تخفيض الإنتاج في أكبر حقول النفط الليبية بسبب اعتصامات

مؤسسة النفط الليبية تدعو تجمع حراك فزان إلى فك اعتصامهم مراعاة للمصلحة الوطنية، ومن أجل استقرار الإنتاج وزيادته.
الثلاثاء 2024/08/06
النفط الليبي ورقة ضغط على حكومة الدبيبة

طرابلس - أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط البدء في التخفيض الجزئي للإنتاج من حقل الشرارة بسبب ظروف القوة القاهرة الناجمة عن اعتصامات تجمع حراك فزان، ما يشير إلى أن نذر أزمة في القطاع النفطي في البلاد.  

والشرارة، أحد أكبر حقول النفط في ليبيا، إذ تقارب طاقته الإنتاجية 300 ألف برميل يوميا. وهو هدف متكرر لمحتجين محليين لأسباب سياسية مختلفة.

وناشدت مؤسسة النفط الأطراف المعنية في بيان "ضرورة مراعاة المصلحة الوطنية ودعم جهود المؤسسة الرامية إلى استقرار الإنتاج وزيادته".

وكانت شركة أكاكوس التابعة مباشرة للعمليات النفطية قد أعلنت في وقت سابق وقف عمليات إنتاج النفط الخام من حقل الشرارة اعتبارا من الثالث من أغسطس  الجاري على خلفية ما وصفته التأخر في تنفيذ مطالب حراك فزان الممثل لأهالي الجنوب الليبي.

ونددت حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها الأحد بمحاولات الإغلاق واصفة إياها بكونها "ابتزازا سياسيا".

وقالت الحكومة في بيان إنها "لن تتوانى في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية مصالح شعبنا والدفاع عن حقوقه في الاستفادة من ثروات بلاده"، وذلك بعد أن أغلق محتجون محليون الحقل جزئيا السبت.

ومساء السبت، ذكرت وسائل إعلام محلية، بينها صحيفتا "الوسط" و"فواصل"، أن مجموعة لم تعلن عن نفسها أغلقت حقل الشرارة النفطي جنوب غربي البلاد.
ونسبت تقارير إعلامية الإغلاق إلى "حراك فزان"، وهو حراك مدني يطالب بما يعتبرها حقوق المواطنين في جنوبي ليبيا، وهدد مرارا بغلق الحقل الواقع في نطاقه الجغرافي.

ودون نفي صلته بالأمر، قال رئيس الحراك بشير الشيخ في تصريحات لوكالة "إيطاليا برس" للأنباء أن الحقل أُغلق بأوامر من صدام حفتر، رئيس أركان القوات البرية التابعة للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر ذلك ردا على محاولة اعتقاله في إيطاليا. ولم يتوفر على الفور تعقيب من صدام ولا والده.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الحقل للإغلاق، حيث أقفلت مجموعات من المتظاهرين حقل الشرارة مطلع العام الجاري، مطالبين بتحسين ظروفهم المعيشية، وبناء مصفاة في الجنوب، وصيانة الطرق المتهالكة، ووضع حد لنقص الوقود في جنوب ليبيا.

وتعاني مناطق الجنوب من التهميش الدائم رغم أن بها منابع النفط والغاز والماء وهي ثرية بالمعادن النفيسة، وهناك صراع إقليمي ودولي على بسط النفوذ على ثرواتها الطبيعية ومواقعها الإستراتيجية المهمة كبوابة للصحراء الكبرى ووسط أفريقيا.

ويشكو الجنوب من النشاط الواقع لشبكات تهريب البشر والبضائع، وخاصة تهريب الوقود الذي تجاوز سعره في إقليم فزان 50 ضعفا للسعر الرسمي، علما وأن ليبيا تدعم المحروقات بمختلف أنواعها، حيث يباع لتر البنزين المدعم بسعر 0.15 دينار (0.031 دولار)، ويعد الأرخص في العالم، لكن المناطق النائية تعاني ظاهرة التهريب التي تتسبب في تسرب الوقود إلى دول الجوار أو السوق السوداء.

وجرّاء إغلاق حقل الشرارة النفطي، من المتوقع أن تخسر ليبيا يوميا حوالي ثلث إنتاجها من النفط، كما سيتكبد الاقتصاد الليبي خسائر مالية يومية، إذ ينتج هذا الحقل أكثر من 300 ألف برميل يوميا، هو أحد أكبر مناطق الإنتاج في البلاد. واستهدف على نحو متكرر لأسباب سياسية متنوعة ومطالب من قبل محتجين محليين.

ويقع الحقل في حوض مرزوق في جنوب شرق ليبيا وتديره المؤسسة الوطنية الليبية للنفط عبر شركة أكاكوس مع شركات ريبسول الإسبانية وتوتال الفرنسية وأو.إم.في النمساوية وإكوينور النرويجية.

وسبق أن حذر وزير النفط والغاز الليبي محمد عون من تداعيات إغلاق حقل الشرارة النفطي، مؤكدا أن الشعب الليبي وحده من سيتضرر من ذلك، وقال في بيان رسمي إن إغلاق الحقل سيلحق الضرر بسمعة ليبيا الاقتصادية، ولا ينبغي استخدام النفط كورقة ضغط سياسية على حساب مصلحة الشعب، مردفا أن الإغلاق سيؤدي إلى نقص الوقود والكهرباء، مطالبا جهاز حرس المنشآت النفطية بتأمين الحقول وضمان استمرار الإنتاج.

من جهته، حاول الدبيبة، معالجة مشكلة المحتجين من جذورها عن طريق استقبال عمداء بلديات بالجنوب الليبي، وأبلغهم بزيادة كمية الوقود وإسطوانات الغاز المخصصة لسكان تلك المناطق.

وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في دخلها الأساسي بنسبة تزيد عن 95 في المئة، يذهب أكثرها إلى رواتب الموظفين ودعم المحروقات والسلع والخدمات الأساسية.

وشهد قطاع النفط في ليبيا، منذ انهيار نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، إغلاقات عدة كان أبرزها إغلاق العام الماضي الذي بدأ في أبريل واستمر أكثر من شهر كامل عندما قام أشخاص من الجنوب بإيقاف إنتاج وتصدير النفط بهدف الضغط على حكومة الدبيبة لتسليم السلطة لرئيس الحكومة فتحي باشاغا المعين آنذاك من البرلمان في فبراير 2022.

وتكبدت ليبيا حينها خسائر قدرت بـ60 مليون دولار يوميا جراء تواصل الإغلاقات، أي ما يقارب ضياع نحو 600 ألف برميل من الإنتاج النفطي يوميا، بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط الليبي، في وقت عرفت أسعار النفط انتعاشا غير مسبوق، ولم يخف خبراء النفط بالبلد تخوفهم من الدخول في أزمة طاقة بخاصة أن الدول الأوروبية تعتمد على الإمدادات النفطية الليبية التي كان البلد يطمح إلى رفعها إلى أكثر من 1.20 مليون برميل يوميا (الإنتاج اليومي للنفط قبل إغلاق حقلي الشرارة والفيل).