تحذيرات من طغيان النزعة القبلية على الانتخابات التشريعية في تونس

رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس يبدي مخاوف من تغليب النزعة القبلية على المصلحة العامة، وعلى التنافس النزيه في الاستحقاق البرلماني المقبل.
الأحد 2022/10/30
التعويل على دور الأمن في التصدي للمال السياسي أثناء المسار الانتخابي

تونس - أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر السبت، أن القانون الانتخابي الجديد سيخلق تنافسا حادا بين المرشحين، خاصة في الدوائر الضيقة، محذرا من تغليب النزعة القبلية على المصلحة العامة في الاختيار.

وقال بوعسكر، في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية، السبت خلال دورة تكوينية لصالح الأمنيين ودورهم في الانتخابات، إن هناك مخاوف حقيقية من تغليب النزعة القبلية على المصلحة العامة، وعلى التنافس النزيه خلال الانتخابات التشريعية المرتقبة في السابع عشر من ديسمبر المقبل.

واعتبر أن دور الأمنيين في تأمين العملية الانتخابية، ومرافقة موظفي الهيئة، من شأنه أن يحد من هذه الظاهرة.

وكان سياسيون ونشطاء مدنيون في تونس انتقدوا قانون الانتخابات الجديد، واعتبروا أن نظام الاقتراع من شأنه أن يعزز الانتخاب بحسب الأفراد في دوائر ضيقة، حيث لن يمثل المرشح جهته (المحافظة) بل مدينته (أو مجموعة صغيرة من المدن)، وبالتالي فإن الاختيار لن يكون بحسب التوجه الفكري أو السياسي أو الكفاءة، بل سيكون الاختيار بحسب معرفة الناخب بالمرشح شخصيا، أو أن الاختيار سيكون من المؤثرين سواء من وسائل التواصل أو الإعلام (مهما كان مستواهم) أو أصحاب النفوذ المالي والاجتماعي بالجهة، أو بحسب الانتماء القبلي والعائلي والجهوي في بعض المناطق، خصوصا الداخلية أو الريفية منها.

وأشار هؤلاء السياسيون إلى أن الاختيار سيكون بحسب القرابة الدموية أو بحسب المصلحة أو بحسب من سيدفع أكثر، وذلك بعد أكثر من 60 سنة من محاربة ما يعرف بالعروشية (التعصب للقبيلة)، ومحاولة تأسيس دولة مدنية تقوم على المواطنة، كما أن كل مرشح يجب أن يجمع على الأقل 400 تزكية نصفها من النساء وربعها من الشباب تحت 35 سنة، وبالتالي فإن هذا القانون سيوقظ القبلية والزبونية، وسيكون سببا في جعل المال السياسي لاعبا بارزا في الانتخابات، مع ازدهار تجارة التزكيات.

وأكد بوعسكر أن الهيئة رصدت خلال فترة تقديم الترشحات وتجميع التزكيات بعض التجاوزات، وتصدت لها منذ البداية، بالتنسيق مع مصالح وزارتي الداخلية والعدل.

وأوضح أنه تم فتح بعض التحقيقات القضائية وتوقيف بعض العناصر التي حاولت شراء التزكيات، وتوقيف عدد من المسؤولين الذين استغلوا وسائل الإدارة في جمع التزكيات، خاصة المرشحين منهم للانتخابات التشريعية، كما تم إصدار أحكام قضائية ضد عدد من المتجاوزين.

وأشاد رئيس الهيئة بما اعتبره "سرعة التعاطي مع هذه الجرائم القانونية من طرف الهيئة والجهات الأمنية والضابطة العدلية" (وهي فرقة أمنية متخصصة في التعاطي القضائي مع الجرائم).

ونفى بوعسكر صحة ما يروج من شائعات حول عملية جمع التزكيات، والقول إنها لم تحترم القانون، قائلا إن العكس هو الصحيح.

وأكد أن في حال ثبوت وجود خروقات تتعلق بجمع التزكيات، فإن الهيئة ستعمل على إثبات إن كان عددها مؤثرا أم لا، ليتم بذلك اتخاذ قرار إسقاط الملف أو معاقبة المخالفين فقط.

وبخصوص تمديد آجال "تحيين" السجل الانتخابي، أكد بوعسكر أن الهدف هو إتاحة الحق للناخب في "تحيين" مركز انتخابه بإثبات عنوانه الفعلي لتسهيل العملية الانتخابية.