تحذيرات عربية من حمام دم وتهجير واسع للفلسطينيين

الفلسطينيون يترقبون الهجوم على رفح وسط إصرار إسرائيلي.
الأحد 2024/02/11
مؤشرات على هجوم غير مسبوق

الانتظار يسيطر على الجميع في رفح، هل سينفذ رئيس الوزراء الإسرائيلي تهديداته بالهجوم أم تفيد الضغوط الخارجية، وخاصة الأميركية، في تأجيل المغامرة الإسرائيلية. العرب يتخوفون من أن يحبط الهجوم مسار السلام الهش، وخاصة من تحويل التهجير إلى مصر كأمر واقع.

غزة - صدرت تصريحات عربية متزامنة تحذر من مخاطر الهجوم الإسرائيلي المنتظر على رفح، ومن حمام دم ما قد يدفع الآلاف إلى الهجرة القسرية إلى مصر، فيما يكتفي الفلسطينيون، وعددهم يتجاوز المليون، بالانتظار. وحذّر الأردن، السبت، من وقوع “حمام دم” في مدينة رفح التي باتت الملاذ الأخير لمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة، بعد تلويح إسرائيل بشنّ عملية عسكرية فيها، بينما دعت السعودية مجلس الأمن الدولي للتحرك.

وطلب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، من جيشه الاستعداد للهجوم على رفح القريبة من الحدود مع مصر. وأكد مكتبه، الجمعة، أنه أصدر توجيهات بإعداد خطّة “لإجلاء المدنيين” من المدينة التي يقيم فيها أكثر من 1,3 مليون شخص.

وكتب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على منصة إكس، السبت، “لا يمكن السماح بحمام دم آخر في غزة”. وحذّر من أن “أي هجوم إسرائيلي على 1.5 مليون فلسطيني يواجهون بالفعل ظروفاً غير إنسانية في رفح سوف يتسبب في مذبحة للأبرياء”، مضيفا “يجب على مجلس الأمن، والعالم أجمع، منع ذلك وإنهاء العدوان الذي وصم إنسانيتنا الجماعية.

وكانت الخارجية الأردنية حذّرت، في وقت سابق، “من خطورة إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي تؤوي عدداً كبيراً من الأشقاء الفلسطينيين الذين نزحوا إليها كملاذ آمن من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة”.

وجدد المتحدث الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة “رفض المملكة المطلق لتهجير الفلسطينيين داخل أرضهم أو إلى خارجها”، مشدداً على “ضرورة إنهاء الحرب على القطاع والتوصل لوقف فوري لإطلاق النار يضمن حماية المدنيين وعودتهم إلى أماكن سكناهم ووصول المساعدات إلى كافة أنحاء القطاع”.

◙ الدول العربية تخشى أن تؤدي حركة نزوح عبر الحدود إلى تقويض احتمالات التوصل إلى "حل الدولتين" وإحراج العرب

بدورها، حذّرت وزارة الخارجية السعودية في بيان، السبت، “من التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة”. واعتبرت أن “هذا الإمعان في انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلاً لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان”.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، السبت، “الأعمال التي بدأت والنشاط العسكري في جنوب قطاع غزة في منطقة رفح تنبئ بمزيد من الضحايا المدنيين، ووضع إنساني كارثي لوجود مليون و400 ألف مواطن فلسطيني متكدسين الآن في رقعة ضيقة جدا ولا يمكن لهم حماية أنفسهم أمام هذه الأعمال العسكرية”.

وحذر من أن أي تصعيد ستكون له “آثار وخيمة”. وقالت الرئاسة الفلسطينية إن خطط نتنياهو للتصعيد العسكري في رفح يراد بها تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه. وقال مكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس “إقدام الاحتلال على هذه الخطوة يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وإن ذلك تجاوز لكل الخطوط الحمراء”.

ومنذ الأيام الأولى للصراع، قالت الحكومات العربية، لا سيما مصر والأردن، إنه يتعين ألا يُطرد الفلسطينيون من الأراضي التي يريدون إقامة دولتهم عليها في المستقبل، والتي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتخشى هذه الدول، مثل الفلسطينيين، أن تؤدي أي حركة جماعية عبر الحدود إلى تقويض احتمالات التوصل إلى “حل الدولتين”، وترك الدول العربية تتعامل مع العواقب. ومع تفاقم الأزمة الإنسانية، عبر كبار مسؤولي الأمم المتحدة عن المخاوف نفسها بشأن حدوث نزوح جماعي. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 10 ديسمبر، “أتوقع أن ينهار النظام العام تماما قريبا، وقد تتكشف فصول هذا في وضع أسوأ يتضمن الأوبئة وزيادة الضغط من أجل نزوح جماعي إلى مصر”.

وكتب فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في صحيفة لوس أنجلس تايمز في التاسع من ديسمبر كانون الأول، “التطورات التي نشهدها تشير إلى محاولات نقل الفلسطينيين إلى مصر، بغض النظر عما إذا كانوا سيقيمون هناك أو سيتم إعادة توطينهم في مكان آخر”.

