تحركات تؤشر على اقتراب تشكيل الحكومة اللبنانية

بيروت - تحدثت معلومات في العاصمة اللبنانية الخميس، عن تقدم في مداولات تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.
وقالت بعض المصادر في هذا الصدد إن هناك معطيات جديدة استدعت لقاء رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وبالوزير وائل أبوفاعور موفدا من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وأشار مراقبون إلى أن جنبلاط بعث في الأيام الأخيرة برسائل سياسية توحي بأنه بات جاهزا للقبول بتسوية للتمثيل الدرزي. واعتبر هؤلاء أن العقدة الدرزية باتت قابلة للحل ولم تعد مستعصية وسيتم إيجاد المخارج الملائمة لها من قبل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.
ولم يظهر أي تفسير واضح لليونة جنبلاط الطارئة بعد أن كان مصرا على أن يمثل فريقه التمثيل الدرزي الكامل في الحكومة المقبلة. غير أن متابعين لمسار جنبلاط يعتقدون أن الزعيم الدرزي رصد إشارات داخلية وخارجية جديدة دفعته لإحداث تحول في مواقفه من شأنها إزالة إحدى عراقيل تأليف الحكومة.
وترى مراجع قريبة من رئيس الجمهورية ميشال عون أنه إذا ما نجحت المساعي الجديدة فإن عون سيحصل على ما أراد من مطالب تتعلق بالتمثيل الدرزي بعد تخلي جنبلاط عن مطلب الحصول على 3 وزراء دروز، وقد يحصل مع التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل على 10 وزراء إضافة إلى الوزير الدرزي الثالث الذي ستوافق عليه بعبدا.
عون يطالب بتشكيل حكومة أكثرية
نيويورك - دعا الرئيس اللبناني ميشال عون الجمعة إلى تشكيل حكومة أكثرية حال عدم التمكن من حكومة اتحاد وطني ائتلافية. جاء ذلك خلال حديثه مع الصحافيين أثناء عودته إلى لبنان من نيويورك بعد ترؤسه وفد بلاده بالجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ73.
وقال عون إن “هناك نوعين من الحكومات؛ حكومة اتحاد وطني ائتلافية أو حكومة أكثرية، وإذا لم نتمكن من تأليف حكومة ائتلافية، فلتؤلف عندها حكومة أكثرية ومن لا يريد المشاركة فليخرج منها”. وعما إذا كان هذا الخيار متاحا ويسهل تمريره في مجلس النواب، أوضح عون أن “الأمور لا تبدأ على هذا النحو، فمن يريد تأليف حكومة يستطيع تأليفها وفقا لقناعاته والمقاييس والمعايير المتماثلة لقانون النسبية”.
وأضاف الرئيس اللبناني “إذا استمر البعض في الرفض تارة والقبول تارة أخرى، فلتؤلف وفقا للقناعات وإذا شاءت أطراف عدم المشاركة، فلتخرج منها”. وأشار إلى أنه “لم تكن هناك من حلحلة على خط التأليف”، مضيفا “بعد عودتي إلى بيروت، إذا كانوا قد أعدوا صيغة حكومية سنطلع عليها وما إذا كانت تعتمد الوفاق فلنقرر عندها ما سنفعل”. وحول اعتبار البعض أن المبادرة هي نوع من التنازل، قال عون إن “لرئيس الحكومة الحق في المبادرة، رضي الفرقاء أو لم يرضوا”.
وحول الخطوات التي يمكن أن يتخذها إذا طالت عملية تشكيل الحكومة، قال “إذا أقدمنا على اتخاذ خيارات، فعندها تكون الأمور قد وصلت إلى مكان لا يعد من الممكن سوى اتخاذ مثل هذه الخيارات”. وعن احتمال فرض عقوبات أميركية على لبنان ومدى ارتباط ذلك بمنع عودة النازحين، قال عون “ليست هناك اليوم قواعد للتعاون، لا أحد يعلم ماذا سيقرر دونالد ترامب”.
ويقول بعض المحللين إن حصول فريق عون على 11 وزيرا سيمكنه من امتلاك “الثلث المعطل”، وهو أمر سبق للحريري أن رفضه لأي طرف، وأن حل هذا الإشكال يتعلق بحجم تمثيل حزب القوات اللبنانية داخل الحكومة.
