تحديات لوجستية أمام تزويد كييف بالأسلحة الثقيلة

بايدن يقترح تحويل أصول روسية مصادرة إلى أوكرانيا.
الجمعة 2022/04/29
هل تقلب الأسلحة الثقيلة المعادلة العسكرية؟

مع مساعي الغرب للإسراع بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة تظهر تحديات لوجستية كبيرة قد تعرقل هذه الخطوة التي تؤكد كييف أنها ضرورية للصمود. وتمكنت القوات الأوكرانية إلى حد الآن من إبطاء تقدم الجيش الروسي، إلا أن ذلك لن يصمد طويلا ما لم تتلق كييف دعما عسكريا أكبر.

واشنطن - يبحث الغرب تزويد أوكرانيا التي تواجه غزوا روسيا منذ الرابع والعشرين من فبراير بأسلحة ثقيلة تراهن عليها كييف لقلب المعادلة العسكرية، إلا أن الخطوة تشكل تحديا لوجستيا للغرب.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء أن الوزير أنتوني بلينكن بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان تزويد أوكرانيا بالمزيد من المساعدات الأمنية.

ويشكل إرسال أسلحة ثقيلة من دول حلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى التدريب والذخيرة والصيانة، لدعمها في مواجهة الهجوم العسكري الروسي، تحديا لوجستيا في الوقت الحاضر، لكن قد تصبح منفعتها محدودة في حال استمر الصراع طويلا، وفق خبراء.

وحذت ألمانيا الثلاثاء حذو فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وتشيكيا، بإعلانها أنها ستسمح بتسليم مدرعات غيبارد إلى أوكرانيا التي يتعرض جزء من أراضيها لقصف روسي.

وتأتي هذه المساعدة العسكرية التي طلبتها كييف منذ زمن، في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية تقدما بطيئا للجيش الروسي في دونباس شرقا وفي جنوب البلاد.

ويقول قال ليو بيريا - بينييه من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن إرسال "مدفعية ذاتية الدفع ودبابات قتالية ومدرعات يمكن أن يعطي دفعا للقوات الأوكرانية حتى أن من شأنه تعويض بعض القدرات التي تقلصت بسبب الحرب الدائرة منذ شهرين".

جان بيير مولني: لا نستبعد حدوث نقص في الذخيرة إذا طالت الحرب

ويضيف الباحث الفرنسي أن “تعويض هذه القدرات على الأمد القصير يتغلب” في المرحلة الراهنة “على الاعتبارات اللوجستية على المدى المتوسط والتي يجب مع ذلك طرحها".

وفضلت باريس وواشنطن ولندن وبراغ المعدات التي تتطلب دعما لوجستيا محدودا، واستبعدت المعدات التي تستلزم تدريبات لأشهر ودعما لوجستيا هائلا مثل دبابات أبرامز الأميركية. فالدبابات السوفيتية التشيكية التي تشبه إلى حد بعيد تلك المستخدمة في أوكرانيا، لا تتطلب سوى بضع ساعات من التدريب قبل أن يستخدمها الجيش الأوكراني.

أما بالنسبة إلى مدافع سيزار الفرنسية، فهي معروفة على أنها “سهلة الاستخدام” كما يشير مارك شاسيلان المهندس العسكري الفرنسي المتخصص في الدبابات والمدرعات. وأضاف "يمكن استيعاب طريقة استخدامها خلال نصف نهار".

والوضع أكثر تعقيدا في ما يتعلق بمدرعات غيبارد الألمانية المجهزة بـ"نظام سلاح متطور" و"متطلب للغاية" ما يستلزم تدريبا "لعدة أسابيع" على الأقل.

ويتوقع أيضا إرسال مدرعات ألمانية من طراز ماردر إلى كييف والتي يفترض ألا تطرح مشكلة كبيرة “للمقاتلين الأوكرانيين المخضرمين الذين يقاتلون منذ عام 2014”، وفقا للمسؤول الألماني الكبير السابق في حلف شمال الأطلسي هانز لوثار دومروس.

وبعد معالجة مسألة التدريب، تبقى قضية الصيانة. كيف يتم ضمان صيانة هذه المعدات وخصوصا نقل قطع الغيار في حال حدوث عطل أو تدمير جزئي؟

بالنسبة إلى بيريا - بينيه "هذه المسألة معقدة ولكن ربما أقل من البلدان الأخرى التي لا تمتلك إمكانات أوكرانيا الصناعية التي لديها بنية تحتية ودراية كبيرة في مجال المركبات العسكرية والصناعات الثقيلة".

وأضاف “إذا كان التعاون بين الصناعيين الأوروبيين والجيش الأوكراني يسير بسلاسة فإن مسألة الصيانة يجب أن تتبع من دون عقبات”. ويرى كارلو ماسالا الخبير في قضايا الدفاع والأمن بجامعة ميونخ، إنه لا ينبغي أن تدخل مسألة الصيانة في المعادلة الفورية.

