تحذيرات أميركية لكردستان العراق: توحيد البيشمركة أو قطع التمويل

بغداد - كشفت مصادر مطلعة، الاثنين، عن تلقي قيادة الأحزاب الكردية وحكومة إقليم كردستان تهديدات صريحة من التحالف الدولي، وخاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، تتعلق بضرورة توحيد قوات البيشمركة.
ويأتي ذلك، في الوقت الذي تنشغل الساحة السياسية العراقية بالأحاديث حول حل الحشد الشعبي، ضمن سلسلة مطالب دولية وتحديدا أميركية، رغم رفض رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، القبول بأي إملاءات أو ضغوط من الخارج، لا سيما بشأن حل الحشد.
وبحسب الدستور العراقي المقرّ عام 2005، تُعدّ قوات البيشمركة جزءًا من منظومة الدفاع الوطني وهي خاصة بإقليم كردستان العراق، وإن كان تسليحها متوقفًا على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
ونقل موقع "بغداد اليوم" عن مصدر مطلع على الأمر –لم يسمه قوله- إن "الدول المشاركة في التحالف الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة، أرسلت رسائل واضحة إلى حكومة إقليم كردستان وقيادات الحزبين الحاكمين، تضمنت تهديدات بإيقاف التمويل المالي والعسكري، والذي يصل إلى حوالي 25 مليار دينار شهرياً، فضلاً عن الدعم بالأسلحة الثقيلة والمعدات والتدريب المقدمة لقوات البيشمركة".
وأضاف المصدر أن "التحالف الدولي أعرب عن انزعاجه من تأخر توحيد قوات البيشمركة، واعتبر ذلك إحراجاً له في ضوء الضغط الذي يمارسه على الحكومة العراقية بشأن حل الفصائل المسلحة". وأوضح أن "التحالف هدد بإيقاف التمويل إذا لم يتم دمج جميع القوات المسلحة التابعة للأحزاب الكردية ضمن وزارة واحدة خلال النصف الأول من العام المقبل".
وتنقسم قوات البشمركة إلى وحدتين (70-80) خاضعتين لإمرة الحزبين الرئيسيين في الإقليم وهما الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، ما جعل لكل منهما أجهزة استخباراتية وأمنية وعسكرية وأخرى معنية بمكافحة الإرهاب خاصة بهما، كل حسب مناطق نفوذه.
حيث يُدير الاتحاد الوطني الكردستاني محافظتي السليمانية وحلبجة بالإضافة إلى الإدارات المستقلة التابعة لهما، بينما يسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني على محافظتي أربيل ودهوك والأقضية والنواحي التابعة لهما.
ومنذ عام 2014 لاسيما بعد ظهور داعش، تعمل الدول الحليفة للإقليم فيما يسمى بـ"التحالف الدولي لمحاربة التنظيم" ومنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا على مشروع إستراتيجي لإعادة توحيد قوات البيشمركة من حيث التبعية والتسليح والعقيدة العسكرية والتنظيم الهرمي ومصادر التمويل وخريطة التوزع والانتشار، بالإضافة إلى التدريب وتلقي الهبات.
وتضم تشكيلات وزارة البشمركة نحو 170 ألف مقاتل، بحسب الأمين العام السابق لوزارة البيشمركة الفريق جبار ياور، تمّ توحيد قرابة 70 ألف منها، فيما زالت البقية منضوية في وحدتي 70 و80 التابعتين للحزبين الرئيسيين وبنسب متساوية تقريبًا.
وفي سبتمبر الماضي، أكد ياور في تصريح لموقع "بغداد اليوم" أن "أهم عامل أدى لتأخر عملية التوحيد هو العامل السياسي والخلافات بين الحزبين، وحاليا هنالك مطالب وضغوطات من التحالف الدولي والحكومة العراقية لغرض توحيد قوات البيشمركة، لكي تتعامل القوات الأمنية الاتحادية مع قوة واحدة فقط".
وسبق أن هددت القوات الأميركية بقطع المساعدة والتمويل عن البيشمركة في حال لم يتم توحيدها.
وخفض الجانب الأميركي كمية الأموال التي تنفق شهرياً الى البيشمركة من 20 مليون دولار إلى 15 مليون دولار، بحسب "المونيتور".
وكشفت شبكة آي 24 نيوز الإسرائيلية، الاثنين، عن وجود ما وصفته بـ"النوايا الأميركية لحل هيئة الحشد الشعبي في العراق”، مؤكدة ان الولايات المتحدة باشرت بـ"إعادة تقييم العراق مرة أخرى" عقب سقوط النظام السوري
ويرجع تشكيل هيئة الحشد الشعبي في العراق إلى عام 2014 عندما أصدر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، في النجف فتوى بتشكيل حشود شعبية لمواجهة خطر تنظيم داعش، الذي توغل داخل مدن عراقية وسيطر على ثلث أراضي العراق، ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد.
فهبت الحشود، وتطوع ما يقارب المليون شخص على حمل السلاح وتوجهوا إلى جبهات القتال مع الجيش العراقي، وبعد مرور عامين، أصدر مجلس النواب العراقي عام 2016، بعد طلب رفعه نواب من الكتل الشيعية، قانونا خاصا بالحشد الشعبي في العراق، باعتباره أحد تشكيلات القوات المسلحة العراقية.
وكشفت صحيفة الأخبار اللبنانية، في 21 ديسمبر الجاري، عن رفض المرجع الديني في العراق علي السيستاني، اصدار فتوى لحل الحشد الشعبي بالرغم من الضغوط الغربية التي يتعرض لها العراق.
وقالت شبكة الأخبار الإسرائيلية إن "زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى بغداد حملت رسالة الى الحكومة العراقية مفادها ان بغداد تخضع الآن لـ'إعادة تقييم' من الولايات المتحدة، وتتضمن العملية شروطاً يجب على الحكومة تنفيذها أو مواجهة العواقب"، على حد وصفها.
وتابعت أن "البيان الذي أصدرته النجباء عقب زيارة بلينكن أشار الى هذه التهديدات، بالإضافة الى تصريحات الساسة العراقيين التي أكدت وجود التوجه الأميركي الجديد"، موضحة أن "الولايات المتحدة قررت أن يكون العراق خارج محور النفوذ الإيراني بعد سقوط نظام الأسد، وباشرت الآن بتطبيق ذلك من خلال إيصال رسائل واضحة ومباشرة لحكومة بغداد".
وأكدت الصحيفة أن "التهديد الأميركي المفاجئ للعراق يأتي ضمن سياستها الجديدة للتعامل مع المنطقة"، لافتة إلى أن "الولايات المتحدة أبلغت بغداد أيضا أن من مصلحتها الوطنية أن تقوم بحل ما يعرف باسم هيئة الحشد الشعبي".
وبينت أن "واشنطن تحاول ان تثبت نفوذها على العراق من خلال حل الجهات المرتبطة بإيران قبل انسحابها من أراضيه المتوقع في العام 2025.
وكان مسؤولا حكوميا، كشف أن حكومة السوداني تحدثت مع قوى الإطار التنسيقي بشكل "صريح"، وأبلغتهم "حرفيا" أن "الحديدة حامية"، داعية إياهم إلى "التروي والتفكير الجدي في مسألة تفادي ضربة إسرائيلية"، حسب ما نقلت وسائل إعلام عدة.