تحركات سعودية_أميركية لتطويق التصعيد في الفاشر

الرياض – أجرى مسؤول في الخارجية السعودية، الأحد، مع مبعوث أميركي مباحثات بشأن تطورات الأوضاع في السودان، وذلك في خضم مساعي الرياض وواشنطن لحث طرفي الصراع على العودة إلى منبر جدة، في ظل الاستنفار الحاصل في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، وما يمكن أن يفضي إليه من أزمات إنسانية جديدة.
ومنذ أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية حربا خلفت نحو 15 ألف قتيل و8.5 ملايين نازح ولاجئ ودمارا هائلا في البنى التحتية، وفق الأمم المتحدة.
واستقبل وليد الخريجي نائب وزير الخارجية السعودي، في الرياض، المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو، حسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وبحث الخريجي وبيرييلو "تطورات الأوضاع في السودان، وسبل تعزيز التعاون الثنائي، بالإضافة إلى مناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك".
وتأتي التحركات السعودية-الأميركية، بعد أيام من إعلان بيرييلو أن "الجيش وقوات الدعم السريع لم يبديا استعدادًا لاستئناف التفاوض خلال أيام رغم دعوتهما بشكل رسمي للعودة الى طاولة المفاوضات". ما يشير إلى تشاؤم الإدارة الأميركية بشأن إمكانية استئناف المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قريبا.
ويبدو أن المبعوث الأميركي الذي سبق أن استمع إلى عشرات المدنيين السودانيين خلال زيارته إلى كمبالا عاصمة أوغندا الأسبوع الماضي لايزال يحاول الضغط على طرفي الصراع بهدف ثنيهما عن موقفهما المتمسك بخيار الحرب.
وكشف بيرييلو عبر حسابه على منصة إكس اليوم الاثنين عن اتصالات يومية تجريها الحكومة الأميركية مع الجيش والدعم السريع وطالبهما بوقف القتال في الفاشر مع زيادة عدد القتلى، بجانب السماح بإدخال المساعدات الإنسانية الى المتضررين من الصراع.
وأعرب المبعوث الأميركي عن استعداد الولايات المتحدة لقبول أي مبادرة ذات مصداقية محلية أو دولية لإيصال المساعدات للمدنيين في الفاشر ومناطق دارفور الأخرى.
وراهنت واشنطن على عودة مفاوضات جدة عندما وجدت تجاوبا من القوى المدنية معها، ودعما من جهات إقليمية لتغيير معادلة الحرب بالعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن جناحا متشددا داخل الجيش تلكأ لرغبته في الذهاب إلى جدة وفي جعبته نصر يحققه في معارك الفاشر، ما عطّل مهمة توم بيرييلو.
وكانت تقارير قد أشارت إلى أن الثامن عشر من مايو هو موعد استئناف المحادثات، ثم تردد أن الطرفين رفضا رسميًا ذلك، لكن وسائل إعلام محلية ذكرت أن قوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو "حميدتي" وافقت على الدعوة التي تلقتها.
وأشارت تقارير إلى أن الفاشر قد تشهد معارك استنزاف طويلة يصعب حسمها سريعا، لأن قوات الجيش تتحصن داخل المدنية، وتعتبر سقوط الفاشر نهاية لوحدة البلاد، وسيكون من الصعب الحديث عن تحقيق انتصار عسكري.
وتبدو قوات الدعم السريع جاهزة لخوض معركة طويلة وحاسمة في الفاشر، فالسيطرة عليها تُنهي ما تبقى من قوة لدى الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش، وتخرج من معادلة الحرب، كما أنها تمثل ضغطا سياسيا على الجيش في أي مفاوضات مقبلة.
وتتواصل منذ 10 مايو الجاري معارك شرسة في مدينة الفاشر، وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية بالمدينة التي تضم أكثر من 1.5مليون يعانون نقصا في الغذاء.
وبعد يوم من دخولها حيز التنفيذ في مايو 2023، انهارت مبادرة جدة للسلام التي رعتها السعودية والولايات المتحدة لإنهاء الحرب، وسط اتهامات متبادلة بين الجيش وقوات الدعم السريع بشأن المسؤولية عن خروقات.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الأحد إن العنف في منطقة دارفور بالسودان قد يعد جريمة ضد الإنسانية.
وذكر كاميرون في بيان نشر على موقع الحكومة على الانترنت "أشعر بقلق عميق إزاء التقارير الموثوقة للغاية التي تفيد بأن بعض أعمال العنف في دارفور لها دوافع عرقية" مضيفا "نمط العنف المتواصل في دارفور، بما في ذلك الهجمات المنهجية الواضحة ضد المدنيين، قد يصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية".
وأعلنت قوات الدعم السريع في السودان قبل أيام استعدادها لفتح "مسارات آمنة" لخروج السكان من مدينة الفاشر مؤكدة في بيان نشرته عبر حسابها على منصة إكس "استعداد وجاهزية قواتنا لمساعدة المواطنين بفتح مسارات آمنة لخروج المواطنين إلى مناطق أخرى أكثر أمناً يختارونها طوعا وتوفير الحماية لهم".
ودعت سكان الفاشر إلى "الابتعاد عن مناطق الاشتباكات والمناطق المرشحة للاستهداف بواسطة الطيران، وعدم الاستجابة للدعوات الخبيثة لاستنفار الأهالي والزج بهم في أتون الحرب".
وأدت الحرب التي اندلعت في السودان منتصف أبريل 2023، الى مقتل الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.
ونتيجة المعارك أصبح 70 بالمئة من المرافق الصحية السودانية خارج الخدمة، بحسب بيانات الأمم المتحدة، كذلك ويواجه 1.7 مليون سوداني في دارفور خطر المجاعة.
وحذّرت الأمم المتحدة الجمعة من أنها لم تتلق إلا 12 في المئة من تمويل بقيمة 2.7 مليار دولار طلبته لمساعدة حوالى 15 مليون شخص في السودان.