تحركات رئيس الاستخبارات التركية تشمل إقليم كردستان العراق

أربيل (العراق) - شملت التحرّكات المكثفة التي بدأها رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن في العراق إقليم كردستان، حيث التقى الأحد في أربيل مركز الإقليم برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وتبادل معه “وجهات النظر في الأوضاع السياسية وآخر التطورات في المنطقة والتهديدات الإرهابية”، بحسب ما أوردته وسائل إعلام عراقية.
وبدأ قالن منذ الأسبوع الماضي بعقد سلسلة من الاجتماعات بعدد من المسؤولين العراقيين والقيادات الحزبية وممثلي الطوائف والقوميات العراقية شملت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي ورئيس ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وقالت مصادر عراقية إنّ المسؤول التركي حضر إلى العراق بصفته مبعوثا خاصا للرئيس رجب طيب أدوغان لا كمجرّد مسؤول أمني. ورأت أن اتصالاته الموسّعة بالمسؤولين والشخصيات العراقية تهيئ الأرضية لاتفاقات هامة بين الجانبين التركي والعراقي تضع التعاون الاقتصادي والأمني في سلّة واحدة.
وجاءت زيارة قالن للعراق في وقت صعّدت فيه القوات التركية من عملياتها العسكرية ضدّ مقاتلي حزب العمّال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، بالتوازي مع تركيز لافت للخطاب السياسي التركي على المشروع الاقتصادي المشترك مع العراق المتمثّل في ربط منطقة الحدود التركية بمياه الخليج في جنوب العراق بطريق سريعة من عدّة مسارات وبخط سكك حديدية تحت مسمى “طريق التنمية”.
◙ تركيا تستخدم ورقة التعاون الاقتصادي مع العراق لإقناع قيادته بالتعاون معها في الملف الأمني لكنّ الورقة الأهم تظل ورقة المياه التي يشكل تناقصها مصدر قلق كبير للعراقيين
وتوقّعت المصادر أن يكون قالن بصدد طرح خطّة أمنية كبيرة على العراقيين تقوم على التعاون بين أنقرة وبغداد وأربيل لإنهاء وجود مقاتلي حزب العمّال الكردستاني على الأراضي العراقية بشكل كامل وإزالة أي تهديد محتمل من قبل الحزب للمشروع الذي تعبر أجزاء منه بمناطق يتواجد فيها مسلّحوه.
ورغم اتساع العمليات العسكرية التركية وتوسّعها بشكل كبير داخل الأراضي العراقية وشمولها إقامة قواعد ثابتة ومدّ طرقات تربط بينها وبين الأراضي التركية، إلاّ أنّ السلطات العراقية لم تبد اعتراضا جدّيا على تلك العمليات يتجاوز مجرّد إطلاق احتجاجات لفظية باهتة أوحت بوجود ضوء أخضر عراقي غير معلن للقوات التركية لمواصلة عملياتها ضد الحزب في مناطق شمال العراق.
وتعوّل تركيا في حربها ضدّ حزب العمال الكردستاني أيضا على تحالفها مع قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني، في ظل خلافاتها بشأن الملف نفسه مع قيادات الاتّحاد الوطني الكردستاني المتّهمة من قبل أنقرة بالتواطؤ مع حزب العمال وفتح مناطق نفوذ الاتّحاد في محافظة السليمانية لعناصره.
وتمّ خلال اللقاء بين بارزاني وقالن “التأكيد على العلاقات بين إقليم كردستان وتركيا والتنسيق بين الجانبين للحفاظ على السلام والاستقرار”، بحسب ما ورد في بيان نشره مقر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتستخدم تركيا ورقة التعاون الاقتصادي مع العراق لإقناع قيادته بالتعاون معها في الملف الأمني. لكنّ الورقة الأهم التي تمتلكها أنقرة تظل ورقة المياه التي يشكل تناقصها السريع بفعل احتجازها في السدود التركية مصدر قلق كبير للعراقيين.
وكان قالن قد التقى الأسبوع الماضي الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد في بغداد حيث أكّد الطرفان على “الحاجة إلى اتفاقية بين الجانبين التركي والعراقي لحل مشكلة المياه بدلا من الإطلاقات المائية المتقطعة التي تقوم بها تركيا بين فترة وأخرى”.
وفي اللقاء الوحيد الذي أجراه قالن في إطار اختصاصه الأمني خلال جولته الموسّعة في العراق أجرى محادثات مع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي. وقال المكتب الإعلامي للأعرجي في بيان إن اللقاء تناول “استمرار التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين بما يعزز أمن واستقرار المنطقة” وإن “العراق لا يسمح باتخاذ أراضيه منطلقا للاعتداء على أي دولة”.
كما حث الأعرجي بحسب البيان على “خلق منظومة أمنية بين دول المنطقة لتبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية لتحقيق المزيد من الاستقرار وتجنب الأزمات”. وأكّد قالن من جهته “دعم تركيا للعراق في مجالات مكافحة الإرهاب والمخدرات والاتجار بالبشر إلى جانب التعاون في ملف المياه من خلال اللجنة المشتركة بين البلدين"، مبينا أن "وجود مسلحي حزب العمال يضر بأمن واستقرار البلدين".
وتنفذ القوات التركية منذ خمس سنوات سلسلة من العمليات العسكرية في شمال العراق بعد إعلان الرئيس التركي عن "مفهوم أمني جديد في مكافحة الإرهاب" وخطة "للقضاء على الإرهاب والإرهابيين في المصدر".
وأعلن أردوغان مؤخّرا أن بلاده ستعزز قواعدها الثابتة التي أقامتها حديثا في شمال العراق خلال الأشهر المقبلة، مؤكّدا قوله “بحلول الربيع سنكون قد أكملنا البنية التحتية لقواعدنا التي أنشأناها حديثا في شمال العراق وسنجعل الإرهابيين غير قادرين على وضع أقدامهم في المنطقة”.