تحذيرات من استمرار أوروبا في تجاهل الوضع بليبيا

الولايات المتحدة تبحث عن "خيارات مناسبة" تقوم على حكومة جديدة تشرف على إجراء الانتخابات.
السبت 2022/01/08
قضايا الهجرة أكثر ما يقلق أوروبا في ليبيا

روما - تزايدت التحذيرات من استمرار أوروبا في تجاهل الوضع في ليبيا الذي باتت تسيطر عليه تركيا وروسيا، فيما تبدو الولايات المتحدة تقود منفردة جهود تفكيك النفوذين الروسي والتركي في البلاد.

وحذر وزير الداخلية الإيطالي الأسبق ماركو مينيتي من استمرار سيطرة موسكو وأنقرة على البلد داعيا إلى “مبادرة حقيقية، قوية لا لبس فيها” من جانب أوروبا، التي طالبها بـ”دور ريادي مباشر لقارة عظيمة تتحمل مسؤولية المبادرات السياسية والدبلوماسية الهادفة إلى ضمان الاستقرار والأمن في منطقة المتوسط”.

وتراجع الدور الأوروبي في البلاد بشكل ملحوظ والذي طغت عليه خلال السنوات الماضية الخلافات الفرنسية - الإيطالية، التي هدأت مؤخرا وسط حديث عن توصل البلدين إلى رؤية مشتركة بشأن ما يجري في البلاد. وفي حين دعّمت إيطاليا السلطات في المنطقة الغربية التي يهيمن عليها الإسلاميون اختارت فرنسا دعم البرلمان والجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.

وقال وزير الداخلية الإيطالي الأسبق إن “ليبيا تجازف بالانقسام” بعد إرجاء الانتخابات التي كان من المقرر أن تُجرى في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي.

ماركو مينيتي: لا بد من مبادرة حقيقية قوية لا لبس فيها من جانب أوروبا

وكتب مينيتي في مقال افتتاحي لجريدة “لا ريبوبليكا” الإيطالية الجمعة، أن “هناك خطر حدوث تصدعات جديدة” في ليبيا، “مع رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة الذي لا ينوي ترك المشهد وبقية الأطراف الأخرى، من المشير خليفة حفتر إلى فتحي باشاغا، ومن أحمد معيتيق إلى عقيلة صالح، الذين يفكرون بأن تفويض حكومة الوحدة الوطنية الحالية استنفد بشكل لا يمكن إصلاحه”.

وكان وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا ونائب رئيس المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق قد زارا بنغازي نهاية ديسمبر الماضي، حيث التقيا قائد الجيش المشير خليفة حفتر وعددا من المترشحين للانتخابات الرئاسية محسوبين على المنطقة الشرقية والجنوب. وتواترت أنباء عقب الزيارة التي وصفت بالتاريخية بأن هذه الشخصيات تستعد لتشكيل حكومة جديدة تمهيدا للإعلان عن فشل إجراء الانتخابات.

وردت كل من تركيا وبريطانيا برفض التعامل مع أي حكومة جديدة وصفتاها بـ”الموازية”، في حين قال مراقبون إن الولايات المتحدة تريد حكومة جديدة تشرف على إجراء الانتخابات بعد أن فشلت حكومة الدبيبة في القيام بالمهة، في حين لم يصدر أي موقف مباشر أو غير مباشر عن دول الاتحاد الأوروبي.

وأعرب مينيتي عن “الخشية على ليبيا من حكومة جديدة دون قوة تفويض شعبي”، وبالتالي “ضعيفة وعرضة للتأثيرات الداخلية والخارجية”، علاوة على ذلك “إذا أصبحت هناك حكومتان من خلال فرضية الدولتين، فإن هذا المنحى قد يصبح خطيرا للغاية”، لـ”تنزلق الأوضاع في النهاية إلى أسوأ موقف ممكن” أو “تقسيم ليبيا إلى مناطق نفوذ”.

وأشار مينيتي القيادي بالحزب الديمقراطي، في هذا الصدد إلى أن طرابلس خاضعة لنفوذ تركي ـ قطري في حين تخضع برقة لنفوذ روسي - مصري لذا “فهو شبح التقسيم الذي يخيّم على الأوضاع، والذي لم تتم الإشارة إليه صراحة، ولم يتم استبعاده أبدا”.

وتحدث مينيتي عن “وهم دراماتيكي يتمثل بالاستقرار القسري المضمون من الخارج”، مبينا أنها “ستكون كارثة استراتيجية ليس لإيطاليا وحسب، بل لأوروبا بأسرها”، لأن “تسليم نفوذ نهائي في ليبيا إلى قوتين شرقيتين، سيشكل تغييرا هاما في ميزان القوى في منطقة وسط المتوسط، الحاسمة لإدارة تدفقات الهجرة، إمدادات الطاقة، مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن الصحي”.

وتراجع دور إيطاليا بشكل كبير لصالح تركيا التي باتت تسيطر على المنطقة الغربية بشكل كامل، في حين أنهى تواجد عناصر مرتزقة فاغنر الروس وسط وشرق وجنوب ليبيا طموحات فرنسا الاقتصادية والمتمثلة أساسا في السيطرة على ميناء سرت.

دور إيطاليا تراجع لصالح تركيا التي باتت تسيطر على المنطقة الغربية بشكل كامل، في حين أنهى تواجد عناصر مرتزقة فاغنر الروس وسط وشرق وجنوب ليبيا طموحات فرنسا الاقتصادية

كما يزاحم وجود مرتزقة فاغنر في الجنوب نفوذ فرنسا في المنطقة وفي أفريقيا بشكل عام، لاسيما في ظل ما يتواتر من أنباء بشأن تدريب فاغنر للمعارضة التشادية التي قادت هجوما على تشاد العام الماضي انتهى بمقتل الرئيس إدريس ديبي.

 وتصاعدت الانتقادات مؤخرا لدور الغرب في ليبيا وسط اتهامات للولايات المتحدة بغض الطرف عن تدخلات تركيا السلبية بالشؤون الليبية.

وتشير تقارير أوروبية إلى أن واشنطن والعواصم والغربية لا تتدخل لوقف هذه التدخلات لأن أنقرة قادرة على تحقيق المصالح العليا للنظام الغربي، لافتة إلى أن دول المجتمع الدولي غير جادة بالمرة في محاسبة الأتراك على تدخلاتهم في ليبيا.

ونشرت وكالة أنباء “هاوار” البلجيكية تقريرا حذر من “استمرار تركيا في اللعب على هوامش التناقضات بين الدول لتوسيع قدرتها على استعادة مشروعها الامبراطوري الذي انهار بعد الحرب العالمية الأولى والمتمثل بالامبراطورية العثمانية”.

ولا يتفق مراقبون مع ما تشير إليه تلك التقارير، حيث تعكس تحركات السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند حرصا أميركيا بالغا على تفكيك النفوذين التركي والروسي في البلاد، من خلال السعي إلى إجراء انتخابات تنهي سيطرة الدبيبة المحسوب على تركيا وتشكيل حكومة جديدة يرى هؤلاء أن أولويتها ستكون إخراج المرتزقة الروس والسوريين المحسوبين على تركيا من البلاد.

4