تحركات بالكونغرس الأميركي للضغط على أوبك+ بعد خفض الإنتاج

واشنطن – يكثف الكونغرس الأميركي منذ اتفاق الرياض مع بقية الدول الأعضاء في مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط هذا الأسبوع على تخفيضات أكبر في إنتاج النفط، من تحركاته للضغط على السعودية والمنظمة من خلال العمل على إقرار مشروع قانون نوبك ووقف تصدير الأسلحة للمملكة.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس إن الولايات المتحدة "تدرس عددا من خيارات الرد" بخصوص علاقاتها مع السعودية، بعد اتفاق الرياض مع بقية الدول الأعضاء في مجموعة "أوبك بلاس" على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا.
وأضاف بلينكن في مؤتمر صحافي في ليما مع نظيره وزير خارجية بيرو "في ما يتعلق بمستقبل العلاقات مع الرياض ندرس عددا من خيارات الرد. نتشاور عن كثب بهذا الشأن مع الكونغرس".
ولم يذكر بلينكن على وجه التحديد الخطوات التي تدرسها واشنطن. وتبحث إدارة الرئيس جو بايدن الرد بعد اتفاق أوبك+ الأربعاء على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا.
ويساور القلق إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أن يؤدي خفض إنتاج النفط إلى زيادة أسعار البنزين قبيل انتخابات التجديد النصفي الأميركية في الثامن من نوفمبر، إذ سيدافع الديمقراطيون عن سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ.
ولم يعلن بايدن حتى الآن عن الخطوات التي قد تتخذها واشنطن للرد على خفض إنتاج النفط. وقال بلينكن خلال المؤتمر الصحافي في بيرو إن واشنطن لن تفعل شيئا يضر بمصالحها.
وأضاف "هذا أول وأهم ما سيوجهنا، وسنبقي تلك المصالح في أذهاننا ونتشاور عن كثب مع كافة الأطراف المعنية، بينما نتخذ قرارا بخصوص أي خطوات للمضي قدما".
وقال السيناتور الجمهوري الأميركي تشاك جراسلي الخميس إنه سيحاول إضافة مشروع قانون يضغط على "أوبك+" إلى مشروع قانون سنوي للسياسة الدفاعية، بعد أن أعلنت المجموعة هذا الأسبوع خفض إنتاج النفط.
واجتاز مشروع قانون "منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط" المعروف اختصارا باسم "نوبك" والذي يرعاه جراسلي، لجنة في مجلس الشيوخ بسهولة هذا العام بدعم من أعضاء ديمقراطيين في المجلس.
وتجدد الاهتمام بمشروع نوبك بعد قرار أوبك+ الأربعاء خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا.
وإذا تم تمرير مشروع القانون في غرفتي الكونغرس (النواب والشيوخ)، ووقّعه الرئيس جو بايدن، فإن نوبك قد يغير من قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية، ويلغي "المناعة السيادية" التي حمت الدول الأعضاء في "أوبك+" وشركاتها النفطية الوطنية من الدعاوى القضائية.
وسيمنح القانون إذا ما تم إقراره والمصادقة عليه، المدعي الأميركي العام خيار مقاضاة التجمع النفطي أو أعضائه، في المحاكم الفيدرالية.
وقال جراسلي في بيان "تجاهلت أوبك وشركاؤها مناشدات الرئيس بايدن لزيادة الإنتاج والآن يتواطؤون لخفض الإنتاج وزيادة أسعار النفط العالمية". وأضاف "يجب أن نكون قادرين على الأقل على تحميلهم المسؤولية عن تحديد الأسعار غير العادل".
ومن غير المؤكد أن يحظى التشريع بالدعم الكافي لتمريره، ومن غير المرجح أن ينظر الكونغرس في تشريعات رئيسية قبل انتخابات التجديد النصفي في الثامن من نوفمبر.
وإذا كانت واشنطن ستقاضي دولا أخرى بتهمة التواطؤ، فقد تواجه الولايات المتحدة انتقادات لمحاولاتها التلاعب بالأسواق، على سبيل المثال، من خلال إطلاقها كميات قياسية من النفط من احتياطيات الطوارئ بين مايو ونوفمبر.
