تراجع حماس إيران للحوار مع السعودية

طهران – تراجع حماس المسؤولين الإيرانيين للحوار مع السعودية بعد أن حرصوا خلال الأشهر الماضية على تسريب أخبار لقاءاتهم مع نظرائهم السعوديين، في وقت يعزو فيه مراقبون هذا التغير في الموقف إلى أن إيران حققت ما تريده من خلال هذا الحوار، وهو إظهار أن السعودية تبحث عن التفاوض معها بشأن قضايا المنطقة بعد أن ظلت لسنوات ترفض مجرد الحديث في الموضوع.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده الاثنين أن المحادثات بين الرياض وطهران لم تشهد تطورا.

سعيد خطيب زاده: لا يوجد تطور في المحادثات، ونريد من السعودية إرادة أكبر
وأضاف في تصريح صحافي “لا يوجد تطور في المحادثات مع السعودية، وننتظر أن نلمس الإرادة لديها”، مشددا على أن بلاده لن تتفاوض مع دول الجوار بشأن الاتفاق النووي.
وجاءت تصريحات خطيب زاده بعد يوم من تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والتي قال فيها إن “محادثات بلاده مع إيران ستستمر، ومن المتوقع إجراء جولة إضافية من المفاوضات قريبا”.
وأضاف وزير الخارجية السعودي في حديث لتلفزيون “فرنسا 24” أن الجولات الأربع السابقة من المحادثات كانت مجرد جولات “استكشافية”، إلا أنها أكدت التزام الجانبين بالتواصل.
وتابع الوزير السعودي قائلا “لدينا تحفظات جدية بشأن المفاوضات النووية الإيرانية، التي من المقرر استئنافها في غضون أسابيع قليلة”.
وربط مراقبون تراجع الحماس الإيراني للحوار مع السعودية بانتخاب الرئيس إبراهيم رئيسي، وهو من التيار المتشدد الذي يمتلك مواقف مسبقة معادية للمملكة، وليس مستعدا لتقديم أي تنازلات في التقارب معها.
ورغم تصريحات قال فيها إنه يدعم “فتح السفارة السعودية لدى طهران” وإن “تعزيز العلاقات مع دول العالم كافة ودول الجوار على رأس أولوياتنا” إلا أن الواقع يظهر أن الموقف الرسمي لطهران بدأ يتغير تجاه الحوار منذ فوزه في انتخابات يونيو الماضي.
وقال المراقبون إن إيران تعاملت مع موضوع الحوار كواجهة لإظهار أن علاقتها بالمحيط الإقليمي ليست سيئة، وذلك بعد أن طرحت خلال مفاوضات الاتفاق النووي مخاوف دول المنطقة من البرنامج الإيراني وضرورة تضمين أي اتفاق شروطا مُلزمة بأن تتوقف طهران عن تهديد الأمن الإقليمي.
ورفض الإيرانيون أي حضور سعودي في مفاوضات الملف النووي، معتبرين أن “الاتفاق النووي مغلق”، وأنّ على “السعودية العودة إلى الحوار الإقليمي”، وهو ما يتناقض مع الهدف الرئيسي للسعودية من فتح الطريق إلى الحوار، أي تحصيل ضمانات دولية للحد من مخاطر النووي الإيراني، وخاصة تقييد طموحات إيران المتعاظمة في مجال التسلّح الصاروخي.
وكان الأمير فيصل بن فرحان قد قال في حوار سابق مع شبكة “سي.أن.أن” الأميركية إنّه “من المنطقي تماما أن نكون جزءا من المشاورات والحوار (حول النووي الإيراني) ونسمع من شركائنا الأوروبيين والأميركيين أنهم يفهمون ضرورة التعامل مع مخاوف دول المنطقة، ويجب أن يكون لدينا دور في تلك المشاورات والمفاوضات”.

واعتبر المراقبون أن الحوار في نظر إيران أقرب إلى الاستعراض الإعلامي والدبلوماسي منه إلى أي تفاهمات يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على قضايا المنطقة، وأن طهران لم يكن هدفها من هذا التقارب سوى كسر المقاطعة الإقليمية الرسمية والشعبية ضدها بسبب سياساتها في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وأشار هؤلاء إلى أن الموقف الإيراني من الحوار بدأ يميل إلى الفتور بعد التطورات الأخيرة في لبنان والموقف السعودي الحازم من حزب الله والطبقة السياسية الحليفة له.
وكانت طهران تراهن على أن التقارب مع الرياض يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على وضع حزب الله في لبنان، وأن السعودية ستراجع موقفها من لبنان وتبدأ بضخ الأموال والاستثمارات وتفتح الطريق أمام عودة السياح، وهو ما يساعد لبنان على الخروج من أزمته ويرفع الحرج عن حزب الله الذي يحمّله شق كبير من اللبنانيين مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحادة.
لكن السعودية استمرت في تشددها تجاه موضوع لبنان وتحول الأمر -بعد تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي- إلى ما يشبه المقاطعة المشددة على لبنان وطبقته السياسية، خاصة أن إيران لم تبد بدورها أي حماس لحلحلة ملفات أخرى مع المملكة، وعلى رأسها ملف اليمن وهجمات المتمردين الحوثيين على مواقع ومنشآت ومدن سعودية.
وينظر السعوديون إلى التفاوض مع إيران على أنه ضروري لإيجاد حل في اليمن، وهي رؤية تستند إلى اقتناع بأن الحوثيين لا يتشددون في الحوارات الجارية المتعلقة بمطالب خاصة بهم، وإنما يندرج تشددهم في سياق أجندة إيران التي يمكنها المساعدة في دفع المتمردين إلى السلام.
وخرجت إلى العلن أخبار اللقاءات السعودية – الإيرانية في العراق منذ أشهر فقط بعد أن أحيطت بسرية كبيرة، لكن إلى حد الآن لم تفض إلى نتائج على أرض الواقع.