تراجع نصيب الفرد من الناتج الإجمالي يختزل الضغوط الاقتصادية على الأردن

تعطي المؤشرات السلبية حول محاولات الحكومة الأردنية إنقاذ البلد من ورطة الجائحة لمحة واضحة عن تقهقر نمو الناتج المحلي الإجمالي، وما تبعه من تداعيات على دخل الفرد بعد تراجعه بشكل لافت ما سيزيد من تعقيد مهمتها جراء بطء الإصلاحات والعراقيل التي تقف أمامها، في ظل تضاؤل هوامش التحرك لإنعاش القطاعات الإنتاجية.
عمان – تتجلى تداعيات الأزمة الاقتصادية للأردن بوضوح في عدة مؤشرات سلبية تتمثل في جانب منها بتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بعيدا عن الأرقام الوردية التي تسوقها الحكومة وأن لديها القدرة على تجاوز مطبات كورونا وشلل النمو.
ولم تشكل أحدث بيانات البنك الدولي بشأن الانخفاض في دخل الفرد الأردني من إجمالي الدخل الإجمالي بنحو مئة دولار تقريبا، مفاجأة للكثير من المحللين بالنظر إلى سوء إدارة الحكومات المتعاقبة لشؤون الاقتصاد.
ويعد البلد أحد نماذج الاقتصاد الهش في المنطقة العربية باعتباره يعتمد على المساعدات الخارجية بشكل مفرط، وتلتهم واردات الطاقة أكثر من ثلثي الموازنة السنوية، ولذلك فإنه شديد التأثر بالأزمات الخارجية وتقلبات الاقتصاد العالمي، ومن الطبيعي أن تبعث المؤسسات المالية الدولية برسائل تحذر من انعدام الأمن المالي للسكان.
وتتزايد ضبابية الخروج من المشكلة في ظل استمرار تعثر جهود السلطات للبحث عن بدائل يمكن عبرها خلق الثروة، خاصة وأن البلد ليست له تقاليد في الزراعة. كما أن قطاعي السياحة والصناعة تأثرا كثيرا بالأزمة الصحية العالمية.
ووفقا البنك الولي، فقد كان متوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي في الأردن نحو 4310 آلاف دولار للعام الماضي، مقارنة مع 4410 آلاف دولار للعام 2019، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر هذا العام حتى مع بعض التقييمات الإيجابية التي تشير إلى أن النمو سيبلغ 2.2 في المئة، بعد أن توقع في تقريره نصف السنوي لربيع 2021 أن ينمو 1.4 في المئة.
وقدم خبراء البنك في تقرير حديث بعنوان “المرصد الاقتصادي للأردن”، نشرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية مقتطفات منه الجمعة، تقييما واسع النطاق للثروة الأردنية خلال الفترة الواقعة ما بين عام 1995 وعام 2018، استنادا إلى منهجية ثروة الأمم التي وضعها البنك الدولي.
وانتهى التقييم إلى أن فجوة نصيب الفرد في الأردن، بالمقارنة مع الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل حسب مستوى الدخل للعام المالي 2021 – 2022، الذي يتراوح بين 4.096 ألف و12.695 ألف دولار سنويا للفرد، آخذة في الاتساع.
ويصنف البنك اقتصادات العالم إلى أربع مجموعات، ذات دخل منخفض، ومتوسط منخفض، ودول متوسطة عليا، ودخل مرتفع.
4310 دولار متوسط الدخل السنوي المواطن الأردني في 2020 بعدما كان عند 4410 في 2019
وبالنظر إلى الصعوبات والتحديات القائمة، يشدد خبراء البنك على حاجة الأردن، الذي يحتل المركز الرابع عربيا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، إلى تنويع محفظة ثروته، وإلى عكس مسار الانخفاض في حصته من رأس المال البشري، وأيضا على حاجته إلى زيادة رأس ماله المنتج.
وقال المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك ساروج كومار جاه “لقد سجل الأردن أداء حسنا في استجابته للأزمة المستمرة للجائحة، من خلال ما اتخذه من إجراءات لتوجيه المساعدات الاجتماعية السريعة للفئات الفقيرة والفئات الأكثر احتياجا من الأردنيين”.
وأضاف “كما أن الحكومة الأردنية استجابت لتقديم الدعم لمؤسسات الأعمال الصغيرة في الوقت المناسب، فضلا عن العمل المتواصل لتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية”.
وبغرض تحقيق الإمكانات الكاملة لجميع الأردنيين، وخاصة النساء والشباب، يرى كومار جاه أن الأردن سيحتاج إلى إيلاء الأولوية للتصدي للتحديات المرتبطة ببعض القطاعات لتحقيق التنمية المنشودة.
وأعلن البنك في وقت سابق أنه يدرس تقديم تمويل إضافي بقيمة 322 مليون دولار، لمشروع التحويلات النقدية الطارئة لأسر وعمال تضرروا من الجائحة في الأردن، ما يرفع إجمالي التمويل الخاص بالمشروع إلى 986 مليون دولار في حال الموافقة على التمويل الجديد.
وفي صيف العام الماضي، وافق البنك على المرحلة الأولى من المشروع البالغة قيمته 374 مليون دولار، لتقديم مساعدات نقدية لنحو 270 ألف أسرة فقيرة في الأردن.
كما وافق في يونيو 2021، على تقديم تمويل إضافي لمشروع التحويلات النقدية بقيمة 290 مليون دولار، بهدف مساعدة أسر وعمال تضرروا من الجائحة، ليرفع بذلك إجمالي قيمة المشروع إلى 664 مليون دولار.
وكانت قيود الإغلاق سببا مباشرا في وصول البطالة في الأردن إلى مستوى عال بلغ نحو 24.8 في المئة خلال نهاية النصف الأول من العام الحالي، ارتفاعا من 19 في المئة فقط قبل تفشيها.
ومع ذلك يرى البنك الدولي أن السياسات المالية العامة والسياسات النقدية للحكومة الأردنية استمرت في لعب دور داعم وحاسم في ذات الوقت، رغم البيئة الصعبة على المستوى العالمي.
فخلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، سجلت الإيرادات المحلية نموا قويا مدعوما بانتعاش ملحوظ في النشاط الاقتصادي وزيادة في الواردات، علاوة على ما تم اتخاذه من إجراءات لتحسين مستوى الإدارة الضريبية.