تراكم أزمات التعليم يقرب وزير التربية الكويتي من المساءلة النيابية

الكويت - أصبح الأداء المضطرب لوزارة التربية والتعليم العالي الكويتية بمثابة نقطة ضعف في حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح يمكن أن تعرّضها للمساءلة النيابية بعد أن بذلت جهودا كبيرة في معالجة القضايا الخلافية وترطيب الأجواء مع نواب البرلمان حفاظا على استقرارها واستمرارها في العمل.
ويدرس عدد من نواب مجلس الأمة الكويتي مساءلة الوزير عادل المانع “بعد تفاقم الغضب والاستياء من أدائه”، بحسب مصادر نيابية مطّلعة.
وفي ظرف أشهر قليلة واجهت العملية التعليمية في الكويت العديد من العثرات بدءا بقرار منع الاختلاط بين الجنسين داخل مقاعد الدراسة الجامعية وما سببه من اضطراب في العودة الجامعية بسبب الاحتجاجات الطلابية على القرار وعدم وجود البنى والإطارات الكافية لتطبيق قرار المنع على عدد من الشعب والتخصصات الدراسية، ومرورا بسوء توزيع الإطار التدريسي على مدارس البلاد ما تسبب بتأخر استئناف الدروس في عدد من المدارس، ووصولا إلى الأزمة القائمة حاليا بسبب قرار مراقبة مدى التزام المدرّسين بالدوام الرسمي باستخدام أجهزة البصمة.
لكنّ ما أثار حفيظة النواب من الوزير عادل المانع هو عدم حضوره مناقشة الميزانية الضخمة لوزارته والتي تتجاوز قيمتها سبعة مليارات دولار أمام لجنة الميزانيات البرلمانية.
وقالت المصادر التي نقلت عنها صحيفة “السياسة” المحلية إن غياب المانع عن الاجتماع الذي عقدته لجنة الميزانيات والحساب الختامي رغم إبلاغه بالموعد من دون اعتذار كرّس شعورا بأن الوزير لا يحترم المجلس.
وكان مقرر اللجنة المذكورة النائب أسامة الزيد قد طالب وزير التربية أو من يمثّل مكتبه بضرورة حضور اجتماعات اللجان البرلمانية. وطالب رئيس الوزراء بأن يقف على هذا الأمر وأن يراجع وزراءه ويقف على أسباب عدم حضورهم للجان البرلمانية.
وأضح أنّ الاجتماع كان مقررا لمناقشة الحساب الختامي لوزارة التربية الذي يعتبر أحد أهم الحسابات الختامية كونه يمثل ثاني أكبر ميزانية في الدولة بعد وزارة الصحة بقيمه تصل إلى 2.2 مليار دينار (7.12 مليار دولار).
ولا تعكس ضخامة المبلغ المخصص للعملية التعليمية في الكويت والذي يعادل ميزانيات بعض الدول الفقيرة حجم العثرات التي تعانيها تلك العملية في مستوى الأداء والمخرجات حيث ما يزال البلد رغم ما يخصصه للتعليم من أموال طائلة يحتاج إلى جلب الكفاءات من الخارج لإدارة الكثير من المؤسسات والمرافق العمومية والخاصّة، بل ما يزال في حاجة إلى المدرسين الأجانب، حيث لا يتمكّن قطاع التعليم حتى من تغطية احتياجاته من الكوادر التعليمية والإدارية.
ضخامة المبلغ المخصص للعملية التعليمية في الكويت والذي يعادل ميزانيات بعض الدول الفقيرة لا تعكس حجم العثرات التي تعانيها تلك العملية في مستوى الأداء
ويرى البعض أنّ عدم التكافؤ الحاد بين المبالغ الضخمة التي تنفقها الدولة الكويتية على التعليم، وضحالة المخرجات الناتجة عن العملية التعليمية، بالإضافة إلى المشاكل والعثرات التي لا تكاد تنقطع في تسيير تلك العملية وإدارتها تحيل إلى وجود سوء تصرّف بالأموال قد يكون من قبيل الإهمال وعدم الكفاءة وقد يكون أيضا من قبيل التلاعب المتعمّد والاختلاس، في ظلّ عملية نهب واسعة النطاق لأموال الدولة يعكسها العدد الكبير من القضايا المثارة ضدّ مسؤولين بالدولة من مختلف المستويات.
وتفجّرت قبل أيام قضية جديدة ذات صلة بالعملية التعليمية في الكويت تتمثّل في سعي السلطات لمراقبة دوام المعلمين باستخدام بصمة اليد. ويواجه القرار الذي يطالب ديوان الخدمة المدنية بتنفيذه رفضا واسعا من قبل موظفي قطاع التعليم فضلا عن عدد من نواب البرلمان الذين يعتبرون أن القرار لا يراعي خصوصية عمل المدرّسين.
وقالت المصادر إن من مآخذ النواب على الوزير المانع والدافعة نحو مساءلته برلمانيا قيامه بتفريغ الوزارة من الكفاءات وإسناد مناصب قيادية لأشخاص يفتقرون إلى أبسط الخبرات المطلوبة، مضيفة أنّ الوزير يسيء استخدام الاستثناءات الممنوحة لمكتبه حيث لا تكاد حركة النُقل والانتدابات تتوقف.
وأوردت أمثلة عملية على ذلك من بينها قرار تعيين مدير مكتب الرقابة والتفتيش ثم العودة بعد فترة قصيرة إلى نقله مديرا للشؤون الإدارية والتعليمية في مكتبه، وقيام الوزير بإلغاء تكليف تسعة من العاملين في المكتبة السرية للوزارة التي تتولى طباعة أسئلة الاختبارات وتكليف آخرين دون مراعاة لعامل الأقدمية والخبرة مع اقتراب مواعيد اختبارات منتصف العام.