تراجع الزواج والخصوبة يغير تركيبة الأسرة التونسية

تونس - بينت الإحصائيات الرسمية التونسية وجود تغييرات هامة في شتى المجالات المتعلقة بالأسرة، حيث تراجع حجم الأسرة من أكثر من 5 أفراد في منتصف التسعينات إلى أقل من 4 أفراد حاليا أي بمعدل 3.8 فرد.
وقال المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء عدنان لسود في كلمة ألقاها خلال ندوة وطنية نظمتها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن بمناسبة الاحتفاء باليوم العربي لحقوق الإنسان تحت شعار ”الأسرة التونسية: الآليات الوطنية للمرافقة والحماية”، إن معدلات الخصوبة لدى المرأة تراجعت من قرابة 6 أبناء أواسط السبعينات إلى أقل من اثنين حاليا، وارتفع سن الزواج لدى المرأة من 24 سنة في الثمانينات إلى 30 سنة حاليا.
كما بينت الإحصائيات تراجعا في عدد الزيجات من حوالي 110 آلاف سنة 2014 إلى 77 ألف زيجة سنة 2023 وتراجع عدد الولادات من 225 ألف ولادة إلى 160 ألف ولادة في الفترة ذاتها.
ويُؤثّر هذا التراجع بشكل كبير في التركيبة السكّانية بتونس التي تتّجه نحو التهرّم، خاصّة بعد انتهاء مرحلة الانتقال الديمغرافي في 2010.
معدلات الخصوبة لدى المرأة تراجعت من قرابة ستة أبناء أواسط السبعينات إلى أقل من اثنين حاليا
واعتبرت مديرة الإحصائيات الديمغرافية بالمعهد الوطني للإحصاء هدى بوهلال في تصريحات سابقة أن التراجع يعكس وضعية اجتماعية وثقافية واقتصادية وتفكير مجتمع بأكمله، مشيرة إلى أن ذلك مرتبط أكثر بعامل الزواج وسن المرأة المتزوجة.
وقالت في تصريح لإذاعة محلية “لاحظنا مؤخرا انخفاض معدل الزواج إما بسبب الأوضاع الاقتصادية أو الاختيارات الفردية. كما أن الزواج لم يعد من أولويات المرأة، كما تراجع معدل الخصوبة خلال السنوات الأخيرة”. وأضافت أن “هناك عاملا اقتصاديا أيضا يتمثل في أن الطفل أصبح مكلفا وأصبحت هناك ثقافة معينة تم تبنيها في مجتمعنا. وتراجع الولادات يعكس ثقافة تغيرت لدى التونسيين واختيارات وقع تبنيها”.
وتابعت “كل زواج جديد يعني ولادة جديدة إحصائيا، وبالتالي ساهم تراجع عقود الزواج في البلاد في تراجع نسق الولادات مخلفا تأثيرات ديمغرافية على المجتمع، الذي قد يتجه أكثر نحو تهرم السكان خلال السنوات القادمة إذا استمرت معدلات الزواج منخفضة”.
واعتبرت بوهلال أن تحسن الخدمات الصحية وارتفاع أمد الحياة من العوامل التي أثرت بدورها على التركيبة الديمغرافية للمجتمع، حيث ارتفعت نسبة كبار السن مقارنة بنسبة الشباب والأطفال في المجتمع.
وذكر لسود بنتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات الذي أنجزه المعهد سنة 2023 والذي بين أن 90.6 في المئة من النساء الحوامل خضعن لفحوصات طبية، في حين بلغت هذه النسبة 95.3 في المئة سنة 2018.
وتراجعت نسبة إخضاع المواليد لفحوصات طبية مهما كان نوعها من 96.8 في المئة إلى 95.4 في المئة في نفس الفترة، وأظهر المسح أن 6 من 10 مواليد لا يتم إرضاعهم من الثدي خلال الساعة الأولى من الولادة، في حين توصي منظمة الصحة العالمية بضرورة إرضاع الطفل رضاعة طبيعية طيلة 6 أشهر حصرا.
وقال مختصون إن تراجع القيمة الاجتماعية لمؤسسة الزواج ساهم في لجوء الأفراد إلى خيارات بعيدة عن التزامات العائلة والأقارب، حيث أصبحوا يستمدون الاعتراف في المجتمع من سرديتهم الفردية ونجاحهم العلمي والمهني على حساب ما تقدمه مؤسسة الزواج من اعتراف اجتماعي، كما أن تقلص الوصم الاجتماعي لغير المتزوجين خاصة من الرجال ساهم بدوره في تراجع معدلات الزواج.