تحديات تعترض طموحات آسيا في إنتاج وقود الطائرات المستدام

تركيز شركات القارة على الربحية يؤخر الأهداف، ولكنه قد يساعد المنتجين على التصدير إلى أسواق أخرى.
الثلاثاء 2025/03/18
الطيران النظيف ليس سهلا كما تتخيلون

يرجح مسؤولون تنفيذيون في قطاع النفط ومحللون أن تتفوق قدرة آسيا على توفير وقود الطيران المستدام على الطلب الإقليمي مع زيادة الإنتاج خلال العامين 2025 و2026، ضمن تسريع خطوات التحول النظيف لهذه الصناعة للاقتصاد العالمي، مما يؤدي إلى زيادة الصادرات وربما خفض الأسعار.

سنغافورة- تَعِدُ زيادة الطاقة الاستيعابية خلال هذا العام والعام المقبل في آسيا بأخبار جيدة لشركات الطيران، التي كانت تشكو من أن الوقود المستدام (أس.أي.أف) مكلف للغاية ويصعب الحصول عليه.

وتقول مصادر في الصناعة إن إنتاج الوقود المستدام المخطط له قد يتأثر سلبا إذا ظل الطلب الإقليمي فاترا بعدما هبطت الأسعار إلى ما دون تكاليف الإنتاج.

وقد بدأت أو من المقرر أن تبدأ إنتاج ما لا يقل عن خمسة مشاريع لإنتاج الوقود المستدام في آسيا، خارج الصين، هذا العام، مستهدفة الصادرات إقليميا وأوروبا.

وعلى النقيض من أوروبا، حيث يتعين الآن على الرحلات الجوية المغادرة من مطارات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة استخدام اثنين في المئة من وقود الطيران المستدام في خزاناتها، يظل الطلب الإلزامي في آسيا منخفضا مع بدء الاستخدام الإلزامي للوقود المتجدد في بعض الدول في وقت لاحق من هذا العقد فقط.

ويرى خبراء القطاع أن انخفاض الاستهلاك والافتقار إلى التوجيه السياسي أديا إلى تأخير بعض مشاريع الوقود المستدام في الصين.

شوكور يوسف: هذا الوقود لا يزال أكثر كلفة من وقود الطائرات التقليدي
شوكور يوسف: هذا الوقود لا يزال أكثر كلفة من وقود الطائرات التقليدي

وقال شوكور يوسف مؤسس شركة استشارات الطيران إنداو أناليتيكس لرويترز إن “شركات الطيران الآسيوية لا تزال تركز بشكل أكبر على تكثيف الرحلات الجوية، والوقود المستدام ليس من الأولويات القصوى.”

وبرر يوسف ذلك لكون هذا الوقود لا يزال أكثر كلفة من وقود الطائرات التقليدي (الكيروسين)، كما أن شركات الطيران ستحقق أرباحا أقل.

وتعهدت صناعة الطيران، المسؤولة عن نحو 2.5 في المئة من انبعاثات الكربون العالمية، باستخدام وقود طيران أكثر استدامة في محاولة لخفض الانبعاثات، والوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.

وقال اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) إن “وقود الطيران المستدام المصنوع من الزيوت المستعملة والكتلة الحيوية هو المفتاح للحد من تلك الانبعاثات، ولكنه أكثر كلفة من الوقود التقليدي ولا يمثل سوى 0.3 في المئة من إنتاج وقود الطائرات العالمي.”

ومن المتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية للوقود الجوي المستدام في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى 3.5 مليون طن سنويا بحلول نهاية عام 2025، وفقا لتوقعات مجموعة أرغوس الاستشارية، مقابل 1.24 مليون طن في عام 2024.

ومع ذلك، لن يبدأ الاستخدام الإلزامي الأول للوقود الحيوي في آسيا حتى عام 2026 عندما تفرض سنغافورة وتايلاند نسبة واحد في المئة.

ومن المتوقع أن تؤدي هذه المتطلبات إلى رفع الطلب على وقود الطائرات المستدام من هذه الدول إلى نحو 14 في المئة من قدرتها الإنتاجية بحلول عام 2026، بحسب حسابات رويترز المستندة إلى بيانات تجارية.

ولا تعني القدرة الإنتاجية المتوقعة أنه سيتم إنتاج كمية كبيرة من الوقود المستدام فعلياً نظراً إلى تركيز الصناعة على الربحية والطلب الفعلي.

وسبق أن ذكرت إياتا أن مليون طن من وقود الطيران المستدام سيتم إنتاجه عالميا في عام 2024، وهو أقل من التوقعات البالغة 1.5 مليون طن، ووصفت الإنتاج بأنه بطيء بشكل مخيب للآمال.

وقال إليس تايلور من شركة تحليلات الطيران سيريوم لرويترز إن “التأخيرات الأخيرة في المشاريع تشير إلى خطر حقيقي للغاية يتمثل في أن انتشار الطائرات دون طيار قد يبدأ في الانخفاض حتى مع نمو الطلب.”

ومن المقرر أن يبدأ استخدام الوقود المستدام بنسبة واحد في المئة في كوريا الجنوبية خلال عام 2027، كما تلتزم اليابان باستخدام 10 في المئة بحلول عام 2030.

