تحذيرات بريطانية من الوضع الأمني الهش في ليبيا

ضم تحذير جديد لوزارة الخارجية البريطانية ليبيا كإحدى الوجهات غير المسموح لرعاياها بزيارتها؛ نظرا إلى هشاشة الوضع الأمني الذي قد ينزلق نحو اشتباكات عنيفة، مطالبة إياهم بالسعي للمغادرة من ليبيا فورا وبأي وسيلة عملية.
لندن - حذرت وزارة الخارجية البريطانية من السفر إلى ليبيا، واعتبرتها ضمن الوجهات غير المسموح بزيارتها، نظرا إلى خطورة الوضع الأمني المحلي الهش الذي يمكن أن يتدهور بسرعة ويتحول إلى قتال عنيف واشتباكات دون سابق إنذار. وتم إعلان القائمة التي تضم 24 دولة، بما فيها ليبيا، يوم الخميس، قبيل الاشتباكات المسلحة في طرابلس بساعات، حيث تعدها المملكة المتحدة من وجهات السفر “الخطيرة للغاية”.
ومن بين الدول التي شملها التحذير: أفغانستان، بوركينا فاسو، جمهورية أفريقيا الوسطى، تشاد، هايتي، العراق، إسرائيل، لبنان، مالي، النيجر، كوريا الشمالية، الصومال، جنوب السودان، سوريا، فنزويلا، واليمن.
وأكدت الخارجية البريطانية أن تحذيراتها بشأن السفر إلى ليبيا قائمة باستمرار منذ العام 2014، ونصحت رعاياها بالمغادرة فورا بأيّ وسيلة عملية، مؤكدة أن “جميع الرحلات من ليبيا وإليها تقع مسؤوليتها على عاتق المسافر”، على خلفية ما وصفته بـ”الأوضاع الأمنية المحلية الهشة التي يمكن أن تتدهور بسرعة وتتحول إلى قتال عنيف”.
وترى بريطانيا أنه قد تندلع أعمال عنف محلية بين الجماعات المسلحة في العاصمة والمنطقة المحيطة بها في وقت قصير دون سابق إنذار، في وقت تواصل فيه القوات الأجنبية والمرتزقة الانتشار في جميع أنحاء البلاد.
بريطانيا ترى أنه قد تندلع أعمال عنف محلية بين الجماعات المسلحة في العاصمة طرابلس في وقت قصير دون سابق إنذار
في المقابل، يمكن أن تندلع الاحتجاجات والاضطرابات المدنية في وقت قصير، بما في ذلك المظاهرات ضد تدهور الظروف المعيشية والفساد واستمرار عدم الاستقرار السياسي، حيث قد يكون رد فعل قوات الأمن المحلية “غير متوقع، وهناك خطر كبير لاعتقال أو إصابة المدنيين إذا حوصروا في المظاهرات”، وفق الخارجية البريطانية.
وقالت الوزارة البريطانية “يمكن للقتال بين الجماعات المسلحة أن يشكل تهديدا كبيرا للسفر الجوي في ليبيا، وقد تسبب هذا القتال بشكل دوري في التعليق المؤقت أو إغلاق المطارات، وبالتالي تعد جميع المطارات الليبية عرضة للإغلاق بسبب الاشتباكات المسلحة”.
وحذرت الخارجية البريطانية من “محاولات الإرهابيين تنفيذ هجمات في ليبيا، إذ لا يزال هناك تهديد كبير في جميع أنحاء البلاد من الهجمات الإرهابية وعمليات الاختطاف ضد الأجانب، بما في ذلك من المتطرفين المنتمين إلى تنظيميي داعش والقاعدة، بالإضافة إلى الميليشيات المسلحة”.
ولفتت المملكة المتحدة أيضا إلى العاصفة دانيال التي ضربت شرق ليبيا في سبتمبر، مما أدى إلى فيضانات شديدة، وتسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات وشبكات الاتصالات. كما أنه في 14 أغسطس اندلعت اشتباكات بين الجماعات المسلحة في وسط طرابلس، مما أدى إلى إقامة حواجز مؤقتة على الطرق، وإغلاق مطار معيتيقة.
