تراجع الصادرات يؤكد ضرورة تطوير الاقتصاد الأزرق في تونس

تونس لا تزال بعيدة عن استثمار الموارد السمكية المتاحة بالشكل الأمثل رغم سواحلها الطويلة على المتوسط.
الخميس 2025/02/20
ثروة متروكة

تونس - يعطي تراجع صادرات قطاع الصيد البحري في تونس خلال 2024 تأكيدا على أن الحكومة أمامها الكثير من العمل من أجل تطوير الاقتصاد الأزرق، الذي من المفترض أنه أحد أهم الدعائم التنموية في البلاد.

ولطالما أكد الخبراء أن تونس، التي تمر بأزمة مالية وتضخم مرتفع وخمول في أنشطة الأعمال، لا تزال بعيدة عن استثمار الموارد السمكية المتاحة بالشكل الأمثل رغم سواحلها الطويلة على البحر المتوسط بسبب التأخر في تنفيذ الخطط للنهوض بهذه الصناعة.

ورغم الجهود الحكومية بالشراكة مع الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لجعل هذا المجال أكثر زخما، إلا أن القطاع لا يزال يعاني من العديد من النقائص ويواجه تكاليف أعلى، ناهيك عن استفحال التجارة الموازية وضعف رقابة الأسواق.

وأظهرت بيانات حديثة نشرها المرصد الوطني للفلاحة الأربعاء، أن صادرات منتجات الصيد البحري انخفضت بنهاية العام الماضي بمقدار 1.6 في المئة على أساس سنوي.

وبلغت كمية التصدير حوالي 36.5 ألف طن، محققة إيرادات بقيمة 846 مليون دينار (267.5 مليون دولار)، وهو ارتفاع طفيف جدا بنحو 0.1 في المئة عن العام السابق، وفق إحصائيات المرصد التي أوردتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية.

واحتلت الأسماك المرتبة الأولى من حيث الكميات المصدرة، حسب مجموعات الأصناف بنسبة 46 في المئة، تليها المنتجات المعلبة بنحو 25 في المئة، ثم القشريات بحوالي 23 في المئة.

وتوزعت الصادرات باعتبار قيمة المنتجات على أكثر من 50 سوقا حول العالم، حيث احتلت إيطاليا مركز الصدارة بواقع 27 في المئة، تليها إسبانيا بنحو 17 في المئة، ثم ليبيا بحوالي 12 في المئة.

وبحسب المركز الفني لتربية الأحياء المائية، تضم تونس 10 موانئ للصيد في كل من طبرقة وبنزرت وقليبية وسوسة وطبلبة والمهدية وصفاقس وقابس وجرجيس، تستخرج قرابة 150 ألف طن من الأسماك سنويا.

36.5

ألف طن بقيمة 267.5 مليون دولار تم تصديرها في 2024 بتراجع 1.6 في المئة بمقارنة سنوية

ويشهد قطاع صيد الأسماك تراجعا منذ عام 2011 بسبب تراكم الصعوبات وتراجع الإنتاج وعدم توفر الحلول الجذرية المستدامة رغم الخطوات التي اتخذتها الدولة لتشجيع المستثمرين على بناء مزارع للأسماك. وتكشف تقارير محلية بشكل متواتر أن إنتاج القطاع تراجع بنسبة 4 في المئة خلال السنوات الأخيرة مقارنة بما كان عليه في 2010.

وتتصاعد أصوات من داخل القطاع كل عام مطالبة السلطات بإيجاد حلول مستدامة تتيح لهم مزاولة نشاطهم خلال الراحة السنوية إلى جانب نشاط تربية الأسماك، بالإضافة إلى سنّ قوانين تساعد على مكافحة الصيد العشوائي.

وكانت الحكومة قد أقرت الشهر الماضي حزمة من الإجراءات للنهوض بنشاط الصيد البحري والاستزراع السمكي، منها استكمال إعداد خطة لمكافحة الصّيد العشوائي.

كما تم إقرار خطة لمراجعة التشريعات المنظمة للقطاع، خاصّة القانون المتعلق بممارسة الصيد البحري، ضمن مقاربة شاملة تعزّز الحماية القانونيّة وتدعم المراقبة برا وبحرا وتردع التّجاوزات وتساهم في زيادة زخم القطاع على نحو أكثر انضباطا.

وأقرت السلطات منذ العام 2017 سلسلة من الإجراءات لتطوير القطاع، من أبرزها الاتفاق على إعداد منظومة متوازنة للضمان الاجتماعي لفائدة الصيادين. وعلى الرغم من ذلك بقيت الأمور على ما هي عليه.

وهناك أيضا إستراتيجية عشرية لتنمية القطاع والتي بدأت في عام 2016 وتمتد حتى العام 2026، فضلا عن إستراتيجية بعيدة المدى بحلول عام 2030.

ومنذ سنوات يمر صغار الصيادين، على سبيل المثال، بظروف صعبة نظرا لعدم انتفاعهم بالتأمين الصحي في حال التعرض لحوادث أثناء عملهم، في نشاط يعد واحدا من القطاعات التي تعد وضعية العاملين فيه هشة.

وتشير التقديرات إلى أن نمو القطاع بنسبة واحد في المئة يتيح توفير ما يقارب ألف فرصة عمل جديدة سنويا، ما يعني أن التركيز عليه وتطويره سيساعدان في خفض البطالة التي لا تزال فوق مستوى 15 في المئة.

ويبدو أن اعتماد خطة بعيدة المدى في هذا التوقيت أمر مهم للغاية خاصة وأن السلطات التونسية في حاجة إلى تعبئة المزيد من الموارد للخزينة العامة من قطاعات إستراتيجية.

وفعليا تتعاون تونس مع البنك الدولي الذي أعلن في 2020 عن برنامج خاص لدول المغرب العربي، ضمن برنامج عالمي موسع كان قد اعتمده في العام 2018، لتجسّد حكومات المنطقة خططها على أرض الواقع لتنمية قطاع الصيد البحري خلال العقدين المقبلين.

11