تراكم النفايات في الطبيعة يؤكد شلل الاقتصاد الدائري في الجزائر

الجزائر – تواجه الحكومة الجزائرية تحديا كبيرا يتمثل في وضع خطة متكاملة للتنمية الاقتصادية تشمل الاستثمار في تدوير النفايات، في وقت يرتفع فيه الرهان العالمي على الاقتصاد الأخضر لخلق الثروة والتنمية المستدامة.
وأصبحت النفايات، بمختلف أنواعها، مجالا استثماريا مهما للعديد من الدول والشركات بفضل تقنية إعادة التدوير وإدخال التكنولوجيا في هذا النشاط بعد أن كانت مصدر تلوث بيئي وانبعاث للروائح الكريهة.
لكن البلد العضو في منظمة أوبك يبدو بعيدا عن الاهتمام بهذا المجال حتى الآن جراء السياسات المتبعة على الرغم من أنه مجال مدر للأرباح إذا تم فيه توظيف الاستثمارات على النحو الأمثل وفتح الباب أمام القطاع الخاص.
7 في المئة فقط من النفايات تتم إعادة تدويره من نحو 13.5 مليون طن سنويا
وتؤكد المؤشرات الرسمية أن أكثر من نصف النفايات المنزلية والمخلفات المشابهة في الجزائر ينتهي بها المطاف إلى إلقائها في مكبات برية وما يمثله ذلك من تداعيات مباشرة على البيئة، خصوصا تلوث المياه الجوفية.
وقال رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رضا تير في يونيو الماضي إن “ما بين 55 و60 في المئة من النفايات المنزلية في الجزائر مرمية في مكبات برية، مقابل 35 إلى 40 في المئة مخلفة في مكبات النفايات التقنية”.
وتنتج الجزائر كميات متزايدة من النفايات المنزلية تبلغ نحو 13.5 مليون طن سنويا بسبب التوسع الديمغرافي والتحضر والتنمية الاقتصادية.
وفي ضوء ذلك تزداد كلفة إدارتها على عاتق الحكومة التي أنفقت 67.4 مليار دينار (430 مليون يورو) بين عامي 2002 و2016، نصفها استخدمت لإنشاء مكبات نفايات.
وتظهر الأرقام الرسمية أن الجزائر تضم 228 مكبا للنفايات المنزلية خاضعا للرقابة و23 مركزا للفرز، بينما يملك القطاع الخاص 13 محرقة وسبع منشآت معالجة تقوم بتطهير النفايات الخاصة قبل سحقها.
وقالت سميرة حميدي، العضو في المجلس، لوكالة الصحافة الفرنسية إن “نسبة النفايات المعاد تدويرها تبلغ أقل من 7 في المئة وتلك المحولة إلى سماد أقل من واحد في المئة”.
وأكدت حميدي في الصيف الماضي أن مخلفات المعادن تشكل النسبة الأكبر حيث يصل حجمها سنويا إلى أكثر من 628 ألف طن، ثم تأتي مخلفات مادة الورق بكميات تبلغ قرابة 108.3 ألف طن.
إلا أنه بحسب تقرير حديث لمركز سيدير للبحوث “يمكن تدوير نحو 45 في المئة من النفايات، أو ما يعادل 6.1 مليون طن”.
وتتمثل إحدى الشوائب في التراكم المتزايد للنفايات البلاستيكية، في ظل عدم وجود تشريعات تحظر استخدامها أو تحد منه.
وقالت وزيرة البيئة السابقة دليلة بوجمعة في مارس الماضي إن “الجزائر من أكثر الدول استهلاكا للأكياس البلاستيكية مع حوالي سبعة مليارات في السنة”، موضحة أن “60 إلى 80 في المئة من النفايات البلاستيكية ينتهي بها المطاف في الطبيعة، في البحر والأنهار”.
النفايات، بمختلف أنواعها، أصبحت مجالا استثماريا مهما للعديد من الدول والشركات بفضل تقنية إعادة التدوير وإدخال التكنولوجيا في هذا النشاط
وكما هو الحال في كل بلدان المغرب العربي، يقوم المئات من جامعي القمامة في القطاع غير الرسمي بأعمال جمع وفرز أولي، حيث يعمل في أكبر بلد في أفريقيا 247 مشروعا صغيرا فقط في مجال استرداد النفايات، بحسب مركز سيدير.
وبالكاد يعمل خمسة آلاف شخص في قطاع إعادة التدوير وفقا للوكالة الوطنية للنفايات التي لا تحتسب إلا أرقام القطاع الرسمي.
وفي محاولة خجولة دفعت التحديات البيئية العالمية الحكومة في مارس من العام الماضي إلى إطلاق مبادرة للاستثمار في تدوير النفايات، وذلك في إطار سعيها لتحريك كافة مفاصل الاقتصاد المتعثرة والقطع مع السياسات البالية في إدارة المخلفات.
واعتبر تير في ذلك الوقت أن استثمار النفايات في الجزائر يتوقف على اقتناء التكنولوجيات الملائمة وعلى استعمالها بشكل كبير من خلال تعبئة رؤوس الأموال.
وأوضح أنه لا خيار أمام البلد النفطي سوى إشراك المؤسسات الصناعية المحلية الكبرى في عملية تطوير القطاع ضمن إطار الاقتصاد الدائري.