تحذيرات من التلاعب بموعد انتخاب رئيس للبنان

بيروت - تثير تصرفات بعض الأفرقاء السياسيين في لبنان، الريبة من إمكانية الدفع نحو تأجيل الجلسة النيابية المقررة في التاسع من يناير المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، في غياب أي مؤشرات عن إمكانية التوافق على مرشح واحد للمنصب الشاغر منذ أكثر من عامين.
وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إن “مشكلة لبنان اليوم هي فقدان الثّقة لدى السّياسيّين بأنفسهم، وببعضهم البعض، وبمؤسّسات الدّولة،” موضحًا أنّ “فقدان الثّقة لدى السّياسيّين بأنفسهم، كما هو ظاهر في عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ سنتين وشهرين. حيث ينتظرون اسم الرّئيس من الخارج، وهذا عار.”
ولفت الراعي خلال ترؤّسه قدّاس الأحد في كنيسة الصّرح البطريركي في بكركي، إلى أنّ “التّاسع من يناير المقبل أي بعد عشرة أيّام، هو اليوم المحدّد لانتخاب الرّئيس، وما زال البعض يفكّر بالتأجيل بانتظار إشعارٍ ما من الخارج. وهذا عيب العيوب وهو مرفوض بكلّيته، وحذار اللّعب بهذا التّاريخ الحاسم.”
وأكّد أنّ “ثقة السّياسيّين بعضهم ببعض مفقودة، وهي ظاهرة في عدد المرشّحين المعلنين والمخبّئين وغير الصّريحين والموعودين، وكأنّهم لا يجرؤون على المجيء إلى البرلمان لانتخاب الرّئيس، بانتظار اسم من الخارج،” مشدّدًا على أنّ “الثّقة بمؤسّسات الدّولة مفقودة، لأنّ بعض السّياسيّين لا تعنيهم هذه المؤسّسات، وأوّلها المجلس النّيابي فاقد صلاحيّة التّشريع، وأن يتوقّف مدّة سنتين وشهرين عن مهمّته التّشريعيّة فلا يعنيهم الأمر، ولا تعنيهم مخالفتهم للدّستور، ولا يعنيهم الضرّر اللّاحق بالبلاد.”
وأضاف “ما القول عن تعطيل البعض للقضاء أو السّيطرة عليه أو تسييسه من بعض السّياسيّين، علمًا أنّ القضاء أساس الملك. وما القول عن عدم ثقة بعض السّياسيّين بالدّولة ككلّ، دستورًا وقوانين وأحكامًا قضائيّة، وإدارات عامّة، واقتصادًا ومالًا ومصارف، وإيداع أموال فيها، وهجرة خيرة شبابنا وشاباتنا وقوانا الحيّة؛ وكأنّ لا أحد مسؤولا عن هذا الخراب.”
وشدد الراعي على أنّ “لا أحد يقدّر دور الرّئيس الآتي: فأمامه إعادة الثّقة إلى السّياسيّين بأنفسهم، وببعضهم البعض، وبالدّولة ومؤسّساتها. وأمامه بناء الوحدة الدّاخليّة بين جميع اللّبنانيّين بالمحبّة المتبادلة، على أساس من المواطنة اللّبنانيّة والولاء للبنان والمساواة أمام القانون. وأمامه إصلاحات البنى والهيكليّات المقرّرة في مؤتمرات باريس وروما وبروكسل،” مشيرًا إلى أنّ “مثل هذا الرّئيس يُبحث عنه، ويرغم بقبول المهمّة الصّعبة، ويحاط بثقة جميع السّياسيّين واللّبنانيّين عامّة.”
ويعول اللبنانيون على الجلسة المنتظرة الشهر المقبل لإنهاء المعضلة الرئاسية وبالتالي مصالحة لبنان على المجتمع الدولي، لكن لا بوادر عن إمكانية حدوث ذلك، مع إصرار فريق الممانعة الذي يقوده حزب الله على المضي في ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
وترى القوى السيادية التي يتزعمها حزبا القوات اللبنانية والكتائب أن التمسك بفرنجية، من شأنه أن يضعف أي إمكانية لإنجاح جلسة التاسع من يناير وإخراج موقع الرئاسة من مستنقع الشغور. ويوحي بأن فرنجية وفريقه السياسي يصرون على مقاربة الجلسة المذكورة بمرشح تحد.