وصرح "دربوهم على استخدام هذا الطراز وأرسلوا إلى أوكرانيا. إذا كان بإمكانهم استخدام ماردر في غضون ثلاثة أسابيع، فهذا أفضل من لا شيء. إذا تعطلت هذه المعدات، يكون حظهم سيئا".

وتبقى مسألة الذخائر الشائكة التي يمكن أن تشكل عائقا إذا طال أمد النزاع. وقال جان بيير مولني نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "يأمل الجميع أن ينتهي النزاع سريعا". وأضاف “لكن إذا طال فمن غير المستبعد حدوث نقص في الذخيرة ولاسيما في ما يتعلق بمدافع سيزار".

ومع ذلك، فإن إعلان أستراليا وكندا والولايات المتحدة عن إرسال مدافع عيار 155 ملم، من نفس عيار سيزار، قد يسمح بتجديد المخزون.

والسؤال يطرح نفسه أيضا بالنسبة إلى دبابات ماردر التي تستخدم ذخيرة مصنوعة في سويسرا. وقد رفضت سويسرا إرسال ذخيرة سويسرية إلى كييف عبر ألمانيا. ويرى بيريا – بينيه أنه "مأزق لوجستي أخطر بكثير على المدى القصير من مسألة قطع الغيار".

الولايات المتحدة قدمت أسلحة لأوكرانيا بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار ويسعى البيت الأبيض للحصول على تمويل كاف من الكونغرس لتمديد تلك المساعدة

وإذا احتدمت المعارك أكثر، قد يتبين بسرعة أن الإعلانات الراهنة بشأن إرسال معدات عسكرية، غير كافية.

وأعلن شاسيلان "إذا احتسبنا ما تم الإعلان عن تسليمه من قبل مختلف الجهات ووضعنا ذلك في ضوء الخسائر المسجلة خلال الأسابيع الثمانية الماضية، من ناحية الذخيرة والمعدات وما إلى ذلك، بمعدل الاستنزاف الحالي، فإن ذلك سيسمح بالصمود لمدة شهر ونصف الشهر لا أكثر".

واقترح البيت الأبيض الخميس استخدام أصول صودرت من أوليغارشيين روس لتعويض أوكرانيا عن الأضرار الناجمة عن الغزو الروسي لهذا البلد.

وقال البيت الأبيض في بيان إن من شأن ذلك أن يسمح “بتحويل كل عائدات الأصول المنهوبة إلى أوكرانيا لتعويض الضرر اللاحق (بأوكرانيا) جراء العدوان الروسي".

ويمثل هذا الاقتراح تصعيدا في الموقف الغربي ضد موسكو، وينتظر أن يترافق مع إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن حزمة مساعدات عسكرية كبيرة جديدة لكييف.

وقدمت الولايات المتحدة أسلحة لأوكرانيا بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار منذ بدء الغزو الروسي. ويسعى البيت الأبيض للحصول على تمويل كاف من الكونغرس ليتمكن من تمديد تلك المساعدة حتى أكتوبر.

وفي ما يتعلق بالعقوبات، صادرت دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن أصولا روسية تتجاوز قيمتها 30 مليار دولار، بينها نحو 7 مليارات من الكماليات المملوكة لأوليغارشيين (يخوت وأعمال فنية وعقارات ومروحيات).

أما الولايات المتحدة فقد "فرضت عقوبات على سفن وطائرات تزيد قيمتها عن مليار دولار ومنعت تنقلها، فضلا عن تجميد مئات الملايين من الدولارات من أصول النخبة الروسية في حسابات أميركية".

وخلال الشهر الحالي وافقت إسبانيا على طلب أميركي لمصادرة يخت فاخر بقيمة 90 مليون دولار يملكه الملياردير الروسي فيكتور فيكسيلبرغ القريب من الرئيس فلاديمير بوتين.

وأفاد مسؤول أميركي كبير الخميس أن بايدن سيطلب من الكونغرس رصد 33 مليار دولار إضافية لحرب أوكرانيا بينها عشرون مليارا من المساعدات العسكرية.

وقال المسؤول إن هذه "المساعدة العسكرية والأمنية" الهائلة تشمل تقديم "أسلحة وذخائر إلى الشعب الأوكراني".

ورغم أن دعم كييف يحظى بإجماع في البرلمان الأميركي، إلا أنه ثمة تباينات حول مضمون القانون الذي من شأنه تعزيز المساعدة العسكرية. فالديمقراطيون يريدون تعديله ليزيدوا في الوقت نفسه من موازنة مكافحة كوفيد في الولايات المتحدة، لكن الجمهوريين يرفضون ذلك. وتبقى هذه المساعدة ملحة بالنسبة إلى أوكرانيا بعد أكثر من شهرين من بدء النزاع. فموسكو كثفت هجماتها في جنوب البلاد وشرقها.

5