تحذيرات في الكويت من انتخابات طلابية ملغومة بالقبلية والمال السياسي

الكويت- أطلقت الاستعدادات الجارية في الكويت لإجراء انتخابات اتحادات طلبة الجامعة والتعليم التطبيقي، موجة تحذيرات من اختراق الاعتبارات القبلية والحزبية للاستحقاق وتحويله إلى منفذ آخر للأحزاب والقوى العشائرية لترسيخ أقدامها في جامعات البلاد واتخاذها ملاذا لها بديلا عن خسارتها لأهم منبر لها، مجلس الأمّة الذي تمّ حله قبل أشهر بقرار من أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بعد أن تحوّل إلى عامل عدم استقرار وعرقلة لمسار الإصلاح.
وتوجّهت المناشدات لمواجهة الظاهرة والتصدّي لها مباشرة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي نادر عبدالجلال الذي عيّن حديثا على رأس الوزارة ضمن التعديل الذي أدخل مؤخرا على حكومة الشيخ أحمد عبدالله الصباح.
وشهدت الحياة الجامعية في عهد الوزير السابق عادل العدواني تجاذبات شاركت فيها بشكل رئيسي قوى إسلامية كانت قد تمكنت من فرض قرارات مستمدة من أيديولوجيتها وتمثّلت خصوصا في منع الاختلاط في مقاعد الدراسة الجامعية، الأمر الذي عدّ علامة على سيطرة تلك القوى على العملية التعليمية في البلاد واختراقها لها بما أثّر على مستواها وأضعف مخرجاتها.
◄ بيان يحمل توقيع "القوى الطلابية" تضمن مطالبة للسلطات بإجراء تحقيق عاجل بشأن ما كشف عنه رئيس جمعية النزاهة
وجاءت التحذيرات الجديدة من اختراق الجامعة الكويتية من قبل قوى دخيلة عليها بعد نشر إحدى الشخصيات الناشطة في محاربة الفساد “معلومات” بشأن قيام بعض الأطراف بضخ أموال لتوجيه الحركة الطلابية الكويتية داخل البلاد وخارجها.
وأعلنت الهيئة التنفيذية للاتحاد الوطني لطلبة الكويت الأسبوع الماضي عن تحديد مواعيد التسجيل للترشح لانتخابات فرع جامعة الكويت بدءا من السبت الماضي وحتّى الأربعاء القادم على أن يكون يوم الخميس موعدا لتلقي طلبات الانسحاب.
وفجّر قضية دخول المال السياسي على خطّ الحركة الطلابية الكويتية حمود العنزي الأمين العام لجمعية النزاهة الوطنية حيث تحدّث لصحيفة النهار المحلية “عن أموال مجهولة المصدر تتدفق بلا حسيب أو رقيب لتمزيق وحدة الحركة الطلابية، وغرس بذور الفتنة بين صفوفها من خلال تقسيم الطلاب إلى توجهات فئوية وطائفية ضيقة لا تمت بأي صلة إلى قيم العمل الطلابي”.
ووصفت الإعلامية والكاتبة إقبال الأحمد ما أورده العنزي بالخطير ورأت أنّه “من واجب الوزير والحكومة التوقّف عنده واتخاذ الإجراءات المطلوبة والضرورية بشأنه في الوقت المناسب”.
وقالت في مقال لها على أعمدة صحيفة القبس المحلية إنّ كلام أمين عام جمعية النزاهة تضمن تحذيرا واضحا من “خطورة الاستقطاب القبلي للنشاط الطلابي في المرحلة الجامعية وفي انتخابات اتحادات طلبة الجامعة والتطبيقي داخل الكويت وخارجها”.
وكان العنزي قد تحدّث عن رصد حوالي ثلاثين فرعية قبلية في انتخابات الاتحادات والجمعيات الطلابية داخل الكويت وخارجها وحوالي مليون دينار (3.27 مليون دولار) تضخ سنويا لتمويل الصراعات الطلابية داخل الجامعة، علما بأن هذه الاتحادات الطلابية هي اتحادات غير رسمية ويتم تمويلها بشكل لا يخضع للرقابة من أي جهة في الدولة.
وقال إنّ ذلك يفتح المجال لتدخل أقطاب سياسية لتغذية العنف الطلابي والاستقطاب الفئوي في هذه الانتخابات التي غالبا ما تتسم بالتعصب والكراهية والعنف.
وحذّرت الأحمد من أنّه “مع اقتراب موعد انتخابات اتحاد الطلبة التي ستتم خلال الأسابيع المقبلة، فمن السهولة أن تتم هذه الانتخابات على هذه الأسس نفسها التي وصفها العنزي بالهدامة، ولا تتناسب مع جهود الدولة التي تهدف إلى ترسيخ قيم المواطنة ومكافحة الفساد”.
وتوجّهت بمناشدتها إلى الوزير عبدالجلال “للتدخل فورا لوقف هذه الانتخابات أو تأجيلها إلى حين تعديل النظام الانتخابي وإلغاء الاقتراع الطلابي العام المباشر، ووقف الانتخابات الفرعية المُجرّمة قانونا، كما هي في مجلس الأمة، التي صدرت أحكام قضائية تعاقب من مارسها في الانتخابات الأخيرة”.
وفي سياق التفاعل مع القضية صدر بيان يحمل توقيع “القوى الطلابية” تضمن مطالبة للسلطات بإجراء تحقيق عاجل بشأن ما كشف عنه رئيس جمعية النزاهة.
وورد في البيان “أن تكاتف القوى الطلابية يزداد تماسكا وقوة يوما بعد يوم، وذلك لإسقاط ما يسمى بالهيئة التنفيذية التي نعلم يقينا أنها السبب وراء هذا الانهيار الخطير لمنظومة الحركة الطلابية الكويتية، وإننا نعلم تمام العلم أن هذه الهيئة ليست سوى أداة في أيدي من يسعون للعبث بمصير الحركة الطلابية وتحويلها إلى ساحة للمصالح الفئوية والحزبية”.
كما ورد أيضا أنّ “التدخلات والتلاعبات التي تدار بطرق خفية وغير شرعية تهدف إلى توجيه العمل الطلابي لخدمة مصالح لا تمت بصلة لمصلحة الطلاب ولا للحركة الطلابية نفسها.. وأن هذه الممارسات غير المشروعة تعد تعديا صارخا على أهداف الحركة الطلابية الكويتية التي وضعها مؤسسوها الأوائل الذين كانوا يسعون إلى تأسيس حركة نقابية طلابية تكون صوتا حرا مستقلا للطلبة، تعكس وحدتهم وتطلعاتهم المشتركة، لا أن تتحول الى ساحة للصراعات والتكتلات التي تخدم مصالح ضيقة وأجندات سياسية مشبوهة”.