تحركات ونشاطات سمير الرفاعي تثير التكهنات بشأن ترتيبات مرحلة ما بعد الانتخابات في الأردن

نائب رئيس مجلس الأعيان يحذر من إرهاصات تهدد التحديث السياسي.
الثلاثاء 2024/07/02
في قلب المشهد السياسي

أجندة مزدحمة لنائب رئيس مجلس الأعيان الأردني، رئيس اللجنة الملكية للتحديث السياسي سمير الرفاعي بين القيام بزيارات إلى مجالس العشائر، وعقد محاضرات وملتقيات لا تخلو من رسائل سياسية، ما يثير الكثير من التكهنات بشأن دوره خلال المرحلة المقبلة.

عمان- تسجل الساحة السياسية في الأردن نشاطا لافتا لنائب رئيس مجلس الأعيان رئيس اللجنة الملكية للتحديث السياسي سمير الرفاعي خلال الفترة الأخيرة، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان للأمر علاقة بترتيبات المرحلة التي ستعقب الانتخابات التشريعية.

ويستعد الأردنيون لإجراء انتخابات نيابية استثنائية في العاشر من سبتمبر المقبل، ويأتي الاستحقاق عقب تغييرات في شكل الحياة السياسية، هدفت الإرادة الملكية من خلالها إلى تعزيز المشاركة الشعبية وتطوير الحياة السياسية وتوسيع قاعدة التمثيل وتمكين الأحزاب.

وقد أفرزت تلك التغييرات ستة وعشرين تعديلا على الدستور من أصل ثلاثين تعديلا اقترحتهم لجنة التحديث التي ترأسها الرفاعي، على قانوني الانتخاب والأحزاب.

وتضمنت التعديلات تخصيص 41 مقعدا برلمانيا من أصل 138 لقوائم الأحزاب في انتخابات مجلس النواب المقبلة، على أن يرتفع العدد المخصص للأحزاب تدريجيا خلال الدورات الانتخابية اللاحقة حتى يصل إلى ما يعادل 65 في المئة من إجمالي المقاعد (نظريا بعد 12 عاما)؛ بما يُتيح في نهاية المطاف تشكيل حكومة برلمانية.

◄ النشاطات المزدحمة للرفاعي ليست من فراغ بل هي تهيئة الرأي العام لشغل الرجل موقعا في المنظومة السياسية الجديدة
النشاطات المزدحمة للرفاعي ليست من فراغ بل هي تهيئة الرأي العام لشغل الرجل موقعا في المنظومة السياسية الجديدة

ويقول مراقبون إن الانتخابات المقبلة تشكل ترجمة على الأرض للتحويرات السياسية التي أجريت على مدار العامين الماضيين، وهي بمثابة استفتاء شعبي على تلك التحويرات.

ويشير المراقبون إلى أن الاستحقاق الانتخابي المقبل هو بداية لمرحلة جديدة، ستمس أيضا جوهر التركيبة الحكومية المقبلة، حيث من المرجح أن يجري إشراك شخصيات تنتمي لقوى حزبية فائزة في الانتخابات في التشكيل الحكومي، لتهيئة الأحزاب للحكومات البرلمانية مستقبلا.

ويرجح المراقبون أن يكون توجه الدوائر العليا تكليف رئيس وزراء ذي خلفية سياسية بتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، وقد يكون سمير الرفاعي أحد أبرز الوجوه المرشحة للمنصب.

وسبق وأن تولى الرفاعي (1 يوليو 1966) رئاسة الحكومة من العام 2009 حتى العام 2011، كما تقلد العديد من المناصب في الديوان الملكي وقد شغل خطة مستشار الملك في العام 2005.

والرفاعي هو من عائلة سياسية معروفة في الأردن، وقد عرف عن الرجل صراحته في التطرق لجميع المواضيع حتى أن تصريحاته تثير الجدل في الكثير من الأحيان.

ويركز الرفاعي في إطلالاته الأخيرة على تحفيز المكون الحزبي على أن يكون على قدر تطلعات المرحلة المقبلة، منتقدا بعض الظواهر والسلوكيات التي يرى بأنها تهدد بناء حياة سياسية سليمة في البلاد، ومكررا موقفه بأن البلاد لا تزال غير مستعدة لحكومات برلمانية.

وقال نائب رئيس مجلس الأعيان خلال محاضرة بعنوان “خيارات الأردن حيال التحديات الراهنة” أقيمت الأحد بالنادي الأرثذوكسي في العاصمة عمّان “إننا ما زلنا نرى انكفاء البعض نحو أحزاب الأشخاص واتخاذ التجربة ذريعة للوصول إلى المواقع والمناصب دون التفات حقيقي لمصلحة المواطن وببعد غير مبرر عن الصالح العام؛ حيث كل ما نسمعه ونشاهده من إرهاصات استعجال غير محدود سيجهض التحديث السياسي”.

