تدوينة على إكس تخرج إلى العلن غضب الميليشيات الشيعية من القوات العراقية

بغداد - كشفت اتهامات موجهة للقوات المسلحة العراقية صدرت عن محلّل سياسي مقّرب من ميليشيات الحشد الشعبي والأحزاب ذات الصلة بها وتمّ توقيفه بسببها، جانبا من العلاقة المتوتّرة بين تلك الفصائل والقوات النظامية التي ما تزال توجد داخلها مراكز لممانعة نفوذ الميليشيات ومحاولاتها الاستيلاء على مقدرات تلك القوات والسطو على دورها.
وينتمي الحشد الذي تشكّل سنة 2014 من العشرات من الميليشيات الشيعية للقيام بمهمة محدّدة متمثلة في مواجهة تنظيم داعش قبل أن يتحوّل لاحقا إلى جيش طائفي رديف، بشكل صوري إلى القوات المسلحة العراقية فقط للاستفادة من المقدرات المالية المخصصة لها دون أن يخضع بالفعل لقيادتها، بدليل عدم التزامه بالمواقف الرسمية للدولة، وهو الأمر الذي برز مجدّدا من خلال مواقف قادته والجهات السياسية والإعلامية القريبة منهم من الحرب الإسرائيلية – الإيرانية وانحيازهم إلى صف إيران وصولا إلى اتهام القوات العراقية بالتواطؤ ضدّها على غرار ما ذهب إليه المحلل السياسي المذكور.
وأعلنت السلطات العراقية، الأربعاء، توقيف المحلّل السياسي عباس العرداوي بتهمة ممارسة التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضدّ الأجهزة الأمنية من خلال نشره تدوينة قال فيها إن رادارات قاعدة عسكرية عراقية “قدّمت خدماتها” لإسرائيل خلال ضرباتها لإيران.
وغالبا ما يطلّ العرداوي على الشاشات العراقية لتقديم تحليلات سياسية ويتابعه على منصة إكس أكثر من تسعين ألف حساب ويُعدّ مقرّبا من الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران وكذلك من تحالف الإطار التنسيقي الذي يتمتع بغالبية برلمانية.
وفتحت بغداد الثلاثاء تحقيقا في هجمات ليلية بمسيّرات هجومية على مواقع وقواعد عسكرية عراقية تضرّرت منظومات الرادار في اثنتين منها، بينها معسكر التاجي شمالي بغداد.
وتناقلت حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي في العراق لقطات لمنشور حذفه العرداوي لاحقا من منصة إكس، علّق فيه فجر الثلاثاء على تدمير رادارات معسكر التاجي الذي يضمّ قوات عراقية، معتبرا أن أحد هذه الرادارات “قدّم خدماته للعدوان الإسرائيلي”.
وقالت وزارة الدفاع العراقية الأربعاء في بيان “على خلفية نشره تدوينة تحريضية تعمّد فيها الإساءة والتشهير بالمؤسسة الأمنية، وما ينطوي على ذلك من إضرار بالأمن القومي، جرى صباح اليوم (الأربعاء) تنفيذ مذكرة قبض قضائية بحق الناشط الإعلامي عباس فلاح العرداوي”.
وأكّدت أن “حرية التعبير حق مكفول عملت الحكومة العراقية على حمايته وتعزيز أسسه القانونية، إلا أن هذه الحرية تقف عند حدود الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد”.
وحدثت الهجمات على المواقع العراقية بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن إيران وإسرائيل وافقتا على وقف تام لإطلاق النار للحرب التي استمرت بينهما اثني عشر يوما.
وفيما لم تتبنّ أيّ جهة الهجمات ولم تحدّد السلطات العراقية ولا مسؤولين أمنيين من قام به، أحيا منشور العرداوي الشكوك التي توّجهت للميليشيات الشيعية بأنّها من نفذتها انتقاما من القوات المسلحة العراقية على خلفية ما اعتبره حلفاء إيران في الداخل العراقي تخاذلا رسميا في مساندة طهران خلال الحرب الأخيرة.
ونفى مصدر مقرّب من الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران، لوكالة فرانس برس أن تكون لتلك الفصائل علاقة باستهداف الرادارات في القاعدتَين في وسط العراق وجنوبه.
وفي سياق الهجوم الذي بدأته إسرائيل على إيران في الثالث عشر من يونيو الجاري دعت الحكومة العراقية واشنطن إلى منع الطائرات الإسرائيلية من اختراق الأجواء العراقية وتنفيذ الاعتداءات على الجمهورية الإسلامية.
وأغضب خرق المجال الجوي العراقي الفصائل العراقية الموالية لإيران التي اتهمت القوات الأميركية المنضوية في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، بالسماح به.
وبعد ظهر الثلاثاء، كتب العرداوي على إكس “لا أحد يستطيع أن يشكك بمواقفنا بدعم القوات الأمنية العراقية بكل صنوفها،” موضّحا بالقول “ما نَقَلْتُه سابقا ورد في منصات التلغرام”.
وليست المرّة الأولى التي تظهر فيها إلى العلن العلاقة المتوتّرة بين الميليشيات الشيعية والقوات العراقية إذ سبق أن تجاوز الأمر مجرّد المواقف اللفظية والملاسنات إلى صدامات مسلحة محدودة، وكثيرا ما حدثت بسبب عدم امتثال عناصر تلك المليشيات لأوامر عسكرية أو رفضهم تسليم مطلوبين من بينهم للقوات الأمنية.
كما أنها ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الميليشيات في العراق بعمليات تخريب واعتداءات دون تبنيها بشكل صريح أو نسبتها إلى أسماء وهمية تختبئ وراءها الميليشيات نفسها مثل تسمية “ربع الله” التي سبق أن استخدمتها ميليشيا كتائب حزب الله ونسبت إليها عمليات نفذتها ضدّ القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية.