تحويلات المغتربين تعزز نمو الاحتياطي النقدي للأردن

تحويلات العاملين في الخارج من أهم روافد الاقتصاد الأردني من العملات الأجنبية إلى جانب قيمة الصادرات السلعية والخدمية.
السبت 2024/08/17
رافد مهم للاقتصاد الأردني

عمّان - ساهمت تحويلات المغتربين الأردنيين منذ بداية العام 2024 في تعزيز مخزون الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي في المملكة، والذي تعول عليه في سداد مشترياتها من الخارج، وأيضا دعم الملاءة المالية للدولة.

وأظهرت البيانات الأولية الصادرة عن المركزي هذا الأسبوع تسجيل حوالات المغتربين تحسنا في أدائها خلال النصف الأول من العام الحالي.

وبحسب البيانات التي أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية زاد تدفق الحوالات خلال الفترة بين يناير ويونيو الماضيين بنسبة 3.6 في المئة لتصل إلى 1.74 مليار دولار.

وبلغت الاحتياطيات الأجنبية لدى المركزي 19.1 مليار دولار حتى نهاية شهر يوليو الماضي، مقارنة مع شهر يونيو السابق له حيث بلغت 18.73 مليار دولار.

وبحسب بيانات البنك، فإن حجم المخزون النقدي يغطي احتياجات البلاد من العملات الأجنبية للمستوردات بأكثر من ثمانية أشهر. كما أظهرت البيانات أن قيمة احتياطيات المركزي من الذهب وصلت إلى رقم قياسي عند 5.76 مليار دولار، و2.390 مليون أونصة.

وتأثرت تحويلات المغتربين، وخاصة الذين يعملون في منطقة الخليج العربي، سلبا منذ هبوط أسعار الخام في 2014، وأيضا بدء فرض ضريبة القيمة المضافة والرسوم على المهاجرين، كما أثرت جائحة كورونا على نمو تلك التدفقات.

ولكن منذ عام 2022 بدأ مستوى التحويلات يتعافى بشكل تدريجي رغم التداعيات التي خلفتها الحرب الروسية – الأوكرانية على الاقتصاد العالمي.

ويعد الأردن من أكثر الدول العربية تصديرا للعمالة المدربة إلى دول الخليج، وهو يحتلّ موقعا راسخا حتى في ظل الأزمات في سلم الوظائف الحكومية والقطاع الخاص في تلك الدول.

وتشير الدراسات إلى أن نسبة الأردنيين المغتربين تقدر بنحو 10.5 في المئة من مجمل المواطنين وبمجموع يقدر بحوالي 786 ألف مغترب، يقطن حوالي ثلثهم في السعودية، وتليها دولة الإمارات، ثم الولايات المتحدة، ثم الكويت وقطر وبقية دول العالم.

وتؤكد بعض المعطيات أن قرابة 80 في المئة من المغتربين الأردنيين يتواجدون في دول الخليج العربي، و11 بالمئة في الولايات المتحدة وكندا و4.3 بالمئة في أوروبا ونحو 3 بالمئة في باقي الدول العربية.

وتحويلات العاملين في الخارج من أهم روافد الاقتصاد الأردني من العملات الأجنبية، إلى جانب قيمة الصادرات السلعية والخدمية، والمنح والقروض والمساعدات الخارجية.

ففضلا عن أن أموال المغتربين تساعد في تغذية الاحتياطي النقدي، تعول سوق العقارات الأردنية كثيرا على المغتربين لزيادة صفقات البيع والشراء، رغم ارتفاع الأسعار والتكاليف الباهظة على عمليات الإقراض.

وتؤثر تلك الأموال إيجابا على الائتمان الممنوح للقطاع الخاص وعلى الودائع في البنوك سواء كانت بالعملات المحلية أو الأجنبية.

وعلى الجانب الآخر، وبسبب ازدياد دخل المواطنين، تزداد قدرتهم الشرائية وبالتالي تؤثر الحوالات على زيادة الطلب على السلع والخدمات بشكل عام وعلى السلع المستوردة بشكل خاص، والذي بدوره يؤدي إلى زيادة العجز في الميزان التجاري.

ويخوض الأردن منذ أشهر معركة لإغراء المغتربين بالاستثمار في السوق المحلية من خلال محاولة تقديم صورة وردية لبيئة الأعمال التي يتيحها قانون الاستثمار الجديد وبالتأكيد على أن الاقتصاد يتلمس طريقه للانتعاش مع المضي في سياسة الإصلاح.

ويحتاج البلد من أجل إنعاش اقتصاده إلى استثمارات نوعية في قطاعات حيوية مثل قطاع الطاقة النظيفة والاقتصاد الدائري وصناعة المنتجات الموجهة للتصدير، حتى يحقق مكسبين مهمين هما توفير العملة الصعبة ودعم سوق العمل.

وفتحت العملية الإصلاحية الجارية في الأردن باب الأمل بالنسبة إلى الآلاف من المغتربين لتمكينهم من حوافز وإغراءات، بعد عقود طويلة من التهميش.

ويقول خبراء إن السلطات مقتنعة بالدور الذي قد يقوم به المغتربون لدفع عجلة نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لاسيما في ظل الظروف العالمية التي أثرت على اقتصاد معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتبدو هذه المحاولة شبيهة بمحاولات أخرى تقوم بها حكومات دول عربية مثل مصر والسودان وتونس والمغرب وحتى لبنان، الذي يمر بأحلك أزمة اقتصادية على الإطلاق، لجعل المغتربين يساهمون ليس فقط بالتحويلات المالية، بل عبر إطلاق مشاريعهم الخاصة أيضا.

10