وتحدثت أوساط من القوى السيادية أن تصرفات فرنجية الأخيرة كشفت من جهة عن وجود نيات مبيتة لدى فريق الممانعة، وهي تدفع من جهة ثانية بفريق المعارضة إلى إعادة النظر بخياراته، كعودته على سبيل المثال إلى ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وتخليه في المقابل عن فكرة المرشح التوافقي.
وبرزت تكهنات خلال الفترة الماضية عن إمكانية انسحاب فرنجية من سباق الرئاسة، وهو ما أنعش الآمال في أن يشكل ذلك مدخلا للأفرقاء للتفاهم على مرشح توافقي أو أكثر، لكن هذه الآمال سرعان ما تبددت، ليبقى لبنان يتخبط في أزمة الشغور. ويربط المجتمع الدولي أي دعم للبنان سواء في ملف إعادة الإعمار، أو في إنعاش اقتصاده، بوجوب التوصل إلى حل لمعضلة الشغور الرئاسي.
◙ القوى السيادية التي يتزعمها حزبا القوات اللبنانية والكتائب ترى أن التمسك بفرنجية، من شأنه أن يضعف أي إمكانية لإنجاح جلسة التاسع من يناير
وأكّد عضو تكتل “الجمهوريّة القويّة” النّائب سعيد الأسمر، أنّه “من الصّعب الحسم بما ستؤول إليه جلسة الانتخابات الرئاسية في التاسع من كانون الثاني المقبل، لأنه حتى الساعة ما من اتفاق على اسم معيّن، ويبدو أن هذا الأمر مازال حلماً بعيد المنال إلى حدّ ما، وإن كنا نسعى إلى أن يتحوّل هذا الحلم إلى حقيقة، وأن يتمّ انتخاب رئيس الجمهورية بأسرع وقت؛ واليوم قبل الغد.”
وعن ترويج البعض بأن “القوات اللبنانية” تميل إلى تأجيل الانتخاب إلى ما بعد العشرين من يناير، أشار الأسمر في حديث لصحيفة “الديار” المحلية ، إلى أن “الشائعات والأخبار وكل ما يتردّد في هذا الإطار، قد تكون ناشطة في هذه الأيام، ولكن من يطّلع على الواقع، يلاحظ أن معراب تحوّلت إلى خلية نحل، وتعمل من دون كلل من أجل تقريب وجهات النظر، والتوصل إلى حلول جذرية ليكون لدينا رئيس في أقرب وقت ممكن.”
وقال الأسمر “سنتَان مرّتا على الشغور الرئاسي، ولسنا من سيعمل على التأجيل الآن، بل نحن نعمل من أجل انتخاب الرئيس، ولكن طبعاً الرئيس الذي سيحمل الخلاص للجمهورية اللبنانية. أما بالنسبة لمن يعمل على إشاعة هذه الأخبار، فهو عمل أيضاً في السابق على شنّ الحملات لتشويه صورة القوات اللبنانية وتصويرها بالمعرقلة أو المقاطعة لانتخاب الرئيس، بينما كنا، وحتى الساعة، من أوائل الحاضرين في جلسات الانتخاب.”
وشدّد على أنّ “معراب مازالت مركزاً لاستقطاب كل الذين يعملون لإنجاز الاستحقاق وسعاة الخير، من أجل تقريب وجهات النظر والوصول إلى نتائج إيجابية، وإيصال البلاد إلى شاطئ الأمان بعد كل الأزمات التي مرّ بها لبنان.” وعن الاتصالات التي تحصل بين الكتل المعارضة والكتل الأخرى، وعما إذا هناك نواة توافق على مرشح معين، أوضح أن “التواصل قائم مع النواب في المعارضة وغير المعارِضة، لأن المرحلة استثنائية ونحن منفتحون على الجميع، ونتواصل مع الجميع للتوصل معهم إلى تفاهمات تليق بالثوابت التي يحتاجها البلد.”