تحرك برلماني فرنسي لتهدئة التوتر المتصاعد مع الجزائر

مبادرة نيابية يقودها عضو الحزب الاشتراكي لوران لارديت وتتكون من 45 نائبا، يمثل معظمهم محافظات الجنوب، ثلاثة منهم من أصول جزائرية.
الاثنين 2025/03/10
مساع لفتح قنوات حوار جديدة لمعالجة الخلافات القائمة

باريس - أطلق نواب فرنسيون، بينهم نواب من أصول جزائرية، مبادرة لتهدئة التوتر المتزايد بين الجزائر وفرنسا، خاصة فيما يتعلق بملف المهاجرين المرحلين والقضايا الشائكة الأخرى، في مسعى لفتح قنوات حوار جديدة لمعالجة الخلافات القائمة.

ويأتي هذا التحرك في إطار "مجموعة الصداقة الفرنسية-الجزائرية" داخل الجمعية الوطنية الفرنسية، التي يقودها النائب عن الحزب الاشتراكي لوران لارديت، المنتخب عن مدينة مرسيليا، التي تضم جالية جزائرية كبيرة.

وكشفت صحيفة "لابروفانس" الفرنسة تفاصيل المبادرة، مشيرة الى أنها تتكون من 45 نائبا، يمثل معظمهم محافظات الجنوب، ثلاثة منهم من أصول جزائرية وهم صبرينة صبايحي من حزب "البيئة أوروبا" وفتيحة كلوة حاشي من الحزب الاشتراكي وإيدير بومرتيت من "فرنسا الأبية".

ووفق الصحيفة فإن مجموعة الصداقة لا تهدف إلى التدخل في العلاقات الدبلوماسية، إلا أنها تهدف إلى المساهمة في تعزيز العلاقات التي تجمع البلدين.

ونقلت الصحيفة عن لارديت قوله إن العلاقة بين الجزائر وباريس "تعيش التوتر حاليا بسبب سجن الكاتب بوعلام صنصال وقضية الأوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية"، داعيا إلى "الحذر من صراعات سياسية داخلية، فرئيس الوزراء فرانسوا بايرو يلاحق وزير الداخلية برونو ريتايو الذي بدوره يحاول جذب دعم التجمع الوطني"، في إشارة الى محاولة الأخير كسب أصوات اليمين المتطرف، تحسبا للانتخابات الرئاسية المقررة في 2027.

وأشار إلى أن "هناك في مرسيليا 300 ألف شخص من "أبناء وأحفاد الجزائريين والأقدام السوداء، وغيرهم، لهم ارتباط بالجزائر"، مضيفا "من واجبنا تسليط الضوء على أهمية هذه العلاقة في وقت يحتاج فيه كل بلد أوروبي إلى تحديد الحليف الذي يمكنه الاعتماد عليه".

وحدد لارديت، وفق الصحيفة، خطوات أولى ستنفذها مجموعته لمصلحة العلاقات الثنائية، تتضمن "مواصلة العمل على الذاكرة وتعزيز التبادلات الاقتصادية، خصوصا عبر الطرق البحرية بين مرسيليا والموانئ الجزائرية ". معلنا بأنه "طلب عقد جلسة استماع مع سفير فرنسا في الجزائر، ستيفان روماتي".

ويحيل "ملف الاشتغال على الذاكرة"، إلى جهد مشترك بدأ في 2022 يهدف إلى معالجة الجوانب التاريخية المؤلمة التي طبعت العلاقات بين البلدين، وخصوصا فترة الاستعمار (1830- 1962) وثورة التحرير (1954- 1962)، وفهمها والتصالح معها.

 وقطع البلدان خطوات إيجابية في العامين الأخيرين، تمثلت في استرجاع الجزائر جزءاً من أرشيف مرحلة الاحتلال. وكان يفترض أن يُدفَع هذا الجهد دفعاً قويّاً، بمناسبة زيارة كانت مقررة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى فرنسا في خريف 2024؛ لكنها ألغيت بسبب التوترات المتلاحقة بين البلدين.

وتشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية توترا متزايدا في الفترة الأخيرة بسبب قضايا عدة، أبرزها قرار السلطات الفرنسية ترحيل عدد من المهاجرين الجزائريين بتهمة التحريض على العنف والمساس بالنظام العام، وهو ما رفضته الجزائر، فيما شكلت قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال المعتقل في الجزائر منذ منتصف نوفمبر الماضي ورقة ضغط على الجانب الجزائري.

وكان رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو قد دافع الأربعاء عن موقفه بشأن تعليق اتفاقية 1968 الموقعة بين الجزائر وفرنسا خلال القمة المصغرة التي خصصت لمناقشة مشاكل الهجرة غير الشرعية في فرنسا، بالقول بأنه لا ينوي "تصعيد الموقف" مع الجزائر. لكنه في نفس الوقت، هدد بتعليق ومراجعة "جميع الاتفاقات" المبرمة بين فرنسا والجزائر، إذا لم تغير الجزائر موقفها بشأن إعادة رعاياها المقيمين في فرنسا بشكل غير شرعي.

وفي حديثه عن هذه الاتفاقات والتي اعتبر بأنها "لم تُحترم"، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة الفرنسية لا يمكنها "قبول استمرار الوضع كما هو".

وأضاف "أقول هذا دون نية التصعيد، دون نية الزيادة في التحدي" ولكن "من مسؤولية الحكومة الفرنسية أن تقول إن رفض إعادة قبول (الرعايا الجزائريين) هو انتهاك مباشر للاتفاقات التي لدينا مع السلطات الجزائرية ولن نقبل ذلك".

ويبدو أن خطاب فرانسوا بايرو يتماشى مع الخطاب الهجومي الذي تبناه منذ عدة أشهر وزير الداخلية برونو روتايو الذي كان قد وجه من جديد في 22 فبراير الماضي انتقاداته للجزائر، قائلاً إنه "مستعد للدخول في "مواجهة".

وجاء ذلك بسبب رفض الجزائر إعادة أحد رعاياها الذي كان تحت طائلة الترحيل من الأراضي الفرنسية قبل أن يقتل شخصا ويجرح سبعة آخرين في هجوم بسكين في مدينة ميلوز.

وقال روتايو في مقابلة أجراها مع القناة الفرنسية الأولى "تي أف 1" إن "ميزان القوة مع الجزائر هي التأشيرات واتفاقية 1968. المواجهة هي الاتفاقية الهامة للغاية التي تتفاوض عليها الجزائر اليوم في بروكسل (يقصد اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والجزائر والتي يجري التفاوض عنها). يجب أن نفرض ميزان القوى لأننا كنا متسامحين بما فيه الكفاية. مددنا يدنا للجزائر. على ماذا حصلنا في المقابل؟".

وقد تم تقليص العديد من بنود اتفاقية 1968 عبر السنوات الماضية. ففي عام 2025، أصبحت حقوق الجزائريين في فرنسا تقريبا مثل حقوق باقي الأجانب خارج الاتحاد الأوروبي.

والفروقات الوحيدة هي أن بطاقة الإقامة لمدة عشر سنوات يمكن الحصول عليها بعد سنة من الإقامة مقابل ثلاث سنوات لبقية الأجانب غير الأوروبيين.

كما يمكن للأزواج مرافقة حاملي تأشيرة قصيرة الأجل، بينما يمكن ذلك فقط لحاملي تأشيرات طويلة الأجل لبقية الأجانب غير الأوروبيين، وأخيرا، لا يطلب من رواد الأعمال إثبات جدوى مشروعهم للتمكن من الاستقرار في فرنسا.