وكان البيت الأبيض قد ذكر الأربعاء أنه سيتشاور مع الكونغرس بشأن "أدوات وسلطات إضافية" لتقليل سيطرة أوبك+ على أسعار الطاقة، في إشارة على ما يبدو إلى الدعم المحتمل لتشريع نوبك. وسبق أن أثار البيت الأبيض مخاوف بشأن مشروع القانون.
وفي إطار الضغوط على الرياض، دعا أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس الأميركي إلى خفض حاد في المبيعات العسكرية للسعودية.
واتفقت أوبك+، التي تضم دول أوبك وحلفاء مثل روسيا، على تخفيضات حادة في إنتاج النفط الأربعاء، لتكبح الإمدادات في سوق مأزومة وتزيد احتمال ارتفاع أسعار البنزين مباشرة قبل انتخابات التجديد النصفي الأميركية في الثامن من نوفمبر، عندما يدافع الديمقراطيون، الذين ينتمي إليهم بايدن، عن سيطرتهم على مجلسي الكونغرس.
ودأب بعض المشرعين الأميركيين على طرح التساؤلات بشأن العلاقة الأمنية مع السعوديين.
وطالب الديمقراطيون في الكونغرس الأميركي الخميس بخفض المبيعات العسكرية إلى السعودية. وشكك بعض أعضاء مجلس النواب في علاقات واشنطن الأمنية بالرياض، في ظل الغضب الذي يساورهم بسبب وفاة مدنيين جراء العمليات العسكرية في اليمن، فضلا عن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان.
وقال السيناتور كريس ميرفي، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية للشرق الأوسط في مجلس الشيوخ، لشبكة "سي.أن.بي.سي"، "أعتقد أن الوقت حان لإعادة تقييم شامل للتحالف الأميركي مع السعودية".
وفي مجلس النواب، قدم توم مالينوفسكي وشون كاستن وسوزان وايلد تشريعا يسعى إلى سحب القوات الأميركية من السعودية والإمارات.
واقترح النائب روبن جاليجو أن تستعيد الولايات المتحدة أنظمة باتريوت للدفاع الصاروخي المنتشرة في السعودية.
وقال جاليجو على تويتر "إذا كانوا يفضلون الروس لهذا الحد، فيمكنهم استخدام تقنيتهم العسكرية 'الموثوقة للغاية'".
والسعودية هي أكبر عميل للمعدات العسكرية أميركية الصنع، إذ توافق وزارتا الخارجية والدفاع على طلبات بمليارات الدولارات لها كل عام.
وفي أغسطس أعلنت إدارة بايدن بيع صواريخ باتريوت الاعتراضية ومعدات تصل قيمتها إلى 3.05 مليار دولار للسعودية.
ويحق لأعضاء الكونغرس مراجعة مبيعات الأسلحة الرئيسة ووقفها بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة لعام 1976.
لكن الكونغرس لم يتمكن أبدا من حشد ما يكفي من الأصوات لوقف البيع، بما في ذلك ثلاث محاولات فاشلة لتجاوز نقض الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019 لقرارات من شأنها أن توقف المبيعات للسعوديين.
ومن غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستكون قادرة على استعادة أي من نظام باتريوت أو غيره من المعدات العسكرية التي تم نقلها أو بيعها بالفعل إلى السعودية.
وقال فرانكلين تيرنر، مسؤول العقود الحكومية في شركة ماكارتر آند إنجليش للمحاماة، "من الناحية العملية، من الصعب للغاية تخيل سيناريو يصرح فيه الرئيس بنشر 'قوة إعادة شراء معدات عسكرية' في السعودية لاستعادة مواد دفاعية تم بيعها سابقا، لأنه يختلف مع أوبك بخصوص إنتاج النفط".
وأضاف تيرنر أنه ستكون هناك "تحديات لوجستية هائلة" مرتبطة بمثل هذه العملية إضافة لذلك، مردفا أن مثل هذا العمل من شأنه أن يوتر العلاقات الدبلوماسية بشدة مع المملكة.
وسئل المستشار الاقتصادي لبايدن، بريان ديزي الخميس عن سبب وجوب قيام دافعي الضرائب الأميركيين بتقديم أسلحة أميركية ودعم دفاعي للسعودية في ضوء قرار أوبك+.
وقال ديزي للصحافيين على متن طائرة الرئاسة إنه ليست لديه أي تصريحات. وأضاف "كما ذكرنا أمس (الأربعاء)، سنجري تقييما ونتشاور عن كثب مع الكونغرس حول مجموعة من الأمور".