وقال مسعفون، السبت، إن غارة جوية إسرائيلية على مدينة رفح بقطاع غزة قتلت 17 شخصا خلال الليل. وعلى عكس الهجمات الإسرائيلية السابقة على المدن خلال الحرب، التي أمر الجيش خلالها المدنيين بالتوجه إلى جنوب القطاع، لا توجد أي منطقة أخرى سالمة نسبيا في القطاع الفلسطيني الصغير، وتحذر وكالات الإغاثة من أن المدنيين قد يُقتلون بأعداد كبيرة.

وقال رزق صالح (35 عاما)، الذي فر من منزله في مدينة غزة مع أسرته وطفليه إلى رفح في أوائل الحرب، “اجتياح إسرائيلي لرفح يعني مجازر، يعني دمارا، الناس منتشرة في كل إنش في المدينة وما مكان تاني نروح عليه”. وبدأ الصراع في غزة في السابع من أكتوبر، حينما هاجم مسلحون من حماس بلدات في إسرائيل التي تقول إنهم قتلوا 1200 شخص أغلبهم من المدنيين، واقتادوا معهم نحو 250 رهينة إلى غزة.

وردت إسرائيل بقصف وهجوم بري هائلين قُتل خلالهما حوالي 28 ألف فلسطيني أغلبهم من المدنيين، بحسب السلطات الطبية في قطاع غزة. ويهدد الصراع بالامتداد في أنحاء الشرق الأوسط، في ظل تبادل إسرائيل إطلاق النار بشكل شبه يومي مع جماعة حزب الله اللبنانية والتصعيد في سوريا والعراق واليمن.

وقالت مصادر أمنية إن غارة إسرائيلية، السبت، في لبنان استهدفت شخصية فلسطينية مقربة من حماس، إلا أن الشخصية المستهدفة نجت من الهجوم وقتل ثلاثة أشخاص آخرين. وتحولت مناطق واسعة من غزة إلى أنقاض، إذ دمرت القوات الإسرائيلية أجزاء كبيرة من البلدات بغارات جوية ونيران المدفعية وتفجيرات، ما أدى إلى تشريد أكثر من 85 بالمئة من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

ولجأ أغلب النازحين إلى رفح المتاخمة لمصر في أقصى جنوب القطاع، لكن بعد فشل محادثات وقف إطلاق النار، قال نتنياهو قبل أيام إن القوات الإسرائيلية ستقاتل حتى تحقيق “النصر التام”، بما في ذلك في رفح. وقال مسعفون إن إسرائيل نفذت غارة جوية، مساء أمس الجمعة، على منزل في رفح، مما أدى إلى مقتل 11 شخصا وإصابة عشرات آخرين، بينما أسفرت غارة أخرى عن مقتل ستة في منزل آخر.

وفي خان يونس، وهي مدينة جنوبية رئيسية أخرى فر إليها كثير من النازحين قبل هجوم إسرائيل عليها الشهر الماضي، عبرت وزارة الصحة الفلسطينية عن قلقها إزاء العمليات الإسرائيلية حول مستشفى ناصر الرئيسي هناك. وذكرت الوزارة أن القوات الإسرائيلية حاصرت المستشفى وتطلق النار في محيطه، وأنها قلقة على مصير 300 من العاملين بالمجال الطبي و450 مريضا وعشرة آلاف شخص لاذوا بالمستشفى.

وأظهر مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي دبابات عند بوابات المستشفى. وقال الجيش الإسرائيلي في تحديث حول القتال، إنه يواصل أنشطة “مكثفة” في خان يونس وفي شمال ووسط قطاع غزة أيضا، وإنها تقتل مسلحين وتصادر أسلحتهم وتدمر البنية التحتية.

وفي مدينة غزة، أول مركز مأهول رئيسي تستهدفه العملية الإسرائيلية بعد اجتياح قواتها البرية قطاع غزة، في أواخر أكتوبر تشرين الأول، أفاد سكان بوقوع قتال عنيف اليوم السبت. وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه، إن إسرائيل ستحاول تنظيم انتقال النازحين في رفح إلى الشمال الذي فروا منه سابقا قبل أي عملية عسكرية هناك.

وتقول مصر إنها لن تسمح بأي تهجير جماعي للفلسطينيين إلى داخل أراضيها. ويخشى الفلسطينيون تعمد إسرائيل إخراجهم من ديارهم لتحظر عودتهم فيما بعد. ويظهر استمرار الحرب في مدينة غزة، حتى بعد وقت طويل من قول إسرائيل إنها ستعيد توزيع بعض القوات إلى مناطق أخرى، القيود الماثلة أمام أي مقترح لإجلاء النازحين من رفح إلى أجزاء أخرى من القطاع.

وقال منقذون فلسطينيون في مدينة غزة إنهم عثروا على جثث طفلة عمرها ستة أعوام وأفراد أسرتها بالإضافة إلى فريق الإسعاف الذي أُرسل لإنقاذهم، وذلك بعد أيام من نشر مقطع صوتي من اتصالها بالهلال الأحمر تتوسل فيه من أجل المساعدة. ويواجه الأطباء وموظفو الإغاثة صعوبات بالغة من أجل توفير المساعدات الأساسية للفلسطينيين الذين يحتمون في أنحاء رفح.

3