تخبّط ألماني إزاء ورطة تجميد بيع السلاح للسعودية

برلين - أعلنت ألمانيا، الأربعاء، عن قرارها تمديد وقف تصدير شحنات أسلحة إلى السعودية لبضعة أسابيع بعد أن ينقضي الموعد المحدّد سابقا لانتهاء الحظر في التاسع من مارس الجاري.
ونُظر إلى قرار التمديد باعتباره مظهرا عن مصاعب تواجهها برلين في إقفال الملف الذي تحوّل إلى ورطة لحكومة المستشارة أنجيلا ميركل الخاضعة لضغوط متقابلة من أطراف سياسية داخلية تزايد بملف حقوق الإنسان في إطار المنافسة الحزبية، ومن دول أوروبية تتهم ألمانيا بعرقلة مصالحها وتهديد مكانتها في سوق السلاح العالمي، باعتبار منع بيع السلاح الألماني للسعودية يشمل أسلحة مصنّعة في نطاق شراكة أوروبية، بغض النظر عن حجم المساهمة الألمانية في تصنيع تلك الأسلحة.
وكانت ميركل قد تعهّدت في وقت سابق بالنظر في قضية وقف بيع الأسلحة للسعودية بعد صدور تشكيات بشأنها من قبل كلّ من لندن وباريس الشريكتين لألمانيا في مشاريع تصنيع أسلحة.
وقالت المستشارة الألمانية خلال لقاء سابق جمعها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، إن بلادها توصلت مع شركائها إلى حلول وسط بشأن قضايا خلافية، مضيفة “لا يمكننا أن نؤيد إنشاء جيش أوروبي ونصدّق على ورقة مشتركة، وبعد ذلك نقول إننا غير مستعدّين على الإطلاق لإجراء محادثات عندما يتعلق الأمر بمشاريع مشتركة وعندما يعتمد علينا شركاء”.
وأعلنت الخارجية الألمانية، الأربعاء، أنها ستمدّد وقفا من جانب واحد لشحنات الأسلحة إلى السعودية حتى نهاية مارس الجاري، وهو وقف فرضته بسبب ما قالت إنّها مخاوف بشأن حرب اليمن، وأيضا بسبب تداعيات مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده بإسطنبول.
وتواجه الحكومة الائتلافية بألمانيا ضغوطا متزايدة من بريطانيا وفرنسا، وهما شريكتان لها في مشروعات دفاعية أوروبية تشمل إمدادات عتاد عسكري، لترفع الحظر، وإلاّ خاطرت بالإضرار بمصداقيتها التجارية.
وكانت الحكومة الألمانية قد وافقت في نوفمبر الماضي على حظر مبيعات الأسلحة إلى الرياض مستقبلا، كما وافقت على الإيقاف المؤقت لتسليم أسلحة أبرمت صفقات بشأنها في السابق.
وقال وزير الخارجية هايكو ماس للصحافيين في برلين “قررنا في الحكومة مد حظر التصدير حتى نهاية مارس، واتخذنا هذا القرار وتركيزنا منصبّ على التطورات في اليمن”.
إجراء ألماني يهدد صفقات سلاح كبرى من بينها صفقة قيمتها 13.13 مليار دولار لبيع 48 مقاتلة من طراز يوروفايتر للرياض
وأضاف “لا يقتصر الأمر فحسب على عدم إصدار أي تراخيص حتى نهاية الشهر، لكن لن يتم أيضا تسليم المنتجات التي حصلت على موافقات بالفعل”.
وأحدثت هذه القضية انقساما في صفوف الائتلاف الحاكم في ألمانيا، إذ يحرص الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي ينتمي إليه ماس، وهو الشريك الصغير لحزب المحافظين بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، على تجنب فقد المزيد من أصوات الناخبين الذين يساورهم الشك عموما في ما يتعلق بمبيعات الأسلحة والإنفاق العسكري.
وأدى قرار ألمانيا من جانب واحد وقف كل شحنات العتاد العسكري للسعودية إلى دفع خلافات قديمة بين برلين وشركائها الأوروبيين بشأن قيود الأسلحة إلى نقطة الغليان.
وأثار القرار علامة استفهام حول طلبيات عسكرية بالمليارات من بينها صفقة قيمتها عشرة مليارات جنيه إسترليني (13.13 مليار دولار) لبيع 48 مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون للرياض، ودفع بعض شركات مثل إيرباص إلى استبعاد مكونات ألمانية من بعض منتجاتها.
ويذهب المعترضون على القرار الألماني إلى القول إنه بمثابة تنازل طوعي عن موطئ قدم في سوق عالمية تشتد فيها المنافسة، بحيث يوجد دائما من هو على أهبة الاستعداد للتعويض الفوري وتلبية حاجة أي طرف للسلاح الذي لا يُتاح له اقتناؤه من مصنّع آخر.
وعبّر مصدر حكومي فرنسي عن الغضب من التعاطي الألماني مع موضوع تصدير السلاح بالقول “إنّ مسمارا ألمانيا صغيرا في آلية يسمح برهن بيع سلاح ما”.