وفيما لم يكشف عن مباحثات الحريري الأخيرة مع جعجع، إلا أن أوساط القوات أعادت المطالبة بتمثيلها داخل خمس حقائب وزارية بما في ذلك وزارات سيادية ووازنة.وكان حزب القوات اللبنانية قد شدّد في وقت سابق على أن الشرط الوحيد للقبول بوزارة دولة هو حصوله على حقيبة الطاقة، واعتبر أن المسألة محسومة وأنه لن يقبل بتقديم تنازلات مجانية إلى ما لانهاية، داعيا رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري إلى الكشف عن المعرقل الحقيقي لتسوية الأزمة الحكومية.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قد أبدى تحفظات على منح حزب القوات 4 حقائب وزارية وازنة منها اثنتان خدمية في الصيغة الحكومية التي طرحها الحريري، مطالبا باستبدال إحدى الحقائب بوزارة دولة.
وأكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط في مطلع سبتمبر “حكما نريد الطاقة ونضع نصب أعيننا تلك الوزارة لأن هناك سوء إدارة وفساد، لأنه أينما وجد الفساد سنكون هناك لمحاربته”.
ويتولى القيادي في التيار الوطني الحر سيزار أبي خليل حاليا منصب وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، ولطالما كانت طريقة إدارة أبي خليل لملف الكهرباء على وجه الخصوص مدار خلاف وسجال واسع بين التيار الحر والقوات اللبنانية.
واستبعدت مصادر مقربة من التيار الوطني سابقا أن يقبل التنازل عن الحقيبة وإعطائها للقوات، ما يشي بأن العقدة المسيحية أمام مسار تشكيل الحكومة مستمرة.
مصادر في لبنان ترجح أن يكون للعوامل الخارجية المستجدة، السياسية والاقتصادية، دافع لتسريع تشكيل الحكومة
ويقرأ بعض الخبراء أمر الحلحلة المستجدة في مسألة تأليف الحكومة بأنها تأتي لتلبية مطالب بعبدا دون كسر بقية الأطراف، خصوصاً أن عون قد عبّر من نيويورك وفي الدردشة التي أجراها مع الصحافيين في طريق العودة إلى بيروت، عن استمرار تمسكه بخيار حكومة الأكثرية إذا ما فشلت مساعي تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ولفت المراقبون في هذا الصدد إلى موقف صدر عن البطريرك بشارة الراعي من أوتاوا دعا فيه رئيس الحكومة المكلف مع رئيس الجمهورية لتأليف حكومة “وليقبل بها من يقبل، وليرفض من يرفض فالوطن أغلى من الجميع”.
وقال هؤلاء إن تصريحات الراعي من كندا تتسق مع تصريحات عون خلال الساعات الأخيرة والتي قال فيها “فلتؤلّف عندها حكومة وفقا للقواعد المعمول بها، ومن لا يريد المشاركة، يخرج منها”.
ويتوقع مراقبون أن تتركز الجهود على عقدة التمثيل المسيحي بعد الحلحلة المحتملة للعقدة الدرزية. وقال هؤلاء إن الجهود تنصب على إقناع القوات اللبنانية بالقبول بأربع حقائب من ضمنها وزير دولة. فيما تسرّبت معلومات قالت إن عون قد تنازل عن منصب نائب رئيس الحكومة الذي كان يريده من حصته لصالح القوات، غير أن هذه المعلومات لم تؤكدها مصادر رسمية قريبة من رئيس الجمهورية.
ورغم أجواء التفاؤل بقرب تأليف الحكومة، إلا أن ما تسرّب عن لقاء الحريري بجعجع يفيد بأن زعيم القوات اللبنانية أبلغ الرئيس المكلف رفض أي صيغ حكومية لا تتناسب مع الحجم التمثيلي للقوات، ملمحا إلى أن القوات حصل على ثلث الأصوات وبالتالي من حقه أن يحظى بثلث المقاعد المسيحية.
وترجح مصادر في لبنان أن يكون للعوامل الخارجية المستجدة، السياسية والاقتصادية، دافع لتسريع تشكيل الحكومة. ولفتت المصادر أيضا إلى أداء حزب الله داخل البرلمان مؤخرا كتعبير عن التوق إلى الإسراع بتشكيل الحكومة بغية تظلل الحزب بحكومة شرعية تقيه العقوبات الأميركية، كما التحولات المتوقعة في الموقف الأوروبي، وكما أي هجمات إسرائيلية ضد مواقعه، بعد المعلومات التي كشفت في إسرائيل عن مصانع للحزب في منطقة الأوزاعي بالقرب من بيروت لتطوير الصواريخ.
وواجه رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري منذ مايو تعثرا في إيجاد توليفة حكومية ترضي جميع الأطراف السياسية.