ولا يزال الجمود السياسي يسيطر على الأوضاع في ليبيا في ظل تصاعد التوترات بين المجموعات المسلحة في المنطقة الغربية، حيث شهدت الأيام الماضية تحركات واسعة لتلك المجموعات والتي تسببت في مقتل 10 أشخاص في طرابلس خلال الأيام الماضية وسط مطالبات بالتحقيق.
الاشتباكات جاءت عقب اعتقال أحد عناصر جهاز أمن الدولة على حاجز “الشرطة القضائية” والذي قام بدوره باعتقال أعضاء قوة الردع
ومساء الخميس، اندلعت مواجهات مسلحة في طرابلس بين عناصر تتبع جهاز “دعم الاستقرار” الذي يرأسه عبدالغني الككلي، وأخرى تتبع جهاز الشرطة “القضائية” التابع لـ”قوة الردع”.
ووقعت الاشتباكات التي أرجعتها البعثة الأممية إلى الأزمة السياسية، في طريق المطار، وجزيرة المدار، قرب امتداد شارع الجرابة.
ووقعت الاشتباكات بين مجموعات مسلحة على نحو مفاجئ واستمرت لنحو ساعة دون معرفة الأسباب وما إذا أسفرت عن سقوط قتلى. وسُجلت الاشتباكات في مناطق بوسط العاصمة كانت مكتظة بالسكان الذين يحتفلون بعطلة ثاني أيام عيد الفطر.
واندلع تبادل لإطلاق النار خاصة بالأسلحة الثقيلة بين عناصر من “الشرطة القضائية” التابعة لقوة الردع التي تسيطر على شرق طرابلس، وعناصر “هيئة دعم الاستقرار” ومقرها حي أبوسليم.
وبحسب وسائل إعلام محلية، جاءت هذه الاشتباكات عقب اعتقال أحد عناصر جهاز أمن الدولة على حاجز “الشرطة القضائية” والذي قام بدوره باعتقال أعضاء قوة الردع.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “أونسميل”، عن قلقها إزاء الاشتباكات التي وقعت الخميس بين جماعات مسلحة متنافسة في العاصمة الليبية طرابلس، ودعت كل الأطراف إلى التحلي بضبط النفس وتجنب التصعيد أو الانتقام.
وأدانت البعثة في بيان استخدام العنف لحل النزاعات “حيث أنه يعرّض حياة المدنيين لخطر شديد ويقوض الوضع الأمني الهش”، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن الاشتباكات.

في غضون ذلك، أرجعت بعثة “أونسميل” سبب الاضطرابات إلى “الأزمة السياسية المستمرة منذ مدة طويلة وتآكل الشرعة المؤسسية”، مشيرة إلى “احتياج ليبيا إلى منح الأولوية للانتخابات لتشكيل كيانات حكومية شرعية قادرة على توسيع سلطة الدولة وتعزيز سيادة القانون”.
وأعلن عماد الطرابلسي، وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية (مقرها طرابلس والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة) نهاية فبراير الماضي، عن الإخلاء المرتقب لجميع الجماعات المسلحة المنتشرة في طرابلس، بما فيها قوة الردع، إلا أن هذا القرار يبدو بعيد المنال في ظل نفوذها وتفوقها على الأجهزة الأمنية الحكومية.
وظهرت هذه الجماعات المسلحة بعد سقوط نظام معمر القذافي ومقتله في عام 2011 لملء الفراغ الأمني في غياب مؤسسات الدولة المستقرة، ولا تخضع للسلطة المباشرة لوزارتي الداخلية أو الدفاع، وإن كانت تمول من الأموال العامة.
ويظهر وجودهم في طرابلس بشكل ملحوظ في مستديرات وتقاطعات رئيسية، حيث أقام المنتمون للجماعات المسلحة، وهم غالبا ملثمون، حواجز على الطرق وقطعوها بمركبات مدرعة مزودة بأسلحة ثقيلة وخفيفة.