370

ألف طن من وقود الطيران المستدام صدرتها آسيا في عام 2024، معظمها من مصنع نيست في سنغافورة، وهو الأكبر في العالم

وقال لامبيرتو جاجيوتي، رئيس أعمال الطاقة الخضراء في شركة أبيكال للوقود الحيوي “من المتوقع أن يتخلف الطلب في آسيا عن العرض بسبب غياب السياسات واللوائح الموحدة في جميع أنحاء المنطقة.”

وبعيدًا عن التوجيهات الحكومية، تستخدم بعض شركات الطيران الآسيوية وقود الطائرات المستدام طواعيةً لتعزيز اعتمادها على البيئة بين المستخدمين وكجزء من التزاماتها تجاه الاستدامة في الصناعة.

وتستهدف رابطة شركات الطيران في آسيا والمحيط الهادئ، التي تضم العديد من شركات الطيران الوطنية الآسيوية كأعضاء، استخدام الوقود المستدام بنسبة 5 في المئة بحلول نهاية هذا العقد.

ولا تكشف العديد من هذه الشركات عن استهلاك الوقود المستدام. وتقول كاثي باسيفيك للطيران في هونغ كونغ إنها استخدمت أكثر من 6800 طن من وقود الطيران المستدام في عام 2024، لكنها لم تقدم توقعات لعام 2025.

وتتوقع طيران نيوزيلندا استخدام 1.6 في المئة من وقود الطائرات المستدام في السنة المالية المنتهية في يونيو المقبل، ارتفاعا من 0.4 في المئة مسجلة خلال العام السابق.

ولكن الشركة خفضت العام الماضي هدفها لاستخدام وقود الطائرات المستدام إلى 10 في المئة بحلول 2030 من 20 في المئة، مشيرة إلى قدرتها على تحمل التكاليف وتوافره.

ومن المقرر أن تبدأ شركة كوزمو إنيرجي اليابانية لتكرير النفط إنتاج الوقود المستدام اعتبارا من أبريل المقبل.

وبلغ إجمالي الاستثمارات في جنوب شرق آسيا هذا العام أكثر من 500 مليون دولار، حيث بدأت شركة بي.تي.تي غلوبال كيمكال التايلاندية في تشغيل مصنعها، ومن المقرر أن تتبعها شركة بانتشاك للبترول في الربع الثاني من هذا العام.

وأظهرت بيانات تتبع السفن من شركة كبلر أن آسيا صدرت أكثر من 370 ألف طن من وقود الطيران المستدام في عام 2024، معظمها من مصنع نيست في سنغافورة، وهو الأكبر في العالم.

الطاقة الإنتاجية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ستبلغ 3.5 مليون طن بنهاية العام الحالي
الطاقة الإنتاجية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ستبلغ 3.5 مليون طن بنهاية العام الحالي

وقال مدير التحول في مجال الطاقة في الاتحاد الدولي للنقل الجوي هيمانت ميستري إنه “مع تطور سوق الوقود المستدام، من المتوقع أن تكون هناك فجوات بين مكان إنتاجه ومكان الطلب عليه.”

وذكر متحدث باسم فورموزا للبتروكيماويات التايوانية (كي.واي لين) لرويترز، لم تكشف هويته، إن الشركة “تخطط لإنتاج قرابة 6 آلاف طن من وقود الطيران المستدام لشركات الطيران المحلية هذا العام، بانخفاض عن هدف سابق يبلغ 10 آلاف طن في 2025.

وقال إن “كلفة إنتاج وقود الديزل المتجدد من زيت الطهي المستعمل تقدر بما يتراوح بين 500 إلى 600 دولار للطن، بما في ذلك تكاليف المعالجة المسبقة، مقارنة بأسعار وقود الديزل المتجدد الفورية التي تبلغ 1700 دولار للطن في آسيا، وفقا لأحد المصادر.

ومع تباطؤ الطلب، قالت لورين موفيت، رئيسة تسعير الوقود الحيوي في آسيا لدى أرجوس، إن “آسيا من المرجح أن تظل مصدرًا صافيًا للوقود الحيوي المستدام حتى عام 2026، مع ضغوط العرض الزائد على الأسعار.”

وأظهرت بيانات أرجوس أن الفجوة السعرية بين وقود الطائرات المستدام ووقود الطائرات التقليدي تقلصت من نحو ثلاثة أضعاف العام الماضي إلى 2.4 مرة هذا العام على أساس التسليم على متن الطائرة في سنغافورة.

لكن شركة نستي، التي تتوقع أن يصل الطلب العالمي إلى 7 ملايين طن على الأقل في عام 2030، وشركة إيكوسيريس المدعومة من باين كابيتال، تظلان متفائلتين بشأن آفاق النمو.

وقال الرئيس التنفيذي لإيكوسيريس ماتي ليفونين إن الشركة “ستبدأ تشغيل وحدتها لإنتاج وقود الديزل الحيوي و420 ألف طن سنويا في جوهور بماليزيا بحلول الربع الأخير من العام.”

وأضاف “هذا يرفع إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركة إلى 770 ألف طن سنويا إلى جانب مصنع موجود في جيانجسو بالصين حيث تتطلع إلى التصدير.”

وتابع “في حين يعزز هذا الإنتاج الجديد إمداداتنا إلى أوروبا، فإننا نستكشف أيضًا فرصًا عالمية مثل اليابان وكوريا وأستراليا والصين وأميركا الشمالية، والتي تمثل جميعها إمكانات كبيرة للنمو.”

10