تحول مصري في توجهات الخصخصة بسبب أزمة العملة

بيع 7 فنادق تاريخية والسماح لمجموعة طلعت مصطفى بالسيطرة عليها.
السبت 2023/12/23
ألو.. متى تحولون مبلغ الصفقة؟

شكل إعلان القاهرة عن استحواذ مجموعة طلعت مصطفى القابضة على فنادق تاريخية تحولا في إستراتيجية الخصخصة، كونه يسمح بتملك النسبة الأكبر، مما ينعكس على عمليات بيع الأصول الفترة المقبلة، بعدما كانت الحكومة تتمسك باحتفاظها بحصة الأغلبية.

القاهرة - خطت الحكومة المصرية خطوة كبيرة على طريق تنفيذ أهدافها الطموحة لتفعيل وثيقة سياسة ملكية الدولة والبدء في تسريع برنامج الطروحات الذي سيصبح في غضون سنوات قليلة أحد الأعمدة الرئيسية لنمو الناتج المحلي.

جاء ذلك عقب إعلان مجموعة طلعت مصطفى القابضة أن ذراعها الفندقية آيكون وقعت الاتفاقيات النهائية للاستحواذ على حصة 39 في المئة مع حقوق إدارة كاملة.

ويتوقع أن تصل الحصة إلى 51 في المئة خلال فترة زمنية قريبة في شركة ليجاسي للفنادق المالكة لنحو 7 فنادق تاريخية في مصر، طبقا للبرنامج الزمني للعقد المبرم.

ودشن صندوق مصر الفرعي للسياحة والاستثمار العقاري التابع للصندوق السيادي ولشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (إيجوث) الخطوة من أجل إتمام الصفقة التي تغير ملامح برنامج بيع بعض أصول الدولة في مصر.

محمد النجار: التخلي عن التشدد في الخصخصة يفسح المجال للمستثمرين
محمد النجار: التخلي عن التشدد في الخصخصة يفسح المجال للمستثمرين

وأصبحت مجموعة طلعت مصطفى تمتلك فنادق شتيغنبرغر سيسيل الإسكندرية وكتراكت أسوان وموفنبيك أسوان وسوفيتيل ونتر وبالاس الأقصر وشتيغنبرغر التحرير وماريوت مينا هاوس وماريوت عمر الخيام الزمالك.

وجرت الصفقة عبر آلية تمويلية لزيادة رأس المال وضخ استثمارات بالعملة الأجنبية بقيمة 800 مليون دولار، وهذه الفنادق كانت مملوكة سابقا لشركة إيجوث.

وفي أحدث تحول في إستراتيجية الخصخصة وبرنامج الطروحات، سمحت الحكومة للقطاع الخاص بتملك الحصة الحاكمة (51 في المائة) أو السيطرة على الشركات التابعة للدولة.

وكانت في البداية قد استهدفت بيع ما بين 25 إلى 30 في المئة من ملكية الأصول فقط عقب الإعلان عن الشركات المستهدفة في برنامج الطروحات الحالي منذ عام تقريبا.

وتسعى الحكومة عبر البرنامج إلى حل أزمة شح الدولار، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمار المؤسسي، وتحسين بيئة الأعمال، وإعادة هيكلة بعض الأصول المملوكة للدولة.

ومن المتوقع أن تغلب خطة التحول في إستراتيجية الحكومة في مسار الخصخصة على معظم القطاعات المطروحة للبيع.

وربما تبرر تنازلها عن السيطرة على الشركات بأن القطاع الخاص يملك قدرة على الإدارة الناجحة لقطاعات مثل السياحة والفنادق، ومن ثم قد تتغير اللهجة عند الحديث عن مجالات لديها فنادق تاريخية لتبرير بيعها.

وقال المحلل الاقتصادي محمد النجار إن “صفقة بيع الفنادق جزء من برنامج تخارج الحكومة من إدارة الأصول، وعملية البيع ليست هي المأمولة”.

وشرح أنها ستتم بالدولار بينما مجموعة طلعت مصطفى شركة مصرية والعملة الأجنبية التي تملكها في معظمها من داخل مصر، ولم تأت من الخارج.

وأضاف لـ”العرب” أن “المستثمر الأجنبي هو الأفضل في الحالة المصرية لجذب الدولار، ومع وجود مساهمين أجانب في مجموعة طلعت مصطفى يمكن تمويل جزء من الصفقة من خلالهم، لكن ذلك لم يتضح بعد عمليا”.

القاهرة تريد تنفيذ مطالب صندوق النقد الدولي لتلقي دعم جديد

وتأخرت القاهرة في التخارج من كيانات تابعة لها، حيث تعطل تفعيل برنامج الطروحات منذ بدء الإعلان عنه قبل نحو سبعة أعوام، ولم يشهد زخما حتى تفاقمت أزمة شح العملات الأجنبية وإعلان السلطات طرح 32 شركة للبيع منذ عام.

