تراجع أسعار النفط والإنتاج يقلص هامش أرباح أرامكو

الرياض - أعلنت مجموعة أرامكو النفطية السعودية الأحد أن أرباحها الصافية انخفضت بنسبة 24.7 بالمئة في 2023 مقارنة بالعام 2022 الذي سجلت خلاله أرباحا قياسية، وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط والكميات المباعة، فيما تواصل السعودية أكبر مصدّر للخام الأسود خفضا في إنتاجها مستمر حتى يونيو المقبل.
وقالت المجموعة العملاقة، رابع أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، والمملوكة بشكل كبير للدولة في بيان إنّ صافي دخلها وصل إلى 454.7 مليارات ريال سعودي (121.25 مليار دولار) في 2023، مقابل 604.01 مليارات ريال سعودي (161.07 مليار دولار) في 2022.
ونسبت هذا التراجع "في المقام الأول إلى انخفاض أسعار النفط الخام والكميات المباعة وانخفاض أسعار المنتجات المكررة والكيميائية".
وفي بيان نشر على موقع البورصة السعودية (تداول)، أكّدت الشركة أنّ صافي دخلها البالغ 121.25 مليار دولار يعد "ثاني أعلى صافي دخل للشركة على الإطلاق" بعد العام الماضي.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة أمين الناصر في بيان "بحمد الله، أعلنا عن أرباح قوية، وتدفقات نقدية جيدة ومستويات عالية من الربحية في عام 2023 حيث حققنا ثاني أعلى دخل على الإطلاق رغم الصعوبات التي واجهت الاقتصاد العالمي وقد حققنا أيضاً لمساهمينا زيادة بنسبة 30 في المائة على أساس سنوي، في إجمالي توزيعات الأرباح المدفوعة لعام 2023".
لكنّ أرباح 2023 جاءت أقل من أرباح 2022 القياسية التي بلغت 161.1 مليار دولار وهو مستوى قياسي نجم حسب الشركة عن ما سببته الحرب في أوكرانيا من ارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط بلغت عند ذروتها أكثر من 130 دولارًا للبرميل.
وهذا منح المملكة أول فائض في الميزانية السنوية منذ ما يقارب العشر سنوات.
لكن أسعار النقط تراجعت في 2023 إلى 85 دولارا للبرميل، فتراجع على الإثر صافي أرباح أرامكو في الربع الثالث من 2023 بنسبة 23 بالمئة على أساس سنوي، و19.25 بالمئة في الربع الأول و38 بالمئة في الربع الثاني.
والخميس، أعلنت السعودية نقل "حصة إضافية بنسبة 8 في المئة من أسهم أرامكو من ملكية الدولة إلى محافظ شركات مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة"، أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم والذي يقود جهود تنويع الاقتصاد السعودي، وبات يملك 16 بالمئة من أسهم الشركة.
وتمثل هذه الحصة "نحو 164 مليار دولار"، على ما أفادت مسؤولة إعلامية وكالة الصحافة الفرنسية.
وتراجع إنتاج أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم خلال 2023 بعدما أعلنت الرياض في أبريل خفضا قدره 500 ألف برميل يوميا في إطار تحرك مشترك مع تحالف أوبك+ لخفض الإمدادات بأكثر من مليون برميل يوميا في محاولة لدعم الأسعار.
وبدأت هذه الجهود في أكتوبر 2022 عبر خفض الانتاج بمقدار حوالى مليوني برميل.
وفي يوليو، بدأت الرياض تنفيذ خفض طوعي إضافي مقداره مليون برميل يوميا، وهو قرار تم تمديده شهريا. وأعلنت الاسبوع الماضي أنّه سيستمر حتى يونيو المقبل.
ويبلغ إنتاج المملكة راهنا "ما يقارب 9 ملايين برميل يومياً" أي أقل من قدرة المملكة الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل يوميا.
وقالت شركة جدوى للاستثمار ومقرها الرياض في تقرير نشر في أكتوبر إنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الخام الأسود إلى نحو 88 دولارا للبرميل هذا العام لأسباب منها عدم اليقين العالمي الناجم عن الحرب في غزة.
وأوضحت الشركة أنّ الأسعار قد تصل إلى 90 دولارًا للبرميل بحلول عام 2024.
وقال الخبير في قطاع الطاقة المقيم في الإمارات ابراهيم الغيطاني لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ "السعودية تتحمل العبء الأكبر لخفض الإنتاج باعتبارها أكبر منتج داخل التحالف ومنظمة أوبك".
وأضاف "لولا سياسة 'أوبك+' لكانت أسعار النفط دون المستوى الذي نراه اليوم فوق 80 دولاراً للبرميل خصوصاً وسط علامات اضطراب بيئة الاقتصادي العالمي عقب جائحة كورونا والحرب الأوكرانية ثم حرب غزة".
وأشار إلى أنّ "السعودية تحاول التحوط ضد انخفاض أسعار النفط بشكل عام من خلال تنويع محفظة أعمالها، والتركيز على إنتاج الغاز، إلى جانب البتروكيماويات والتوسع الخارجي".
وتمتلك السعودية 82.186 بالمئة من أسهم "أرامكو" التي تعتبر درة تاج الاقتصاد السعودي، وأدرجت في البورصة السعودية في ديسمبر 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29,4 مليار دولار في مقابل بيع 1.7 في المئة من أسهمها.
وتعتمد حكومة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، على عائدات النفط لتمويل خطة إصلاحات اقتصادية واجتماعية طموحة تعرف باسم "رؤية 2030" تهدف لتنويع اقتصاد المملكة المرتهن بالنفط.
وأعلنت أرامكو بشكل مفاجئ في يناير أنها تلقّت توجيهات من وزارة الطاقة بالمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى عند 12 مليون برميل يوميًا والتخلي عن خطة لزيادتها إلى مستوى 13 مليون برميل يوميًا بحلول 2027.
ولم يفسر مسؤولو الشركة العملاقة القرار حينها، لكنّ وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الأخ غير الشقيق لولي العهد، أبلغ مؤتمرا للطاقة أنّ القرار يأتي "لأننا نشهد تحولا".
وأضاف أن ذلك يعني مزيدا من الاستثمارات في أشكال الطاقة الأخرى مثل الغاز والطاقة المتجددة.
وقال الناصر "يوفر التوجيه الأخير من الحكومة بالمحافظة على طاقتنا الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل في اليوم، مزيدا من المرونة إلى جانب فرصة التركيز على زيادة إنتاج الغاز وتنمية أعمالنا في مجال تحويل السوائل إلى كيميائيات".
من جهة أخرى، قال الناصر "إن الوضع في البحر الأحمر مشكلة بالتأكيد، لكن لا نشعر بتأثير على عملائنا بسبب الوضع في البحر الأحمر، ولا تأثير على الكميات"، مشيراً إلى أن هناك طلباً قوياً على النفط من الصين والهند.
وفي أيلول الماضي، أعلنت الشركة عن أول استثمار عالمي لها في قطاع الغاز الطبيعي المُسال، مع استحواذها على حصة أقلية بقيمة 500 مليون دولار في شركة "مد أوشن" للطاقة، التي تديرها شركة الاستثمار الأميركية "إي آي جي".