تحذيرات في ليبيا من إجراء انتخابات لا تنهي الانقسام

إخوان ليبيا يضغطون لإجراء انتخابات برلمانية مع الإبقاء على المجلس الرئاسي.
الأربعاء 2019/02/13
انتخابات على مقاس الإسلاميين

يضغط تيار الإسلام السياسي وحلفاؤه عبر بعثة الأمم المتحدة المتهمة بالانحياز إلى صفهم، لإجراء انتخابات على مقاسهم تعيد انتخاب برلمان جديد مع تأجيل الاستحقاقات الرئاسية إلى ما بعد صدور الدستور.

بنغازي (ليبيا) - حذر سياسيون ليبيون من مغبة إجراء انتخابات لا تنهي الانقسام والفوضي العاصفين بالبلاد منذ سنوات. وبرز منذ نهاية 2016 مقترح إجراء الانتخابات مع وصول مفاوضات توحيد السلطات بين مجلسي النواب والدولة إلى طريق مسدود.

وقال عضو مجلس النواب عبدالسلام نصية إن إجراء انتخابات برلمانية فقط يعني الإصرار على استمرار الفوضى والتمسك بعدم قيام مؤسسات الدولة.

وشدد نصية في تغريدة على صفحته بموقع “تويتر” على “ضرورة التوقف عن الخداع”، لافتا إلى أهمية أن يعلم الشعب الليبي من يقف وراء رفض الانتخابات الرئاسية سواء بالداخل أو الخارج، في إشارة إلى تيار الإسلام السياسي وحلفائه الدوليين والإقليميين.

وجاءت تصريحات نصية عقب زيارة السفير البريطاني فرنك بيكر إلى طبرق الاثنين حيث تناقش مع أعضاء مجلس النواب بشأن إجراء انتخابات تشريعية فقط وتأجيل الرئاسية إلى ما بعد  إصدار دستور للبلاد.

وقال عضو مجلس النواب عزالدين قويرب إن اللقاء مع بيكر تركز حول فكرة إجراء الانتخابات البرلمانية فقط دون الرئاسية كأهم المخرجات التي سيتمخض عنها المؤتمر الوطني الجامع الذي يستعد المبعوث الأممي غسان سلامة لعقده.

تمسك الإسلاميين بضرورة إصدار الدستور قبل الرئاسيات يهدف إلى تأخيرها بسبب مخاوف من أن يفوز بها أحد خصومهم

وأضاف عزالدين قويرب “حسب ما فهمت شخصيا من خلال اللقاء أن البعثة استطاعت أن تحشد حتى الآن أصوات ثماني دول مؤثرة في المشهد الليبي من أجل الدفع في هذا الاتجاه وضمنت اتفاقها إرضاء لأصوات الآلاف من الليبيين المطالبين بالانتخابات”.

وتابع قويرب “على ما يبدو لن يكون للبرلمان القادم حسب المخطط المطروح أي دور على مستوى اختيار سلطة تنفيذية موحدة، بل مطلوب منه فقط رعاية العملية الدستورية الانتقالية تجسيدا لما يقول السفير بأنه رغبة الليبيين في إجراء تغيير على مستوى السلطة التشريعية واستمرار المجلس الرئاسي الحالي محتفظا بصفته وصلاحياته الرئاسية إلى حين الوصول إلى دستور دائم للبلاد”.

ويتوافق ما طرحه السفير البريطاني مع رئيس مجلس الدولة السابق المقرب من تيار الإسلام السياسي عبدالرحمن السويحلي، الذي أعلن في تصريحات إعلامية رفضه إجراء انتخابات رئاسية.

وقال السويحلي “موضوع الانتخابات الرئاسية غير مطروح أو متاح لعدم وجود دستور يحدد صلاحيات الرئيس لأنّ الليبيين لم يختاروا النظام الرئاسي لحكم وإدارة البلاد”.

وقوبل مقترح إجراء الانتخابات وخاصة الرئاسية منذ البداية برفض الإسلاميين، الذين طالبوا بإجراء الاستفتاء على الدستور، وهو ما أدى إلى تأخير الاستحقاقات التي حدد لها موعد 10 ديسمبر الماضي، خلال مؤتمر باريس.

ويعود تمسك الإسلاميين بضرورة إصدار الدستور قبل الانتخابات الرئاسية إلى تأخير تلك الاستحقاقات التي يخشون أن يفوز بها أحد خصومهم وخاصة القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر.

