تحذير شيعي في العراق ولبنان من فوضى عارمة حال استهداف خامنئي

بغداد – يتصاعد القلق في الأوساط الشيعية بالعراق ولبنان من اتساع نطاق الحرب المشتعلة بين إسرائيل وإيران، وتداعياتها الكارثية على المنطقة، فيما تزداد المخاوف خاصة مع تزايد التحذيرات من محاولة اغتيال المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، التي قد تدفع البلدين إلى أتون صراع لا تُحمد عقباه.
وجدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني الخميس إدانة "العدوان العسكري" الإسرائيلي على إيران، محذّرا من أن استمراره والتهديد باستهداف القيادة الإيرانية العليا ينذران بحدوث "فوضى عارمة" في المنطقة.
وجاء في ثاني بيان يصدر عن مكتبه منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية "تجدد المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف إدانتها الشديدة لتواصل العدوان العسكري على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأي تهديد باستهداف قيادتها الدينية والسياسية العليا".
وحذّر من أن "القيام بخطوة إجرامية من هذا القبيل … ينذر بعواقب بالغة السوء في أوضاع هذه المنطقة برمّتها، وربما يؤدي إلى خروجها عن السيطرة تماما وحدوث فوضى عارمة تزيد من معاناة شعوبها وتضر بمصالح الجميع إلى أبعد الحدود".
وتُعد تصريحات السيستاني ذات أهمية بالغة نظرا لمكانته الدينية الكبيرة وتأثيره على ملايين الشيعة حول العالم، لا سيما في العراق، ويعكس تحذيره مخاوف جدية من اتساع نطاق الصراع ليشمل المنطقة بأكملها، مع تداعيات كارثية على المدنيين والمصالح الإقليمية والدولية، كما يعكس ربطه بين استهداف القيادة الإيرانية واشتعال الفوضى فهما عميقا لحساسية الوضع وتداعيات أي خطوات غير محسوبة.
وتشكل الروابط الدينية والروحية العميقة مع إيران حجر الزاوية في القلق المتصاعد بالأوساط الشيعية في العراق ولبنان. فنظرًا لمكانتها كمركز ديني وثقافي بالغ الأهمية للشيعة عالميا، يُعد أي استهداف لقيادتها العليا، لا سيما المرشد الأعلى، تجاوزا لخطوط حمراء قد تفجر ردود فعل عنيفة وغير متوقعة.
ويتعمق هذا القلق بسبب الامتدادات الجغرافية والسياسية للصراع، حيث يعد لبنان والعراق بيئتين حاضنتين لقوى شيعية فاعلة ومؤثرة، مثل حزب الله في لبنان والفصائل المدعومة من إيران في العراق، ومن شأن أي تورط لهذه القوى في صراع أوسع مع إسرائيل والولايات المتحدة أن يُلحق بهما دمارا هائلا، ويزيد بشكل كبير من حالة عدم الاستقرار الداخلي التي تعاني منها بالفعل.
وتتفاقم المخاوف بفعل التجارب التاريخية المريرة التي مرت بها هذه الدول، حيث أدت الصراعات والحروب المتتالية إلى تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية والاقتصادية. لذلك، فإن أي تصعيد جديد يهدد بإعادة هذه السيناريوهات المدمرة، مما يزيد من معاناة الشعوب التي ما زالت تعاني من آثار صراعات سابقة. علاوة على ذلك، هناك مخاوف حقيقية من استهداف البنى التحتية والمقدسات الشيعية في حال اتساع رقعة الحرب، وهو ما يُشكل تهديدا مباشرا للأمن الروحي والمادي للمجتمعات الشيعية في المنطقة.
وباشرت إسرائيل هجوما غير مسبوق على إيران في 13 يونيو، مؤكدة امتلاك معلومات استخباراتية تفيد بأن البرنامج النووي الإيراني شارف "نقطة اللاعودة".
واستهدفت إسرائيل مئات المواقع العسكرية والنووية، وقتلت مسؤولين عسكريين كبارا وعلماء نوويين.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء إن الولايات المتحدة لن تقتل "في الوقت الحالي" المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، محذرا إياه من شنّ هجمات إضافية على إسرائيل وداعيا إيران إلى "الاستسلام" بدون شروط.
ووصف خامنئي الذي يقود إيران منذ العام 1989، دعوة ترامب هذه بأنّها "غير مقبولة".
ومن جهته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن اغتيال خامنئي من شأنه أن "يضع حدا للنزاع".
وناشد السيستاني الذي يعتبره ملايين من الشيعة حول العالم أعلى مرجعية دينية لهم "دول العالم … أن يبذلوا قصارى جهودهم في سبيل وقف هذه الحرب الظالمة وإيجاد حلّ سلمي عادل للملف النووي الإيراني وفق قواعد القانون الدولي".
وبدوره، قال حزب الله اللبناني في بيان الخميس إن "التهديد بالقتل حماقة وتهوّر، له عواقب وخيمة"، مشيرا إلى أن "مجرّد النطق به فيه إساءة إلى مئات الملايين" من المسلمين "وهو مستنكر ومُدان بأبلغ عبارات الإدانة".
وفي وقت سابق الأربعاء دعا زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) مقتدى الصدر للخروج بتظاهرات سلمية منظمة بعد صلاة الجمعة تنديدا بما وصفه بـ"الإرهاب الصهيوني والأميركي وتوسعه الاستعماري ومعاداته للشعوب والأديان".
وذكر الصدر في بيان له على منصة إكس "إنطلاقاً من الواعز الديني والعقائدي والإنساني.. فإنه من الضروري الخروج بتظاهرات سلمية منظمة بعد صلاة الجمعة القادمة والتي ستكون موحدة في كل مركز محافظة على حدة".
وأضاف أن التظاهرات السلمية تأتي "تنديداً بالإرهاب الصهيوني والأميركي وتوسعه الاستعماري ومعاداته للشعوب والأديان، وما يقوم به من مجازر ومن تعد على الدول العربية والإسلامية كما في الاعتداء على الجارة إيران وفلسطين ولبنان وسوريا واليمن، حيث هي المحرك الأول لكل الحروب في العالم".
وتابع "بل وتنديدا باختراق أجوائنا العراقية المحرّمة دوليا.. والذي سيكون ضرراً على الشعب ومقدساته وثوابته".
وأسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل 224 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من ألف آخرين في إيران، وفقا لحصيلة رسمية.
وفي إسرائيل، أسفرت الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية عن مقتل 24 شخصا على الأقل، بحسب الحكومة.
وتجمّع رجال دين شيعة مساء الأربعاء بلباس عسكري في مدينة البصرة بجنوب العراق قرب الحدود مع إيران، رافعين أعلاما عراقية وإيرانية وهاتفين شعارات تندّد بالهجوم الإسرائيلي على إيران.