وتسبب الانخفاض الكبير في سعر الجنيه واحتدام السوق الموازية في تدهور قيمة الأصول المحلية، ويبرهن على ذلك حصة الحكومة الممثلة في ملكية المصرية للاتصالات (وي) نسبة في شركة فودافون – مصر.

وتلقت “وي” عرضا من شركة الاتصالات السعودية أس.تي.سي في عام 2020 للاستحواذ على حصتها في فودافون بنحو 4 مليارات دولار.

لكن نفس الحصة يطلب صندوق قطر السيادي شراءها حاليا بنحو مليار دولار، مما يؤكد تباطؤ الحكومة في عمليات الإصلاح الاقتصادي أو الهيكلي.

وذكر النجار أن السلطات تتخلى عن أيّ تشدد عند بيع الشركات وتترك المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص، سوى في بعض المجالات مثل الطرق أو السلع الإستراتيجية التي تتم بالشراكة، لكن بنسبة غير مسيطرة يتم الاتفاق عليها.

وتهدف مجموعة طلعت مصطفى إلى تطوير وتحديث محفظة الفنادق الفريدة مع الحفاظ على طابعها التاريخي كي تتماشى مع المشاريع الفندقية الحالية وإيجاد قيمة مضافة للمساهمين.

وسيبلغ عدد فنادق آيكون 15 مما يزيد من عدد غرفها الفندقية لتصل إلى نحو 5 آلاف، بما في ذلك المشاريع قيد التطوير والإنشاء.

وتحوم شكوك حول بدء عمليات التطوير على الأجل القصير، لأن حصيلة البيع الحالية توجه إلى خزينة الدولة ولن يتم ضخها في الشركة الجديدة التي أسستها الحكومة بالشراكة مع المجموعة.

ويمكن إجراء عمليات التطوير حال ضخت الشركة استثمارات جديدة منفردة في رأسمال ليجاسي أو تلقت قروضا بغرض التطوير، ومن المتوقع زيادة رأس المال في مرحلة لاحقة وتوفير السيولة اللازمة للتحديث.

نادي عزام: الخطوة تشكل نجاحا ويصعب بيع المباني التاريخية للأجانب
نادي عزام: الخطوة تشكل نجاحا ويصعب بيع المباني التاريخية للأجانب

وتعظم الصفقة أنشطة مجموعة طلعت مصطفى على المدى المتوسط، إذ ستتحكم بشكل كبير في قطاع الفنادق بمصر، ما يعزز مواردها من العملات الأجنبية ويوفر سيولة إضافية لتوزيعات الأرباح على المساهمين، مع وجود فرصة مستقبلية لإعادة الاستثمار في الأصول.

وأكد الخبير الاقتصادي نادي عزام أن خطوة الحكومة لبيع الفنادق التاريخية لشركة مصرية موفقة للحفاظ على الطابع والتراث المصري، وقد يكون نجاح المفاوضات بدعم من جهات محلية خوفًا من سيطرة جنسيات على قطاع حيوي مثل الفنادق.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن الصفقة ضمن خطة الخصخصة وهي استثمار أجنبي مباشر، لأنه يشارك فيها مستثمرون أجانب أيضًا عبر مجموعة طلعت مصطفى، وربما يتم ضخ استثمارات جديدة لسرعة جني العوائد.

ولفت عزام إلى أن الصفقة تعيد رسم قطاع السياحة والفنادق بالبلاد، وتفتح فرصا جديدة للتطوير، وهي تمثل عائدا كبيرا للمجموعة والحكومة، لكن لا تدخل في نطاق احتكار القطاع، لأن الحكومة مشاركة في الصفقة.

وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي هذا الأسبوع إن “الحكومة أنجزت صفقات بنحو 5.6 مليار دولار ضمن برنامج الطروحات في خضم تحديات بالغة الصعوبة”.

وتم الانتهاء من 14 شركة، وإجراء دراسات أولية لنحو 50 شركة من الشركات التابعة للدولة ستدخل ضمن البرنامج، تضاف إلى الـ32 شركة التي تم الإعلان عنها سابقا.

وسيتم ذلك بالتشاور مع مؤسسة التمويل الدولية، وهي المستشار الإستراتيجي للحكومة في عملية تنفيذ برنامج الطروحات.

وتريد القاهرة تنفيذ مطالب صندوق النقد الدولي لتلقي دعم جديد الفترة المقبلة، وهناك نقاش حول آليات سيجري التعامل بها، لكن ثمة تواصل لم ينقطع، وهو ما أكده مسؤولون في المُقرض الدولي باستمرار.

11