تحديات شاقة تعترض تحقيق موريتانيا لكفايتها من الحبوب

ضعف الإمكانيات وقلة التمويلات يقفان حائلا أمام زيادة المحاصيل.
الخميس 2022/09/01
هدفنا أكثر بكثير من هذه الحفنة

تعترض التحديات خطط موريتانيا الطموحة لتحقيق كفايتها من الحبوب على الرغم من استمرار موجة الجفاف وضعف الإمكانيات بينما تكافح لزيادة حصة الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي ضمن استراتيجيتها لتنمية القطاع.

نواكشوط - تحاصر الشكوك خطط موريتانيا باتجاه تحقيق هدفها المتمثل في زيادة إنتاج الحبوب وخاصة القمح، في ظل المشكلات الهيكلية التي يعانيها القطاع وأهمها نقص الإمكانيات سواء تعلق الأمر بالتمويل أو توفير مدخلات الزراعة بشكل عام.

وكانت الحكومة قد أعلنت في أواخر يونيو الماضي أن 2022 ستكون سنة زراعية بالبلاد، في محاولة لتحقيق اكتفاء ذاتي من الحبوب مع استمرار تصاعد المخاوف العالمية من أزمة غذاء جراء تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

ولطالما كان تطوير القطاع هاجسا يؤرق صناع القرار السياسي والاقتصادي نظرا لأهميته الكبيرة في مجال التنمية، باعتباره حيويا واستراتيجيا في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، والحدّ من الاعتماد على الواردات.

وحث الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، في أكثر من تصريح صحافي على مدى الأسابيع الماضية، جميع الوزارات والقطاعات الحكومية للمشاركة في حملة زراعية بكافة أنحاء البلاد.

آدما بوكار سوكو: نخطط هذه السنة لتغطية 47 في المئة من حاجتنا للحبوب

ولإنجاح مسعاها، خصصت السلطات العشرات من الحافلات والسيارات لنقل المئات من المزارعين من المدن الكبرى، خصوصا نواكشوط إلى أماكن حقولهم الزراعية، ضمن خطة تشجيع القطاع، كما تم توزيع المعدات والبذور على كافة العاملين بهذا النشاط المهم.

وفي يوليو الماضي أكد ولد الغزواني في خطاب بثه التلفزيون الرسمي أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الغذائي “لم يعد مجرد خيار استراتيجي، بل أصبح أكثر إلحاحا وضرورة لازمة كونه مسألة سيادة وأمن”.

وتشير التقديرات إلى أن موريتانيا تستورد حاليا 60 في المئة من حاجتها من المواد الغذائية، فيما تصل نسبة الفقر 31 في المئة في البلد العربي الواقع في غرب أفريقيا والبالغ عدد سكانه نحو 4 ملايين نسمة.

ووفق تصريحات لوزير الزراعة آدما بوكار سوكو، فإن السلطات تخطط السنة الحالية لتغطية 47 في المئة من حاجياتها من الحبوب، على أن تعمل مستقبلا لتحقيق اكتفاء ذاتي في هذا المجال.

وأشار إلى أنه يتم التخطيط هذه السنة لزراعة أربعة آلاف هكتار من القمح ونحو 80 ألف هكتار من الأرز وثمانية آلاف هكتار من الخضروات، فضلا عن تأهيل حوالي 15 ألف هكتار من واحات النخيل لتغطية نسبة 55 في المئة من حاجيات البلاد من التمور.

وتقول الحكومة إن الأنشطة الزراعية المبرمجة هذا العام ستمكن من توفير أكثر من 52 ألف فرصة عمل، فضلا عن استفادة أكثر من 1.6 مليون مواطن بشكل غير مباشر من تلك الأعمال.

ورغم تأكيد الحكومة أن بإمكانها تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال الحبوب، بما فيها القمح، إلا أن الكثير من المختصين يرون أن صعوبات كثيرة ستواجه السلطات في هذا المجال خاصة في مجال زراعة القمح.

ويقول الخبير الزراعي محمد محمود ولد سيدينا إن السلطات عمدت إلي إدخال زراعة القمح في المنظومة الزراعية منذ العام 2014، لكن واجهتها عوامل متعددة للنهوض بهذا النوع من الزراعة حالت دون المساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وأكد في تصريح للأناضول أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح حاليا “يعتبر هدفا بعيد المدى، في ظل غياب مراكز للبحث والإرشاد والتطوير في مجال هذه الشعبة (المجال) الهامة”.

محمد ولد سيدينا: عدم وجود أصناف بذور تتأقلم مع الجفاف من أهم المعيقات

لكنه أشار في المقابل إلى أن تجربة زراعة القمح لأول مرة قبل ثماني سنوات يمكن الاعتماد على نتائجها من أجل تطوير وتوسيع زراعة هذا المحصول الاستراتيجي من أجل المساهمة في الجهود الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في السنوات المقبلة.

وبحسب تقديرات بنك التنمية الأفريقي فإن الزراعة في موريتانيا تساهم بنسبة 14 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهي تستوعب 38 في المئة من القوة العاملة النشيطة.

ومع ذلك نبه ولد سيدينا إلى أن هذا المحصول (القمح) لم يكن معروفا لدى المزارعين الموريتانيين، حيث ظلت زراعته “تشهد العديد من المعيقات، أهمها عدم توفر الخبرة الكافية لدى ممارسي زراعة القمح”.

ولفت إلى أن من بين المعيقات أيضا، عدم وجود أصناف ملائمة مع العوامل المناخية المحلية من نوعية التربة وكذلك درجات الحرارة.

ولا تتوفر أرقام دقيقة عن حجم إنتاج موريتانيا من الحبوب، وخصوصا القمح لغياب إصدارات بانتظام من طرف الجهات المعنية، كما لا تتوفر أرقام حكومية عن حجم واردات البلاد من القمح.

لكن وبحسب بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية، فإن قيمة واردات موريتانيا من القمح الأوكراني تجاوزت عتبة 15.6 مليون دولار خلال عام 2020.

والعام الحالي أعلنت موريتانيا أنها استوردت 100 ألف طن من القمح مخصصة للبرامج الاجتماعية للدولة، لكن لم تعلن تفاصيل بشأن الكميات التي استوردها التجار من القطاع الخاص.

ووفق منظمة الأغذية الزراعية (فاو) تستورد موريتانيا سنويا قرابة 340 ألف طن من القمح، وهي الكمية التي تعتبرها المنظمة غير كافية لسد حاجيات البلاد، مشيرة إلى أن حاجياتها من القمح لسنة 2020 -2021 بلغت 580 ألف طن.

ويقول برنامج الأغذية العالمي إن موريتانيا تعتمد بشكل كامل على القمح الروسي بواقع 80 في المئة والقمح الأوكراني بنسبة 20 في المئة، ما يعني أنها من بين الدول الأفريقية الأكثر تضررا من تداعيات الحرب في شرق أوروبا.

10