب قد لفت في السابق أنه يريد إنهاء الحروب، وليس البدء فيها أو مواصلتها. وبالتالي، من غير المرجح أن يمنح نتنياهو مساحة كبيرة للمناورة.

ولذلك، لن تكون هناك صكوك على بياض. ولن يستغرق الأمر الكثير حتى يفقد ترامب صبره مع نتنياهو. هكذا يرى التحليل نفسه.

وأشار كلٌ من دانييل كيرتزر، وآرون ديفيد ميلر، إلى أن إنهاء الحرب في غزة مهم بالنسبة لترامب لسبب آخر، وهو أنه "يسعى إلى إحياء احتمالات التوصل إلى اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي".

وكانت السعودية قد أكدت مرارا وتكرارا، أن التطبيع مع إسرائيل ليس مطروحا على الطاولة قبل إيجاد حل لإقامة دولة فلسطينية.

وإيران هي القضية الأخرى التي قد يصطدم فيها ترامب ونتنياهو. فقد تحدث الأخير علانية عن أمله في أن يدعم الأميركيون مهاجمة البرنامج النووي الإيراني.

وفي حين أن ترامب لا يحب الإيرانيين ويبدو مستعدا لزيادة حملته للضغط الأقصى، فليس من المؤكد أنه يريد بدء حرب عندما تتكشف سياساته الداخلية والخارجية الآن.

كما ألمح ترامب بشكل غامض إلى أن اهتمامه الوحيد هو البرنامج النووي الإيراني، مما يشير إلى أنه قد يكون مستعدا للدبلوماسية وليس القوة.

وبالتالي، هناك قضايا قليلة من المرجح أن يتم التوصل فيها إلى اتفاق فوري بين ترامب ونتنياهو، وهي بحسب "فورين بوليسي" كالتالي: مذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن المساعدات العسكرية التي تبلغ مدتها عشر سنوات ستنتهي في عام 2028، وقد يثير نتنياهو هذه المسألة خلال الاجتماع.

ويمكن لترامب أن يعد بسهولة بضمان حصول إسرائيل على الوسائل للدفاع عن نفسها، لكن هجومه على خفض الميزانية يشير إلى أنه سيتردد في الالتزامات الجديدة أو ربما يستخدمها كمصدر للضغط.

من المؤكد أنه يريد استمرار وقف إطلاق النار واتفاقية الرهائن في مرحلتها الثانية، وبالتالي من المرجح أن يخفف من حماس نتنياهو لمواصلة الحرب.

من غير المرجح أن يقيد ترامب أو يفرض شروطا على المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل - تماما كما امتنع بايدن عن القيام بذلك.

لكن عدم القدرة على التنبؤ بترامب يجب أن يقلق رئيس الوزراء الإسرائيلي. فالأول هو الحزب الجمهوري الآن، ولا يستطيع نتنياهو اللجوء إلى تكتيكه المألوف المتمثل في الوصول إلى رأس رئيس الولايات المتحدة للحصول على دعم الكونغرس.

وفي هذا السياق، خلُص التحليل إلى أن نتنياهو سيعود إلى منزله بمظهر جيد، ولكن بجيوب فارغة نسبيا، سواء من حيث الموارد أو الالتزامات.

والمؤكد أيضا، أن الزيارة لن تنتهي بمواجهة مبكرة. ولكن خلف الأبواب المغلقة، ستكون الرسالة واضحة: الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب هي الشريك الأقدم في هذه العلاقة، ومن الحكمة أن لا تعترض تل أبيب على الرئيس.

ويبقى السؤال الذي تطرحه المجلة الأميركية، ما إذا كان "تأثير ترامب" سيخلف التأثير المطلوب على رئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر ولكن المستعد للمخاطرة.