تذكر أنك شاب

اليوم العالمي للشباب يمكن أن يكون فرصة ليذكّر من هرموا قبل الأوان أنهم يمكن أن يستعيدوا روح المبادرة عبر النحت في صخر التحديات.
الأحد 2024/08/11
نظرة أخرى للمستقبل

أحرّ التهاني وأطيب الأماني للشباب الذين يحتفلون غدا الاثنين بيومهم العالمي تحت شعار "من النقر إلى التقدم: مسارات الشباب الرقمية للتنمية المستدامة"، وهو شعار اختارته الأمم المتحدة انطلاقا من أن التقنيات الرقمية مثل الأجهزة المحمولة، والخدمات، والذكاء الاصطناعي، تعتبر أدوات أساسية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

عندما نتحدث عن الشباب، فنحن نتحدث عن نصف سكان كوكب الأرض ممن تبلغ أعمارهم 30 عاما أو أقل، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 57 في المئة بحلول نهاية عام 2030. هناك شعوب شابة وأغلبها تعاني من الفقر والعوز والتخلف التكنولوجي في أفريقيا المعروفة باسم قارة المستقبل، مقابل مجتمعات ثرية ومتقدمة لكنها متهرّمة كما هو شأن أوروبا التي تحمل عن جدارة لقب القارة العجوز .

في الوطن العربي، يعتبر الشباب الشريحة الأسرع نموا، حيث أن حوالي 60 في المئة من السكان تقل أعمارهم عن 25 عاما، ما يجعله واحدا من أكثر المناطق شبابا في العالم، حيث يبلغ متوسط العمر 22 عاماً مقارنة بمتوسط العالم، الذي يبلغ 28 عاما. ويشكل الشباب من سن 15 إلى 24 نحو 20 في المئة من السكان في مصر والعراق ولبنان وليبيا والمغرب وعمان والسودان وسوريا وتونس واليمن والأردن والجزائر والمملكة العربية السعودية.

نسبة كبيرة من الشباب العربي تعيش حالة التوهان نتيجة فقر الإمكانيات وفشل الحكومات وتفاقم الصراعات واتساع ظاهرة التخلف الفكري والمعرفي والثقافي، وغياب الحلول والبدائل، وعجز الدول عن توفير الرؤى الواضحة للتعامل مع المستقبل وتوفير آليات تساعد الشباب على تكريس دورهم في تحديد مسارات الغد، ورفض الأنظمة الحديدية تمكين الأجيال الصاعدة من ممارسة حقها في المشاركة السياسية والاقتصادية .

هذا الوضع ليس عربيا فقط، قبل أسابيع قليلة كانت هناك مواجهة مفتوحة بين شخصين أحدهما عمره 81 عاما والثاني 78 عاما، وهما يتنافسان على الوصول إلى كرسي الرئاسة في الدولة الأكبر والأقوى في العالم وهي الولايات المتحدة التي ستتوقف عن النمو السكاني بحلول عام 2080، وتدخل مرحلة الانكماش بحلول عام 2100.

تلك المواجهة كانت تشير إلى أن السلطة تكاد تكون حكرا على الكهول والمسنين حتى أن نسبة أعضاء البرلمانات في عالم اليوم ممن تقل أعمارهم عن 30 عاما لا تتجاوز 2.6 في المئة، أما العنصر النسائي فيحتل أقل من 1 في المئة من مجموع النواب في هذه الفئة. الشباب يبقى في غالب الأحيان شعارا يرفعه المسنّون لتلميع ممارساتهم السياسية التي كثيرا ما تبدو مناقضة لمتطلبات العصر.

عموما ، فإن مجرد أن يكون الإنسان شابا فذلك يعني أن هناك أملا يمكن أن يتحقق، ولعل اليوم العالمي للشباب يمكن أن يكون فرصة ليذكّر من هرموا قبل الأوان أنهم يمكن أن يستعيدوا روح المبادرة ليس فقط عبر النحت في صخر التحديات، ولكن عبر النقر كأداة لاختراق جدران الواقع في اتجاه المستقبل الذي يمكن أن يكون أفضل وأجمل وأكمل.

18