تحركات سورية - تركية مريبة في محيط سد تشرين تثير توجس الأكراد من تصعيد مرتقب

الرئاسة السورية تعلن رفضها المطلق لأي شكل من أشكال الفيدرالية في البلاد.
الثلاثاء 2025/04/29
الأجواء مشحونة

حلب (سوريا) - يثير استقدام فصائل سورية موالية لتركيا تعزيزات عسكرية إلى محيط سد تشرين، شرقي مدينة حلب، توجسا كرديّا من تصعيد سوري – تركي مرتقب.

ويأتي التحرك بعد مؤتمر عقدته الإدارة الذاتية الكردية السبت، في محافظة الحسكة تمت خلاله بلورة تصور كردي مشترك للتفاوض على أساسه مع دمشق، وفي مقدمة عناوينه إرساء نظام لامركزي في سوريا، وهو ما أثار انتقادات في تركيا وردود فعل غاضبة من السلطة السورية.

وقالت مصادر محلية في مدينة منبج شرقي حلب الاثنين “إن تعزيزات عسكرية وصلت وباشرت إقامة نقاط عسكرية على أطراف السد من الجهة الغربية ولم تقع أي اشتباكات أو تبادل قصف حتى الآن.”

وتزامنت التعزيزات مع عودة القصف التركي بطائرات مسيرة للمنطقة، الأمر الذي يهدد بانهيار الاتفاق الجزئي الذي تم التوصل إليه في وقت سابق، والذي يقضي بإدارة مشتركة للسد من قبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والسلطات السورية.

الأكراد ينظرون إلى أي تصعيد في السد على أنه تراجع من دمشق على الاتفاقيات المبرمة، وإعلان حرب ضدهم

من جهته أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى عودة التوتر في منطقة سد تشرين، حيث قتل عنصر من فرقة السلطان مراد، إثر اندلاع اشتباكات عنيفة، استخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة، وعناصر من فرقة السلطان مراد من جهة أخرى، على محور سد تشرين، إثر محاولة عناصر الأخيرة التسلل باتجاه مواقع عسكرية على المحور.

واعتبر مراقبون سوريون أن دفع الفصائل السورية بتعزيزات إلى سد تشرين ربما يكون خطوة تصعيدية بعد إعلان الرئاسة السورية عن إخلال قسد بالاتفاق الذي وقع في مارس الماضي، وأن إرسال قوات إلى السد مؤشر على بدء معركة تم تأجليها للسيطرة على السد.

وشهدت العلاقة بين قسد والإدارة السورية هدوءا بعد توقيع اتفاق أولي بين قائد قسد مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع في العاشر من مارس الماضي، يقضي بدمج الأجهزة المدنية والعسكرية للإدارة الذاتية في الدولة السورية.

وقد استتبع الاتفاق تفاهمات جزئية، من بينها تسليم قوات سوريا الديمقراطية إدارة حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب إلى الإدارة السورية، تلاه الاتفاق بشأن سد تشرين الذي لطالما كان مصدر توتر بين الجانبين.

ويحظى السد بأهمية خاصة، ويقع على نهر الفرات في منطقة منبج ضمن حلب، ويبعد عن الحدود التركية حوالي 80 كلم.

وتكمن أهمية السد في البحيرة الضخمة التي تشكلت بعد بنائه، إذ تحتوي على كميات كبيرة من المياه العذبة المجمعة من نهر الفرات. وبحيرة سد تشرين هي واحدة من أكبر البحيرات الصناعية في سوريا.

ويعتبر السد مصدرا رئيسيا للطاقة الكهرومائية في سوريا، كما توفر البحيرة التابعة له مياه الري للأراضي الزراعية المحيطة، بالإضافة إلى اعتبارها مصدرا مهما لصيد الأسماك في المنطقة، وتعد البحيرة أيضا منطقة سياحية طبيعية.

ويقول مراقبون إن أهمية السد لا ترتبط فقط بما يوفره من كهرباء للشمال السوري أو من سلة غذاء، بل ويشكل أيضا خط دفاع رئيسيا عن مناطق نفوذ الأكراد.

وينظر الأكراد إلى أي تصعيد عسكري في السد على أنه تراجع من دمشق عن الاتفاقيات المبرمة، وإعلان حرب ضدهم.

أهمية السد لا ترتبط فقط بما يوفره من كهرباء للشمال السوري أو من سلة غذاء بل يشكل خط دفاع رئيسي عن مناطق نفوذ الأكراد

ويقول مراقبون إن المؤشرات حتى الآن تشي بتوجه نحو التصعيد العسكري من قبل دمشق، في محاولة لقطع الطريق على جهود الأكراد للضغط من أجل فيدرالية في سوريا.

ويشير المراقبون إلى أن السلطة السورية، ومن خلفها تركيا، لن تقبل أي شكل من أشكال اللامركزية، حيث تعتبران الأمر مقدمة لتنفيذ نوايا انفصالية، مع أن الإدارة الذاتية وقادتها حرصوا خلال الأشهر الماضية على التأكيد على تمسكهم بوحدة سوريا.

وأعلنت الرئاسة السورية في بيان الأحد عن رفضها المطلق لأي شكل من أشكال الفيدرالية في البلاد، مشددة على أن وحدة سوريا أرضا وشعبا خط أحمر، وأن أي تجاوز لهذا الثابت يُعد خروجاً عن الصف الوطني ومساسا بالهوية السورية الجامعة.

ولفتت الرئاسة إلى أن الاتفاق الذي جرى بين الرئيس الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية شكّل خطوة إيجابية نحو التهدئة والانفتاح على حل وطني شامل. لكن “التصريحات والتحركات الأخيرة لقيادة قسد الداعية إلى الفيدرالية تتعارض مع مضمون الاتفاق وتهدد وحدة البلاد.”

2