تحشيد تركي على الحدود مع سوريا وسط تحذير من توغل جديد

واشنطن – قال مسؤول أميركي إن عملية تركية على الحدود مع سوريا "قد تكون وشيكة" وفق تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الثلاثاء، فيما وجه مسؤولون أكراد نداء استغاثة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للضغط على أنقرة لتجنب الغزو.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى قولهم إن تركيا وحلفاءها من الجماعات المسلحة يحشدون قوات على طول الحدود مع سوريا، ما يثير مخاوف من أن أنقرة تستعد لتوغل واسع النطاق في الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد السوريون المدعومون من الولايات المتحدة.
ولفتوا إلى أن القوات تضم مقاتلين من الميليشيات وقوات كوماندوز تركية ومدفعية بأعداد كبيرة تتركز بالقرب من عين العرب (كوباني)، وهي مدينة ذات أغلبية كردية في سوريا على الحدود الشمالية مع تركيا.
وبحسب الصحيفة فإن الحشد العسكري، الذي بدأ بعد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد في أوائل ديسمبر، مماثل للتحركات العسكرية التركية قبل غزوها لشمال شرق سوريا عام 2019. وقال مسؤول أميركي آخر "نحن نركز على ذلك ونضغط من أجل ضبط النفس".
وقالت إلهام أحمد، المسؤولة في الإدارة المدنية للأكراد السوريين، للرئيس المنتخب دونالد ترامب الاثنين إن العملية العسكرية التركية تبدو محتملة، وحثته على الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعدم إرسال قوات عبر الحدود.
وكتبت أحمد إلى ترامب في رسالة "هدف تركيا هو إقامة سيطرة فعلية على أرضنا قبل توليك منصبك، وإجبارك على التعامل معهم كحكام لأراضينا". "إذا مضت تركيا في غزوها، فستكون العواقب كارثية".
ولم يستجب المتحدث باسم السفارة التركية في واشنطن على الفور لطلبات التعليق للصحيفة.
ووفق التقرير فقد ترك التهديد من تركيا قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الأكراد، والتي انضمت إلى القوات الأميركية في شمال شرق سوريا لمطاردة بقايا تنظيم الدولة الإسلامية، في موقف ضعيف قبل أسابيع من مغادرة إدارة بايدن لمنصبها.
وسافر وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى تركيا الأسبوع الماضي لمناقشة مستقبل سوريا مع أردوغان والسعي للحصول على تأكيدات بأن أنقرة ستحد من العمليات ضد المقاتلين الأكراد.
لكن محادثات وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين الأكراد السوريين والمتمردين المدعومين من تركيا في عين العرب (كوباني) انهارت الاثنين دون اتفاق، وفقا لمتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية.
وقال فرهاد شامي مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة من واشنطن الاثنين إن جهود الوساطة الأميركية فشلت في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار مع المعارضة في مدينتي منبج وعين العرب شمال البلاد.
وأنحى شامي باللائمة في انهيار الوساطة على "النهج التركي في التعاطي مع جهود الوساطة والمراوغة في قبول نقاطها الأساسية".
وقال مصدر في المعارضة السورية لرويترز إن الأتراك غير راضين عن اتفاق وقف إطلاق النار، وإن أنقرة تفضل مواصلة الضغط على قوات سوريا الديمقراطية.
وقال المتحدث إن قوات سوريا الديمقراطية تشهد الآن "حشودًا عسكرية كبيرة" شرق وغرب المدينة.
وكتبت إلهام أحمد إلى ترامب "من عبر الحدود، يمكننا بالفعل رؤية القوات التركية تتجمع، ويعيش مدنيونا تحت خوف دائم من الموت والدمار الوشيك".
وبحسب التقرير فإن الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد من قبل الجماعات المتمردة بقيادة هيئة تحرير الشام، والتي كانت تابعة لتنظيم القاعدة، تركت مستقبل البلاد في حالة من عدم اليقين وأشعلت شرارة القتال المتجدد بين الأكراد السوريين والجماعات المتمردة المدعومة من تركيا.
وأدى سقوط الأسد إلى تكثيف العمليات التركية ضد قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المحظور.
وألمح ترامب الاثنين إلى أن تركيا دبرت استيلاء هيئة تحرير الشام على سوريا، وقال للصحافيين في مقر إقامته في فلوريدا إن "تركيا قامت بعملية استيلاء غير ودية دون خسارة الكثير من الأرواح".
وقال ترامب "في الوقت الحالي، هناك الكثير من الأمور غير المحددة في سوريا... أعتقد أن تركيا ستكون لها السيطرة".
وحذرت أحمد ترامب من أن الغزو التركي من شأنه أن يؤدي إلى تهجير أكثر من 200 ألف مدني كردي في كوباني وحدها، إلى جانب العديد من المجتمعات المسيحية.
وخلال فترة ولايته الأولى، سحب ترامب جزئيا القوات الأميركية من شمال شرق سوريا، مما مهد الطريق لغزو تركي واسع النطاق أسفر عن مقتل ونزوح مئات الآلاف من السوريين. وساعدت إدارة ترامب في النهاية في التوسط في وقف إطلاق النار مقابل تنازل الأكراد عن أميال من الأراضي الحدودية للأتراك.
وعلى الرغم من أن ترامب لن يتولى منصبه من الرئيس بايدن حتى 20 يناير، حثت أحمد الرئيس المنتخب على استخدام "نهجه الفريد في الدبلوماسية" لإقناع أردوغان بوقف أي عملية مخطط لها. وأشارت إلى اجتماع سابق مع ترامب، مذكّرة إياه بأن الرئيس آنذاك وعد "بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن الأكراد".
وكتبت أحمد "نعتقد أنك تمتلك القوة لمنع هذه الكارثة. لقد استمع أردوغان إليك من قبل، ونحن نثق في أنه سيستجيب لدعوتك مرة أخرى". "إن قيادتك الحاسمة قادرة على وقف هذا الغزو والحفاظ على كرامة وسلامة أولئك الذين وقفوا كحلفاء ثابتين في النضال من أجل السلام والأمن".
وتجري واشنطن وأنقرة محادثات منذ الإطاحة بالأسد بشأن مكافحة أي ظهور جديد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وتبقي واشنطن ما يقدر بنحو 900 من قواتها في شرق سوريا في إطار محاربة التنظيم.
وعند سؤال ترامب عما سيفعله بخصوص هذه القوات، لم تكن الإجابة واضحة وأشار بدلا من ذلك إلى قوة الجيش التركي وسلط الضوء على علاقته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال ترامب "أردوغان شخص أنا على وفاق كبير معه ... لقد أسس جيشا قويا للغاية".
وأضاف ترامب "كانوا يريدونها منذ آلاف السنين، وقد حصل عليها، وهؤلاء الناس الذين دخلوا تسيطر عليهم تركيا، ولا بأس بذلك"، وذلك في إشارة على ما يبدو إلى الماضي التركي العثماني الذي شهد سيطرة العثمانيين على المنطقة التي تعرف اليوم بسوريا.