تخمة المعروض وتراجع الطلب يمتصان لهيب الأسعار في أسواق الغاز

الطلب على الغاز ينخفض عادة مع انتهاء موسم التدفئة، قبل أن يرفع الطقس الحار احتياجات التبريد في وقت لاحق من الصيف.
الثلاثاء 2023/04/18
لا وجهة محددة لبيع الشحنة

لندن – أدت تخمة المعروض في الغاز الطبيعي إلى خفض الأسعار، في ظل ظهور توقعات بحدوث وفرة كبيرة بالوقود في الأسواق الأوروبية والآسيوية، على الأقل خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وظهرت تخمة الغاز في حالات نادرة فقط خلال العام الماضي، بعدما أدت الحرب في أوكرانيا إلى قلب موازين أسواق الطاقة رأسا على عقب، وسارعت أوروبا لتأمين أكبر كم ممكن من مصادر الإمداد البديلة.

لكن في الوقت الحالي تمتلئ المخزونات من كوريا الجنوبية إلى إسبانيا، نتيجة الطقس الشتوي المعتدل في الغالب، والجهود المبذولة لتقليل الاستهلاك.

وتكافح ناقلات مملوءة بالغاز المسال ظهرت كحل مؤقت لاستبدال تدفقات خطوط الأنابيب الروسية التي جرى قطعها للعثور على مشترين الآن، ويمكن أن تقضي أسابيع في البحر وهي هائمة دون وجهة محددة.

تالون كستر: الضغط على الأسعار في الأسابيع القليلة المقبلة سيستمر
تالون كستر: الضغط على الأسعار في الأسابيع القليلة المقبلة سيستمر

وينخفض الطلب على الغاز عادة مع انتهاء موسم التدفئة، قبل أن يرفع الطقس الحار احتياجات التبريد في وقت لاحق من الصيف.

ويذهب الوقود بشكل أساسي إلى مواقع التخزين للتحضير للموسم المقبل، ولكن بنك مورغان ستانلي يتوقع أن تكتمل جهود إعادة التعبئة في أوروبا خلال هذا العام بحلول نهاية أغسطس المقبل.

وقال تالون كستر، محلل الطاقة في بلومبرغ إنتليجنس، “يبدو أن هناك تخمة قصيرة الأجل في الغاز يمكن أن تؤدي إلى استمرار الضغط على الأسعار في الأسابيع القليلة المقبلة، ما قد يؤدي إلى خفض أنواع الوقود المعيارية إلى مستوى أدنى قليلا”.

ورغم انخفاض أسعار الغاز في أوروبا وآسيا مقارنة بأعلى مستوياتها العام الماضي، إلا أنها لا تزال أعلى بكثير من متوسط السنوات العشر الماضية، مما يشير إلى مخاوف محتملة من أن التخمة الحالية ربما تختفي.

ويرى كستر أن الأسعار قد تكون قريبة من أدنى مستوياتها بالفعل، لأن تكاليف الغاز الأرخص قد تحفز طلبا إضافيا.

وانخفضت أسعار الغاز الذي سيتم تسليمه في يوليو 2023 في ذروة موسم إعادة الملء بأسواق أوروبا إلى 48 يورو لكل ميغاواط /ساعة في آخر أيام مارس الماضي من 80 يورو في نهاية العام الماضي، و177 يورو بنهاية الربع الثالث من 2022.

وتتجه الأنظار الآن إلى طقس الصيف القادم، لأن أي حرارة شديدة أو حالات جفاف يمكن أن تزيد استهلاك الغاز لأغراض التبريد.

ومن المتوقع بحلول مستهل الربع الثالث من 2023، أن يبدأ المستوردون في الاستعداد لفصل الشتاء، ما يزيد من حدة المنافسة على شحنات الغاز الطبيعي المسال.

وتقول شركة آر.بي.سي كابيتال ماركتس إن خزانات الغاز في إسبانيا، مركز معظم محطات الغاز في أوروبا، ممتلئة بالفعل بنسبة 85 في المئة، ما يعني أن السوق المحلية يمكن أن تعاني بسرعة من الطاقة الفائضة، ما سيؤثر بدوره على الأسعار الفورية.

أما في فنلندا، فجرى تخفيض فترات استيراد الغاز المسال لموسم الصيف إلى 10 فقط بدلا من 14، ويرجع ذلك جزئيا إلى الانخفاض المتوقع في الطلب.

كما سارعت أوروبا إلى تركيب محطات استيراد الغاز المتنقلة بهدف تقليل الاعتماد على خط الأنابيب الروسي، وتنتظر إضافة المزيد من هذه المحطات خلال العامين الجاري والمقبل.

وكانت صادرات الغاز العالمية قد انتعشت في مارس الماضي إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، ويرجع ذلك إلى تعافي الإنتاج الأميركي. ويرى خبراء في الصناعة أن الإمدادات الإضافية تسهم بدورها في انخفاض الأسعار، في الوقت الذي يكافح فيه المتداولون للعثور على مشترين للشحنات.

85

في المئة نسبة امتلاء محطات الغاز في أوروبا ما يعني أن السوق المحلية يمكن أن تعاني بسرعة من الطاقة الفائضة

وارتفعت صادرات المملكة المتحدة من الغاز إلى أوروبا، حيث تفتقر البلاد إلى مواقع تخزين كبيرة، حيث تستمر الإمدادات بالتدفق بمعدلات قياسية في ذلك الوقت من العام. أما الصين التي تعتبر أكبر مستهلك عالمي للطاقة فقد شهدت عمليات إعادة تصدير قياسية للغاز، وسط انتعاش بطيء بعد إنهاء قيود الإغلاق.

ورصدت شركات تتبع السفن أن بعض الناقلات تحول مسارها بعيدا عن كوريا الجنوبية، وهي مستورد رئيسي آخر للغاز، فيما تعرض اليابان، وهي مشتر كبير، بيع الشحنات لتفادي فائض العرض في الداخل.

وفي خضم ذلك لا يزال الطلب ضعيفا في أسواق أميركا الجنوبية، ويرجح أن يستمر هذا الوضع حتى تطلق الأرجنتين محطة الاستيراد العائمة الثانية في مايو.

ولفت ليو كابوش، المحلل في شركة إنيرجي أسبكتس، إلى أن إطلاق المحطة سيتزامن مع حلول الطقس الأكثر برودة في نصف الكرة الجنوبي. ومع ذلك، فالصيانة السنوية المقررة لمنشآت الغاز من أواخر أبريل حتى الصيف يمكن أن تقيد الإمدادات المفرطة.

ولا تزال هناك مخاطر أخرى أيضا، مثل حدوث المزيد من التخفيضات في عمليات التسليم الروسية أو الانقطاعات غير المتوقعة. يتوقع إلى حد كبير أن يظل المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال محدودا لمدة عامين آخرين. وينعكس ذلك على أسعار العقود الآجلة، والتي سترتفع في الأشهر المقبلة وخاصة في فصل الشتاء، وستظل مرتفعة حتى بداية 2025.

وأشار خبراء المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في مذكرة الأسبوع الماضي إلى أن بالنسبة لهذا العام، سيكون التوازن في سوق الغاز الأوروبية أكثر عرضة للمخاطر مما كان عليه في 2022. وقالوا إن أي انقطاع بسيط في الإمدادات يمكن أن تكون له آثار كبيرة.

11