تحذيرات أردنية من تقليص المساعدات الدولية للاجئين السوريين

عمان - حذر الأمير الحسن بن طلال، عم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، من “منعطف حرج” جراء تقليص المساعدات الدولية للاجئين السوريين في الأردن، مشيرا إلى أن التخفيضات في التمويل تهدد وجودهم.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي الشهر الماضي عن تقليص مساعداته الغذائية الشهرية لـ465 ألف لاجئ مستفيد في الأردن، مستثنيا نحو 50 ألف لاجئ من تلك المساعدات.
وكشف البرنامج في وقت سابق أنه “ابتداء من شهر أغسطس، سيحصل اللاجئون السوريون في المخيمات على تحويل نقدي مخفّض قدره 21 دولارا أميركيا للفرد شهريا، بانخفاض عن المبلغ السابق البالغ 32 دولارا أميركيا”.
وقال الأمير الحسن في مقالة له نشرت على الموقع الإلكتروني للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية في مطلع الشهر الحالي إن تقليص الدعم المقدم للاجئين يشكل “خطرًا شديدًا على سلامتهم وصحتهم وكرامتهم”.
الأردن لم يعد قادرا حتى على تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيه بالشكل المطلوب، وأزمة اللاجئين تفاقم أعباءه
وتحدث عن استقبال الأردن لملايين اللاجئين الفارين من بلدان مجاورة خلال العقود القليلة الماضية، لافتا النظر إلى أن الحفاظ على الدعم اللازم لهم أصبح “تحديًا متزايدًا”.
وقال إن الأردن “أظهر كرما لا مثيل له واستعدادا لمشاركة موارده المحدودة وبنيته التحتية لاستقبال ودعم الموجات المتتالية من اللاجئين”، داعيا المجتمع الدولي إلى “عدم التخلي عنه لمجرد تحول التركيز إلى صراعات أخرى”.
ورغم تقليص المساعدات لا يزال برنامج الأغذية العالمي يواجه “نقصا حادا” في التمويل قدره 41 مليون دولار أميركي حتى نهاية عام 2023، ومن دون الحصول على التمويل اللازم “سيضطر البرنامج إلى خفض مساعداته بشكل أكبر”، حسب ما ذكره البرنامج في وقت سابق.
وحث الأمير الحسن الحكومات والمنظمات الدولية على إعادة النظر في التخفيضات الأخيرة لتمويل اللاجئين في الأردن، موضحا أن “غض الطرف عن محنة اللاجئين يعادل التخلي عن مسؤوليتنا المشتركة تجاه الإنسانية والكرامة الإنسانية”.
ودعا إلى “اتخاذ إجراءات جماعية” لضمان أن جميع اللاجئين، “بغض النظر عن أصلهم أو عرقهم أو دينهم، يمكنهم أن يعيشوا حياة كريمة ولا تجعلهم غير مرئيين بسبب اللامبالاة في العالم”.
وقال الأمير الحسن إنه “لا ينبغي تطبيق مبدأ تقاسم الأعباء بشكل انتقائي، مع تفضيل مجموعة واحدة من اللاجئين مع تقليل الدعم للآخرين”، موضحا في هذا الصدد أن “عدد اللاجئين الذين شردتهم الحرب في أوكرانيا مذهل، ولا يمكن تجاهل حاجتهم الماسة إلى المساعدة”.
وأضاف أن “استجابة دول مختلفة لمحنة اللاجئين الأوكرانيين شديدة وسريعة، مما يدل على ما يمكن أن يحققه العالم عندما يتصرف بشكل حاسم ومسؤول”، داعيا إلى “نشر هذا الشعور بالإلحاح والمسؤولية ليشمل جميع اللاجئين، ونضمن حصولهم على المساعدة والحماية التي هم في أمس الحاجة إليها”.
ويزيد اللاجئون السوريون أعباء الأردن المأزوم اقتصاديا، في وقت لا تلقى فيه دعوات المملكة المنادية بتوفير موارد مالية دولية كافية لتأمين متطلبات اللاجئين الأساسية، آذانا صاغية في ظل إنهاك المانحين الدوليين.
رغم تقليص المساعدات لا يزال برنامج الأغذية العالمي يواجه "نقصا حادا" في التمويل قدره 41 مليون دولار أميركي حتى نهاية عام 2023
والأردن دولة ذات “دخل متوسط أعلى”، ويبلغ عدد سكانه 10.8 مليون نسمة، بما في ذلك 2.9 مليون شخص غير مواطن (لاجئون وعمال مهاجرون)، ويستضيف ثانية أعلى نسب اللاجئين لكل فرد في العالم، ما يضع ضغوطا غير مسبوقة على ميزانيته وموارده الطبيعية والبنية التحتية وسوق العمل.
ويواجه الأردن ثلاثة عوامل رئيسية لانعدام الأمن الغذائي هي: أزمة لاجئين مطولة، مع 1.3 مليون لاجئ سوري و90 ألف لاجئ من أصول أخرى، لا يستطيع الكثير منهم تلبية احتياجاتهم الغذائية بشكل مستقل بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب، وقد احتد هذا الوضع بسبب جائحة كورونا، والزيادات العالمية في أسعار الغذاء الناجمة عن الأزمة الأوكرانية، مع ارتفاع معدلات البطالة وزيادة الفقر، ما يؤثر على وصول الناس إلى الغذاء، وزيادة تواتر الصدمات المتعلقة بالمناخ.
وتقدر الحكومة الأردنية حجم التمويل المطلوب لخطة الاستجابة، والتي تغطي الإنفاق على الخدمات المقدمة للاجئين السوريين، بحوالي 2.3 مليار دولار، فيما كشفت تقارير أن الاقتصاد الأردني لم يعد حتى قادرا على تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيه بالشكل المطلوب، وأن أزمة
اللاجئين زادت الصعوبات التي يعانيها الأردن.
ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجّلين لدى الأمم المتحدة، بينما تقدر المملكة عدد الذين لجأوا إلى أراضيها منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 بنحو 1.3 مليون شخص.