تحرّك دبلوماسي مصري لتصحيح مسار العلاقات مع الكويت بعد توالي أزمات العمالة

الكويت – يؤدي وزير الخارجية المصري سامح شكري، السبت، زيارة رسمية إلى الكويت لبحث عدد من الملفات ولعلّ أهمها أزمات العمالة المصرية التي اشتدت في الأشهر الماضية بين البلدين.
وشهدت العلاقات بين البلدين فتورا، كانت بدايته بجدل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين شخصيات مصرية وكويتية، سببه مشاكل العمالة المصرية ومعاناتها من ظروف سيئة في الكويت.
ونقلت صحيفة الأنباء الكويتية في عددها الصادر الجمعة عن مصادر خاصة أن زيارة وزير الخارجية المصري تأتي في إطار التواصل المستمر بين البلدين، وسيلتقي القيادة السياسية لبحث عدد من الموضوعات في مقدمتها العلاقات الثنائية وعدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وأضافت المصادر أن وزير الخارجية المصري سيصل البلاد قادما من العاصمة السعودية الرياض.
وسلطت منصات التواصل الاجتماعي الضوء على قضية العمالة المصرية في الكويت، لتخرجها من المواجهة الصامتة إلى مواجهة افتراضية أجبرت الحكومة على التعامل معها بجدية.
ورضخت حكومتا البلدين للتفاعل مع الأزمات في محاولة لاحتوائها كلّ عبر طريقته، ومجاراة للمواطنين الذين يستخدمون وسائل التواصل لتبادل التهم وكشف الأوضاع الحقيقية للعمالة وكشف أي انتهاك للحقوق.
وانتهجت القاهرة مؤخرا أسلوبا مغايرا لاستراتيجيتها السابقة، معلنة رفضها الممارسات السلبية بحق العمالة المصرية في الدولة الخليجية فيما رفضت الكويت التلميحات المصرية التي تتهمها برفض اتخاذ مواقف حاسمة بحق المعتدين على العمال المصريين.
ومؤخرا، أعلنت الكويت أنها تعتزم ترحيل 70 في المئة من العمال الوافدين، بهدف إصلاح اختلال التركيبة السكانية للبلاد، في وقت تعالت فيه الأصوات لاستبعاد أعداد كبيرة من المصريين بعد اتهامات بأنهم يستنزفون حصص الكويتيين في مجال الصحة والخدمات وغيرها، وتشجيع الحكومة للتوجه نحو "تكويت" أغلب المهن، بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية التي فاقمتها تداعيات جائحة كورونا العالمية.
ويقول الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري إنّ تعداد المصريين بالكويت يبلغ نصف مليون شخص، فيما تصدرت الجالية المصرية المركز الثاني بعد الهندية خلال العام 2018، لتصبح إثر ذلك ثاني قوة عاملة في الكويت التي يبلغ تعدادها 4.1 مليون نسمة.
وتستفيد القاهرة من العمالة المصرية في الخارج التي تمثل تحويلاتها المالية الجزء الأكبر من موارد الدولة من النقد الأجنبي، والتي وصلت العام 2019 إلى 27 مليار دولار.
وتعمّقت الأزمة الشهر الماضي بين البلدين إثر نشر معاون وزير القوى العاملة في مصر، "تصريحات مسيئة" لدولة الكويت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، استدعت على إثره وزارة الخارجية الكويتية، السفير المصري في الكويت طارق القوني.
وأعرب نائب وزير الخارجية خالد الجارالله حينها عن "استنكار واستياء ورفض دولة الكويت الشديد للإساءات الصادرة من المسؤول المصري، والتي استهدفت الدولة ورموزها"، واعتبر أنها "تستوجب من القاهرة اتخاذ إجراءات قانونية بحقه".
وأبلغ نائب الوزير، السفير المصري، بأن بلاده "ستتابع ما ستتخذه السلطات المصرية من إجراءات، والتي على ضوئها ستحتفظ بحقها في اتخاذ ما يلزم من إجراءات، لردع الإساءات للكويت ورموزها”.
وأقالت وزارة القوى العاملة المصرية المسؤول من منصبه، فضلا عن إحالته إلى التحقيق في محاولة لتخفيف حدة الخلاف بين البلدين.
وكشفت صحيفة الأنباء الكويتية في أكتوبر الماضي أن وزارة التربية الكويتية رفضت تجديد إقامة ما يقارب 200 معلم وإداري مصري انتهت إقاماتهم خارج الكويت، ما أثار غضب مصريين.
وتسير العلاقات في ملف العمالة بوتيرة معاكسة للتعاون الحاصل في ملف مكافحة الإرهاب، حيث سلمت السلطات الكويتية ثلاثة مصريين مقيمين لديها مؤخرا، إلى الإنتربول الدولي تمهيدا لتسليمهم إلى القاهرة، لتورطهم في الدعوة والتحريض على التظاهر ضد الحكومة المصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وينتمي هؤلاء إلى جماعة الإخوان المسلمين، ويقيمون في منطقة الفروانية، وحرضوا على الفوضى والتظاهر ضد الحكومة المصرية، وجاء ذلك ضمن التنسيق الأمني بين سلطات البلدين في إطار الاتفاقيات المشتركة لتبادل المجرمين.
وتصنف مصر والسعودية والإمارات تنظيم الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
ولا تمنع السلطات الكويتية الفرع المحلي لجماعة الإخوان من النشاط على أراضيها سواء في مجال العمل الخيري أو السياسي، لكنّها تحرص في المقابل على عدم السماح للجماعة بتسميم علاقاتها مع باقي الدول العربية، لاسيما مصر.
وضيّق التنسيق الأمني بين البلدين طيلة السنوات الماضية الخناق على العناصر الإخوانية الفارّة من مصر، ومنعهم من النشاط على الأراضي الكويتية وعسّر على إخوان الكويت عملية احتضان نظرائهم المصريين وتمكينهم من الوسائل المادية المتاحة للجماعة هناك لتوظيفها في التحرّك والنشاط ضدّ السلطات المصرية.
وأثبتت تحقيقات مصرية مع عناصر خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين تمّ ترحيلهم صيف سنة 2019 من الكويت تركيز الجماعة على الساحة الكويتية كمصدر لجمع الأموال لتمويل أنشطة الخلايا الإخوانية في أكثر من بلد.
وكشفت التحقيقات أن هؤلاء كانوا يديرون شبكة لنقل الأموال بمساعدة شخصيات محلّية.
ومن حين لآخر، تشهد بعض المناطق في مصر تحركات احتجاجية متفرقة ردا على تدهور الوضع الاجتماعي والسياسات الحكومية، تستغلها قيادات جماعة الإخوان ووسائل إعلام تابعة لهم وللدول التي تدعمهم للتضخيم من أثر التظاهرات، والترويج لبداية نهاية النظام المصري.