وأضاف الرفاعي أن الهدف من العملية الانتخابية المقبلة ليس الفوز بأكبر عدد من المقاعد تحت القبة واستثمار ذلك بالتأثير الايجابي أو السلبي، بل بإثبات أن الأحزاب قادرة على استقطاب الأردنيين وتعزيز دور الشباب والمرأة بالمشاركة الفعالة ضمن الحياة السياسية على أساس برامج واقعية لا وعودا زائفة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع.

وقال “البرنامج هو العنوان والدافع للانتساب إلى الحزب، لا أسماء قياداته أو ما يقدمونه من وعود تتعلق بتوزيع المكاسب والمناصب، والمعرفة التامة بالاختلالات العديدة في السوق المحلي وعجلة الاقتصاد الوطني والتي نتحمل جميعًا جزءًا منها، والتوجه لمحاربة البطالة المقنّعة وأرقام البطالة ونسب الفقر واستقطاب الاستثمارات الحقيقية لضمان الصمود أمام التقلبات الاقتصادية وكسب المنعة الوطنية المطلوبة للصمود أمام التقلبات الاقتصادية وإقناع المواطن بالمشاركة السياسية”.

وأردف أن الإصلاحات الأخيرة تتطلب عدم احتكار القرار السياسي لفئة على حساب أخرى، والمشاركة بالاختلالات بشكل مضر وغير مباشر من خلال قرارات غير منطقية، وهذا ما صنعته الحكومات السابقة بسبب عدم المشاركة الحقيقي بين القطاعين العام والخاص.

ويرى البعض أن تصريحات الرفاعي تكشف الواقع الحزبي داخل المملكة والذي لم ينضج بعد لعوامل ذاتية وأخرى موضوعية، مشيرين إلى أن أحد الأدوار الرئيسية لرئيس لجنة التحديث السياسي هو التوعية وهذا ما يقوم به الرفاعي حاليا.

وسجل للرفاعي انكفاء في بعض الفترات خلال السنوات الماضية ليعود مجددا وبقوة إلى الساحة السياسية، منذ تكليفه برئاسة لجنة التحديث السياسي التي شكلت بأمر من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

من المرجح تكليف رئيس وزراء ذي خلفية سياسية بتشكيل الحكومة المقبلة، وقد يكون سمير الرفاعي أحد المرشحين للمنصب

ويرى متابعون أن النشاطات المزدحمة للرفاعي سواء كانت عبر إجراء زيارات إلى مجالس العشائر أو إلقاء محاضرات تشمل التوعية السياسية وحتى التطرق لجوانب اقتصادية ليست من فراغ بل هي تهيئة الرأي العام لشغل الرجل موقعا في المنظومة السياسية الجديدة.

وركزت المرجعيات العليا في البلاد على مدار السنوات الأخيرة على تشكيل حكومات تكنوقراط، على غرار حكومة بشر الخصاونة، الأخيرة، لكن الوضع سيختلف بعد الاستحقاق الانتخابي وستكون هناك حاجة إلى حكومة تحمل نفسا سياسيا، دون أن يعني ذلك تشكيل حكومة حزبية حيث من المبكر الانتقال إلى هذه الخطوة.

وكان رئيس اللجنة الملكية للتحديث السياسي حذر في المحاضرة التي ألقاها من أن الاستعجال في تشكيل حكومة حزبية، وما نراه من إرهاصات العودة إلى أحزاب الأشخاص، استعجالٌ “غيرُ محمود” سيجهض جوهرَ التحديث السياسي.

وأوضح الرفاعي “ونحن على أعتاب مرحلة جديدة، أراد الملك أن تكون عنوان المئوية الثانية، في التحديث السياسي والإصلاح الاقتصادي والإداري؛ وستكون انتخابات الـ10 من سبتمبر القادم أول مرحلة ضمن المراحل الثلاث القادمة. لذا، يجب أن نعمل جميعا على إنجاحها، من مؤسسات رسمية وأحزاب ومواطنين. وهذا التحديث سيؤسس لمستقبل نريده جميعا للشباب. وهو ما يتطلب أن تكون لجامعاتنا الطليعة بهذه التجربة، ونبتعد بها عن الجهوية والعصبيات الفئوية لتشكيل تحالفات المستقبل”.

وكان رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية كشف في وقت سابق أنه أبلغ الملك عبدالله الثاني “أن الأردن في حاجة إلى 20 سنة للوصول إلى حكومات برلمانية، لكنه أمهلنا 10 سنوات”. وشدد الرفاعي على أن الوصول إلى برلمان حزبي برامجي لا يمكن أن يكون “بين يوم وليلة”.

2