تحدي ابتكار غوغل يبرز حاجة الإعلام العلمي للتطوير

نجحت مجلة “العلوم للعموم” بالفوز بتحدي الابتكار الذي أطلقته “مبادرة غوغل للأخبار”، لتوفيرها محتوى علمي يغطي أهم التكنولوجيات الحديثة والابتكارات والاختراعات والاكتشافات العلمية، في وقت يعاني فيه الإعلام العربي العلمي من ندرة وضعف محتوى علميا وعدم مواكبة الحاجة المطلوبة.
دبي - فازت مجلة العلوم للعموم “بوبيولار ساينس”، إحدى مبادرات مؤسسة دبي للمستقبل، بتحدي الابتكار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، الذي أطلقته “مبادرة غوغل للأخبار” لدعم قطاع الصحافة والإعلام في مواكبة متغيرات العصر الرقمي، وفق ما أعلنت شركة غوغل.
ويهدف التحدي العالمي إلى دعم ثقافة الابتكار في قطاع إنتاج المحتوى الإعلامي، وإحداث نقلة نوعية وإيجابية في عالم الصحافة الرقمية، وتطوير نماذج أعمال رائدة وممارسات جديدة، والاستفادة من التجارب الناجحة في مختلف دول العالم.
ويكتسب حصول وسيلة إعلام عربية على هذه الجائزة أهمية خاصة، نظرا لتواضع تجارب الإعلام العلمي في العالم العربي وندرتها، رغم أهميته في نشر الثقافة العلمية وتبسيط العلوم للجمهور.
وأطلقت شركة غوغل تحدي الابتكار في يونيو 2019، واستقبلت 527 ترشيحاً من 35 دولة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وتم الإعلان عن فوز 21 مشروعاً من 13 دولة بعد تقييم جميع الطلبات وإجراء مقابلات مع المرشحين.
وفازت مجلة “العلوم للعموم” بالجائزة لنجاحها في توفير منصة مبتكرة تسمح للعلماء والباحثين وأساتذة الجامعات والمتخصصين بمشاركة المعرفة مع الجمهور باستخدام أحدث الأدوات التقنية، والوسائل التحريرية التي تساعد في عرض المحتوى الصحافي بأسلوب مبسط ودقيق وتفاعلي يناسب الجمهور غير المتخصص.
ويقول متابعون إن الإعلام العربي يحتاج إلى خطوات كبيرة للحاق بالدول المتقدمة بإدخال مفهوم العلم كثقافة من خلال إعلام علمي متميز يؤدي إلى التواصل المستمر بين الحركة العلمية والجمهور غير المتخصص، إذ أصبح الحديث في الشأن العلمي يشمل مفردات العيش اليومي لعامة الناس.
وأكد عبدالعزيز الجزيري نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، حرص المؤسسة عبر مبادراتها ومشاريعها المعرفية على توفير محتوى علمي يغطي التوجهات المستقبلية وأهم التكنولوجيات الحديثة والابتكارات والاختراعات والاكتشافات العلمية، بهدف تعريف كل أفراد المجتمع بالتوجهات العالمية والتحديات التي تواجه القطاعات الحيوية.
وكانت مؤسسة دبي للمستقبل وشركة هيكل ميديا، أطلقتا النسخة العربية من مجلة العلوم للعموم “بوبيولار ساينس” العالمية لأول مرة باللغة العربية في مايو 2017، بهدف إثراء المحتوى العلمي والمساهمة في دعم تنمية القدرات المعرفية لدى الشباب في المنطقة.
ونشرت المجلة منذ إطلاقها 16 عدداً تم توزيع 160 ألف نسخة منها في أكثر من 20 دولة، وسجلت أكثر من 60 مليون مشاهدة سنوياً عبر مختلف منصاتها الإلكترونية.
وتأسست مجلة “بوبيولار ساينس” الدولية عام 1872، وتعد أقدم مجلة علمية شهرية على مستوى العالم، وقد حصدت أكثر من 58 جائزة مرموقة، ويتم ترجمة المجلة إلى 30 لغة، كما يتم توزيعها في 45 دولة حول العالم.
وقال عمار هيكل الرئيس التنفيذي لشركة هيكل ميديا “هناك اهتمام كبير بالعلوم في منطقتنا يقابله شح في المصادر العلمية باللغة العربية. ولذلك فإننا نعمل في العلوم للعموم على تقديم المحتوى العلمي والتقني باللغة العربية للملايين في أنحاء العالم العربي، وسنتمكن من خلال منحة مبادرة الابتكار من تطوير منصتنا التي ستردم الهوة بين الباحثين والأكاديميين من جهة والجمهور العام من جهة أخرى باستخدام التقنية وخبراتنا في صناعة المحتوى”.
الإعلام العلمي العربي يحتاج إلى إدخال مفهوم العلم كثقافة تؤدي إلى التواصل بين الحركة العلمية والجمهور غير المتخصص
ويرى متابعون أن المفهوم التقليدي للثقافة بالمنظور العربي محصور في مجالات الأدب والتاريخ والتراث والفنون والسياسة والرياضة، بينما الأخبار والتقارير العلمية قليلة جدا ولا تواكب الحاجة المطلوبة، وغالبيتها تقتصر على التقارير والموضوعات المترجمة، ولم تنجح في تحقيق مهمتها في نشر الوعي العلمي.
ويضيف خبراء أن المسألة لا تتعلق فقط بالإعلام، إذ أن هناك عوامل أساسية لعبت دورا مهما في ضعف المادة العلمية في الصحافة العربية، خصوصا بالنظر إلى غياب المناخ العلمي العام الذي يساعد في استيعاب مفاهيم العلم والتكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى قلة الكفاءات العلمية القادرة على القيام بدورها، فالإعلامي العلمي العربي لم يتم إعداده وتدريبه بصورة كافية لأداء مهنته وكيفية اتصاله وتواصله بالجماهير، فهذا يندرج ضمن مجال حديث ومهم يعرف بالتواصل العلمي، وكليات الإعلام لا تهتم كثيراً بإعداد الإعلامي العلمي المتخصص.
وتعاني البرامج العلمية في الإذاعة والتلفزيون من غياب المحرر العلمي المتخصص، كما أنها غير قادرة على إعداد برامج وأفلام علمية متميزة تعبر عن بيئتنا العربية وتثير في المستمع أو المشاهد الرغبة الحقيقية في معرفة طبيعة العلم والتكنولوجيا وأسرارهما، وما زالت تغطية أخبار العلم والتكنولوجيا في وسائل الإعلام العربية عامة أقل مما يجب، ولا تلاحق اتجاهات العلم والتكنولوجيا الحديثة. وقد لا يملك الإعلامي العلمي الخبرة الكافية لتغطية مجالات علمية مهمة وحديثة، وهو في الوقت نفسه مقيد بجدول زمني ومساحة صغيرة، ولغة مبسطة يفهمها الجمهور غير المتخصص.