تحديد جلسة مجلس الأمة الجزائري لإنهاء الشغور الصامت

الجزائر - أعلنت إدارة مجلس الأمة (الغرفة الثانية في البرلمان الجزائري) عن عقد جلسة يوم الاثنين القادم، لتنصيب السيناتورات الجدد المنتخبين والمعينين في الثلث الرئاسي، وانتخاب رئيس الغرفة، الذي ظل طيلة الأشهر الماضية محل جدل، بسبب وضعية الرئيس المنتهية ولايته صالح قوجيل، المنافية لأحكام الدستور.
وأفادت إدارة الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري (مجلس الأمة)، بعقد جلسة تنصيب الأعضاء الجدد في الغرفة، واختيار الرئيس الجديد للهيئة، لينتهي بذلك الغموض الذي لف الوضعية القانونية للمجلس طيلة الأشهر الماضية، لاسيما استنفاذ المهلة التي يحددها الدستور للرئيس المنتهية ولايته.
ويرأس الجلسة الأولى مكتب مؤقت يتكون من أكبر الأعضاء سنا وأصغر عضوين، ويرتقب أن يتم الإعلان عن الرئيس الجديد للغرفة البرلمانية العليا، بهذه المناسبة، خلفا لصالح قوجيل، الذي انتهت عهدته.
وكانت المحكمة الدستورية قد أعلنت منتصف شهر مارس الماضي، النتائج النهائية لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة المنتخبين، التي جرت في التاسع من نفس الشهر، كما أعلنت قبل ذلك عن رفض التجديد لصالح قوجيل، بسبب البند الدستوري الذي يرفض ممارسة المهمة لأكثر من ولايتين انتخابيتين، سواء كانت متتابعة أو منفصلة.
وكانت انتخابات التجديد النصفي، التي انتهت شهر مارس الماضي، عن فوز حزب جبهة التحرير الوطني بـ16 مقعدا كقوة سياسية أولى، وتلاه التجمع الوطني الديمقراطي بـ14 مقعدا، وجبهة المستقبل بـ10 مقاعد، والمستقلون بـ6 مقاعد، وحركة البناء الوطني بـ3 مقاعد، ثم حركة مجتمع السلم 3 مقاعد، وجبهة القوى الاشتراكية مقعدان، وتجمع أمل الجزائر مقعد واحد.
ويتشكل مجلس الأمة من 144 عضوا، يُنتخب ثلثاهم عن طريق الاقتراع غير المباشر كل ثلاث سنوات، فيما يعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي من بين الشخصيات ذات الكفاءة والخبرة في مختلف المجالات.
وتتوجه الأنظار إلى ما ستسفر عنه الجلسة بشأن اختيار رئيس الغرفة، بوصفه الرجل الثاني في الدولة بموجب دستور البلاد، وله صلاحية شغل رئاسة البلاد في مرحلة انتقالية محددة بأربعين يوما في حالة شغور رئاسي قسري، فضلا عن أنه يشكل مؤشرا سياسيا حول مستقبل السلطة في البلاد، كونه يعتبر امتدادا لخياراتها المستقبلية.
ومنذ إعلان استكمال الرئيس عبدالمجيد تبون تعيين باقي أعضاء الثلث الرئاسي، برز الضابط المتقاعد بلقاسم بوخاري، كمرشح فوق العادة لخلافة صالح قوجيل، كونه الشخصية الأثقل في الأعضاء المعينين مؤخرا، فإلى جانب انحداره من المؤسسة العسكرية، عاصر مختلف الحقب السياسية في البلاد، وعلى اطلاع بمختلف الملفات والقضايا الداخلية.
منذ الإعلان عن تعيين باقي أعضاء الثلث الرئاسي برز الضابط المتقاعد بلقاسم بوخاري كمرشح لخلافة صالح قوجيل
لكن افتقاد الرجل لخلفية سياسية أو حزبية وحتى لمهام مدنية، يطرح استفهامات عن الرسائل السياسية للسلطة، في حالة تأكد دعمها لترشيحه للمهمة المذكورة، إلا إذا كان الأمر يتعلق بتوازنات داخلية، تتجلى فيها رغبة المؤسسة العسكرية في تثبيت أحد عناصرها في مفصل مهم داخل السلطة المدنية.
واستمر الغموض حول هوية الرئيس الجديد لمجلس الأمة الجزائري (الغرفة الثانية في البرلمان)، بسبب التأخر اللافت في انتخاب خليفة الرئيس الحالي المنتهية ولايته صالح قوجيل، وهو ما عطل حتى تنصيب الأعضاء الجدد الذين أفرزتهم انتخابات التجديد النصفي التي جرت خلال شهر مارس الماضي، أو الذين عينهم الرئيس عبدالمجيد تبون، في إطار ما يعرف بـ”الثلث الرئاسي”.
وشكل التأخير الذي أفضى إلى فراغ مؤسساتي غير معلن، مادة دسمة تمحورت حول غياب الإجماع لدى دوائر السلطة، حول هوية الرئيس المنتظر، قياسا بوزنه في مفاصل الدولة ودوره في تحقيق التوازن أمام إمكانية ميلان الكفة داخل الغرفة النيابية لصالح سيناتورات الأحزاب، رغم أن أغلبيتها تنحدر من معسكر الموالاة.
وتم ترديد العديد من اللوائح والأسماء، سواء بالنسبة إلى ما يعرف بـ “الثلث الرئاسي”، أو رئيس الهيئة، لكن السلطة فضلت الصمت طيلة الأشهر الماضية، رغم دخول الهيئة في حالة فراغ دستوري.
واكتفى الرئيس تبون، بالإعلان عن تعيين ستة أعضاء في الثلث المذكور، منهم وجوه حزبية، كمحمد الغوتي من جبهة المستقبل، ووجوه مستقلة، على غرار الضابط المتقاعد ومدير القضاء العسكري سابقا بلقاسم بوخاري، في انتظار استكمال النصاب الذي يسمح بانتخاب رئيس الغرفة، ولو في الغالب يتم بإيعاز فوقي لترجيح كفة شخصية معينة تحقق الإجماع لدى دوائر السلطة.
واللافت هو حفاظ دوائر القرار، على تقليد السن المتقدم في شخص رئيس الهيئة، ففيما يغادر صالح قوجيل، أسوار الغرفة التشريعية وهو في عمر الـ94، يدخله المرشح المذكور في عمر الـ80، وسيغادره بعد 12 عاما بموجب البند الدستوري الذي يحدد المهمة في ولايتين، وبموجب المرسوم الرئاسي الصادر سنة 2019 عن الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، الذي حدد مدة الولاية بست سنوات.