تحول سلم نقابة الصحافيين إلى منبر "للفوضى والسياسة" يثير الجدل في مصر

القاهرة - أثار عبدالرؤوف خليفة، وكيل نقابة الصحافيين عضو هيئة المكتب، مسألة تحويل سلم النقابة إلى منصة للمظاهرات السياسية، وهي الظاهرة التي أثارت جدلا واسعا بين الصحافيين في مناسبات عدة.
وتقدم خليفة بمذكرة إلى نقيب الصحافيين خالد البلشي للمطالبة بوقف هذه المظاهرات، معتبرا أن سلم النقابة “أصبح مستباحاً تعتليه وجوه عابثة تحركها دوافع مشبوهة تحاول خلط الأوراق ونشر مناخ الزيف والتضليل وتصوير المواقف في ثياب المدافعين عن الحرية، بينما الحقيقة تطوى في ثنايا تنفيذ أجندات تنسج خيوط أحداثها، أصابع تختفي خلف هؤلاء وتستخدمهم وقوداً للفوضى.”
وأضاف في المذكرة “ليس من المنطقي في شيء التزام الصمت تجاه توظيف سلم النقابة كمنصة مستباحة لكل فكر ضال يجهل معنى الحرية وحدودها ووقت العمل بها ووجوب توافقها مع القيم الأخلاقية والدستور، لا علاقة بأدبيات مهنة، نقابة الصحافيين ولا تنتظم من أجل النهوض بالصحافة وتحسين أحوال الصحافيين، وإنما أرادت استغلال النقابة لتكون منبع إشعال الفوضى وهدم مكتسبات الدولة باستقرار لا تحقق بشق الأنفس نتيجة تضحيات عظيمة من شهداء عظام بالجيش والشرطة ثمناً لوطن آمن، اتفاقه الله لا يخسر أبداً.”
واعتبر خليفة أن “ما يحدث فوق سلم نقابة الصحافيين أصبح مصدراً للفوضى والتآمر على استقرار مصر وتنفيذ أجندات مشبوهة وتضليل وتزييف للحقائق والانزلاق بالنقابة إلى حافة معترك يشكل خطورة على أداء رسالة أصيلة يتعين الوفاء بها أمام أعضاء الجمعية العمومية.”
وتعمل نقابة الصحافيين بجانب عدد من الهيئات المنوط بها تنظيم قطاع الصحافة والإعلام بحسب القانون، وهي الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أعلى جهة رقابية معنية بالصحافة والإعلام في مصر. كذلك تتولى الهيئة العامة للاستعلامات مسؤولية التواصل مع الإعلام الأجنبي واستخراج التصاريح اللازمة للمراسلين الأجانب.
وبالرغم من أن النقابة يفترض فيها أن تكون جهة مستقلة عن مؤسسات الدولة تدافع عن حقوق الصحافيين ومصالحهم، إلا أنها تمارس دوراً رقابيًا مكمّلاً لدور الدولة على أرض الواقع، وكثيرا ما اتخذت مواقف معارضة ضد سياسات وقرارات حكومية وفتحت نقاشا واسعا بشأن دورها الحقيقي.
كما تحولت النقابة إلى ناشط سياسي في القضايا العربية، وتحركت بالفعل لتشكيل قافلة إغاثة شعبية عالمية منعتها السلطات المصرية، وعادت سلالمها الشهيرة لاحتضان المظاهرات الداعمة لغزة ومقاومتها، كما استضاف البلشي في مكتبه بعض قيادات حركة حماس خلال إحدى زياراتهم لمصر وهو ما أثار موجة جدل واسعة.
وعادة ما يشتد الاستقطاب السياسي في فترة انتخابات النقابة التي جرت مؤخرا، ففي معظم الانتخابات التي أجريت في نقابة الصحافيين المصريين خلال السنوات الماضية، تم تغليب الاعتبارات السياسية على نظيرتها المهنية.
وفاز في مايو الماضي اليساري خالد البلشي نقيبا للصحافيين لفترة ثانية بعد منافسة صعبة مع عبدالمحسن سلامة الذي يعتبر مرشح السلطة وقد شغل في السابق منصبي نقيب الصحافيين ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الحكومية.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات النقابة أعلنت فوز البلشي بمنصب النقيب لفترة جديدة مدتها عامان بعد حصوله على 3346 صوتا، أو 55 في المئة تقريبا من الأصوات الصحيحة، مقابل 2562 صوتا لسلامة.
واختير البلشي، وهو من المعروفين بدفاعهم عن حرية الصحافيين والنشر ورفض حبسهم لأسباب تتعلق بالنشر أو بمواقفهم السياسية، نقيبا للمرة الأولى في مارس 2023، متفوقا على خالد ميري الذي كان يشغل آنذاك رئاسة تحرير جريدة الأخبار الحكومية.
بالرغم من أن النقابة يفترض فيها أن تكون جهة مستقلة عن مؤسسات الدولة تدافع عن حقوق الصحافيين ومصالحهم، إلا أنها تمارس دوراً رقابيًا مكمّلاً لدور الدولة على أرض الواقع
وقبل انتخابه نقيبا، كان البلشي يتولى رئاسة تحرير موقع “درب” الإلكتروني الذي كان من بين عشرات المواقع التي طالها الحجب في مصر عام 2020. ويؤكد البلشي على أن توجهه اليساري لا يؤثر على إدارته لمجلس النقابة، ويشدد على أنه نقيب لكل الصحافيين بمختلف انتماءاتهم.
وتعهد البلشي بمواصلة العمل على تحسين أوضاع الصحفيين وتطوير المهنة والتشريعات المتعلقة بها، فضلا عن مواصلة المساعي الرامية إلى إطلاق سراح المحبوسين بتهم “نشر أخبار كاذبة”، وهي تهمة يقول حقوقيون إنها تستخدم ذريعة لاستهداف منتقدي سياسات الحكومة من الصحافيين وغيرهم.
وسبق التحقيق مع البلشي بنفس التهمة في 2022 بعد بلاغات ضده بسبب منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، وأخلت النيابة سبيله بعد استجوابه.
وتنفي الحكومة وجود سجناء رأي وتقول إن هؤلاء الصحافيين محبوسون في قضايا جنائية.
وأظهرت لقطات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي البلشي وهو يحتفل مع أنصاره داخل النقابة بعد إعلان فوزه.
وبحسب مقطع فيديو على فيسبوك، قال البلشي فور إعلان فوزه “عاشت وحدة الصحافيين، عاشت الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين، عاشت حرية الصحافة، عاشت الصحافة حرة” ووجه الشكر لمنافسه سلامة.