فالاستفتاء على الدستور حتى وإن تم قريبا فإن توقعات تشير إلى إمكانية كبيرة لسقوطه بسبب رفض إقليم برقة له.

وسيجرى الاستفتاء وفقا للقانون الذي أعده مجلس النواب حسب الأقاليم، ما يعني أن سقوطه في إقليم واحد سيتطلب إعادة صياغة الدستور من جديد، وهو ما سيستغرق وقتا طويلا، خاصة وأن المسودة الحالية استغرقت نحو ثلاث سنوات.

وتشترط مسودة الدستور الحالية على العسكريين الراغبين في الترشح للرئاسة، الاستقالة من منصبهم قبل سنتين من الترشح، وهو السبب الثاني لإصرار الإسلاميين على ضرورة صدور الدستور لمنع حفتر من الترشح.

وكان المبعوث الأممي غسان سلامة قال إنه في صورة ما فشل الاستفتاء في تمرير الدستور، فسيكون لا بد من الاستناد على تشريعات أخرى، في إشارة إلى إجراء بعض التعديلات على الإعلان الدستوري الحالي، وهو مقترح يقدمه المنادون بالانتخابات الرئاسية.

لكن يبدو أن سلامة قد اختار الانحياز لطرح الإسلاميين وحلفائهم وكشف عبدالمنعم درنبه، عضو الحراك الشعبي في ليبيا، عن أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غير محايدة وتنحاز لتيار دون الآخر، وهذا ما عقد عملها، مطالبا برحيل غسان سلامة فورا لأنه لم يقدم شيئا لليبيين.

وقال درنبه الثلاثاء إن “غسان سلامة أصبح خصما يساهم في الأزمة العنيفة التي تشهدها ليبيا”، لافتا إلى أن المبعوث الأممي تحول إلى معارض وأصبح جزءا من الأزمة الليبية.

وأضاف أن “المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة فشل في التوصل إلى حل ينهي أزمة الشعب الليبي، ولم يضف جديدا في الملف الليبي منذ توليه رئاسة بعثة الدعم الأممية وحتى اليوم”.

 الليبيون يفقدون الثقة في البعثة الأممية
 الليبيون يفقدون الثقة في البعثة الأممية

وأوضح درنبه أن “خارطة الطريق لحل الأزمة تبدأ من إعلان جدول زمني لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف الأمم المتحدة، وهذا ما أخفق فيه سلامة الذي يلمح إلى تأجيل الانتخابات مرارا” .

وأكد أن “معاناة الليبيين تتفاقم بسبب وجود غسان سلامة على رأس البعثة الأممية، الذي يحاول إحياء المؤتمر الجامع والذي لم يعد له معنى الآن”، معتبرا أن “سلامة أصبح جزءا من أزمة ليبيا وليس جزءا من الحل وعليه الرحيل فورا لأنه لم يقدم شيئا لليبيين”.

وأشار درنبه إلى أن “بعثة الأمم المتحدة برئاسة غسان سلامة ما زالت تحاول تمديد وضع اللا دولة باقتراحات ساذجة أثبتت التجربة أنها ليست لها جدوى لأن مشكلة ليبيا أمنية وليس كما تم تسويقه بأنها مشكلة سياسية”.

وقال إن “البعثة الأممية فقدت مصداقيتها في الشارع الليبي ولم يعد هناك أحد يؤمن بكونها ستقدم جديدا، لذلك على رئيسها أن يحزم أمتعته ويرحل”.

ولفت درنبه إلى أن استطلاعات الرأي أكدت بما لا يدع مجالا للشك عدم رضا الليبيين عن أداء بعثة الأمم المتحدة، حيث “صوتوا ضد بقاء غسان سلامة ولا بد أن يرحل، فهو لم يأت بجديد ولو استمر أكثر من ذلك ستتعقد الأزمة أكثر من ذلك”.

وكان استطلاع رأي أجراه الحراك الشعبي “مانديلا ليبيا” كشف عن أن 85 بالمئة من الليبيين لا يثقون في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ورئيسها غسان سلامة لحل الأزمة السياسية في البلاد.

وشارك في الاستطلاع، الذي استمر لمدة أسبوع ونشر على موقع الحراك، 153 ألف شخص، صوت 85 بالمئة منهم على فشل البعثة الأممية في حل أزمة ليبيا السياسية وتحديد موعد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا، مقابل 15 بالمئة أيدوا نجاحها.

4