تحذيرات من المبالغة بإجراءات دعم الاقتصاد

مجلس حكماء الاقتصاد في ألمانيا يناشد الحكومة الألمانية بانتهاج سياسة ملتزمة باقتصاد السوق لتفادي تعريض القواعد الاقتصادية للخطر.
السبت 2020/04/25
تحذير من انفلات طلبات المساعدات

تصاعدت أصوات تحذر من الإفراط في تقديم الدعم الاقتصادي لقطاعات الاقتصاد المتضررة بتفشي فايروس كورونا في ظل انفلات المطالبات، التي يمكن أن تعرض القواعد الاقتصادية لاختلالات خطيرة على المدى البعيد.

برلين - حذر مجلس حكماء الاقتصاد في ألمانيا من المبالغة في إجراءات دعم الاقتصاد من قبل الحكومة الألمانية ودول العالم الأخرى في إطار جهود مواجهة تداعيات أزمة فايروس كورونا المستجد.

وناشد المجلس الحكومة الألمانية بانتهاج سياسة ملتزمة باقتصاد السوق، وعدم الانجرار لانفلات مطالبات جميع القطاعات، لتفادي تعريض القواعد الاقتصادية للخطر.

ونقلت صحيفة هاندلسبلات الألمانية الصادرة أمس الجمعة عن لارس فيلد رئيس مجلس حكماء الاقتصاد قوله إن “ما يتم مناقشته حاليا من إجراءات دعم يعد مشكلة. هناك انطباع بأن كل قطاع يريد أن يتم دعمه على نحو خاص” وبأقصى ما يمكن.

وأشار على سبيل المثال إلى أن قطاع الفندقة يريد خفض ضريبة القيمة المضافة، وهو ما تم إقراره بالفعل، بينما يطالب قطاع السيارات بحوافز شراء سيارات جديدة، في حين يريد قطاع تجارة التجزئة قسائم شراء.

وذكر فيلد أنه إذا تم الاستمرار في هذا الطريق لن يكون بالإمكان تلبية المتطلبات من ناحية السياسة المالية، دون إحداث اختلالات يصعب معالجتها مستقبلا.

وأوضح أن ذلك ينطبق أيضا على إجراءات السياسة الاجتماعية، مثل زيادة دعم الوظائف التي تحولت إلى الدوام الجزئي أو تمديد فترة استحقاق دعم البطالة.

وقال رئيس مجلس حكماء الاقتصاد “يساورني قلق أيضا بشأن ما إذا كنا سننجح في العودة إلى السياسة الاقتصادية الطبيعية”.

وانتقد فيلد خطط تشديد قانون التجارة الخارجية. وقال إن “السعي نحو بناء أسوار تجارية حول أوروبا هو بالتأكيد الطريق الخطأ” في إشارة إلى عزم الحكومة الألمانية تشديد شروط الاستحواذ على الشركات الألمانية التي تعمل في مجالات مهمة استراتيجيا.

وقال وزير الاقتصاد بيتر ألتماير الخميس، إن الحكومة عازمة على حماية الشركات الألمانية في قطاعات مهمة استراتيجيا من عمليات استحواذ عدوانية من قبل مستثمرين أجانب، وخاصة خلال أزمة كورونا.

وأضاف أمام البرلمان الألماني (البوندستاغ) إنه يجب ألا تكون الشركات ضحايا لمحاولات استحواذ، فقط لأن أسعار الأسهم تراجعت حاليا أو لأن لديها خبرة تقنية خاصة.

لارس فيلد: قلق بشأن إمكانية العودة إلى السياسة الاقتصادية الطبيعية
لارس فيلد: قلق بشأن إمكانية العودة إلى السياسة الاقتصادية الطبيعية

وأشار ألتماير إلى أن ألمانيا لديها نظام اقتصادي ليبرالي يرحب بالمستثمرين من خارج الاتحاد الأوروبي، لكن ألمانيا يجب ألا تكون “بلهاء” عندما يتعلق الأمر بمخاطر بالنسبة للمصالح الاقتصادية.

وأوضح أن الأمر يتعلق بحماية بنى تحتية حساسة مثل خطوط المياه والطاقة وكذلك شركات التكنولوجيا الفائقة التي تنتج الأمصال، على سبيل المثال.

وتنص التغييرات المخطط لها على أن يتم فحص أية استثمارات من خارج دول الاتحاد الأوروبي على نحو أكثر شمولا وأكثر بعدا للنظر للمستقبل.

وكانت برلين قد أقرت برامج دعم شاملة لحماية الوظائف والشركات من داعيات إجراءات الحد من الوباء. كما أنشات صندوقا لمساهمة الدولة في الشركات في حالة الضرورة، أي تأميمها كليا أو جزئيا لمنع إفلاسها.

وإلى جانب ذلك تساهم ألمانيا بشكل كبير في برامج الدعم الأوروبية، مثل صندوق الطوارئ البالغ تريليون يورو، الذي تم إقراره الخميس من قبل قادة الاتحاد الأوروبي.

وجاء الاتفاق، الذي يهدف للمساعدة في جهود التعافي من وباء فايروس كورونا، بعد خلافات شديدة بين دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا وإسبانيا من جهة وألمانيا ودول الشمال من جهة أخرى.

وتمكن القادة خلال اجتماع عبر الفيديو، من إبرام اتفاق غير واضح المعالم، لتفادي انفجار الخلافات، مع إرجاء التفاصيل المثيرة للجدل إلى الصيف.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الخلافات ما زالت قائمة بين حكومات الاتحاد بخصوص ما إذا كان الصندوق سيقدم منحا نقدية أم يكتفي بالإقراض.

وتواجه أوروبا صدمة اقتصادية حادة من تفشي فايروس كورونا المستجد، الذي أفضى إلى إغلاقات للحدود داخل الاتحاد ونزاعات بين الدول الأعضاء على الإمدادات الطبية.

وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد للزعماء إن الجائحة قد تخفض ناتج منطقة اليورو بنسبة تتراوح بين 5 إلى 15 في المئة.

وأيدها المفوض المعني بالصناعة في الاتحاد الأوروبي تيري بريتون، الذي رجح الجمعة أن ينكمش اقتصاد التكتل بنسبة تتراوح بين 5 إلى 10 في المئة، مضيفا أن الرقم قد يكون أسوأ إذا “لم تتحسن الأمور”.

وقال أيضا إنه متفائل بأن قادة الاتحاد الأوروبي سيتمكنون في نهاية المطاف من وضع تفاصيل صندوق الطوارئ، الذي تم الاتفاق عليه الخميس.

وأضاف أن “كل شيء يتوقف على سرعة التعافي الاقتصادي. ما زلنا في خضم انتشار الوباء وسنتعلم العيش معه لعدة أشهر”.

وأعاد العثور على سبل لدعم الاقتصاد فتح انقسامات مريرة بين الدول الأكثر غنى في الاتحاد، الواقعة في الشمال وبين أعضاء الاتحاد المطلين على البحر المتوسط، وهم أيضا الأكثر تضررا بتفشي فايروس كورونا المستجد.

لكن بريتون قال إن المبالغ الضرورية لإعادة إطلاق النشاط الاقتصاد ضخمة لذا فالجميع سينتهي بالاتفاق على التفاصيل.

10