تحديات تعترض الانتخابات البلدية في البلدات الحدودية اللبنانية

من أبرز التحديات التنقل من بيروت إلى القرى والتنقل إلى مراكز الاقتراع في مناطق خارج نهر الليطاني.
الأربعاء 2025/04/23
بنية تحتية مدمرة

بيروت - تواجه الحكومة اللبنانية تحديات كبيرة في إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في عدد من البلدات الحدودية الجنوبية التي تعاني من انهيار في البنية التحتية وتشتت المواطنين، جراء الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله.

وحتى الاثنين، لم تعلن السلطات اللبنانية عن الإجراءات المتخذة لتأمين الاستحقاق لاسيما في بلدات هجرها معظم سكانها ولا تملك أيّ إمكانيات لوجستية وتقنية، ما دفع إلى ظهور تكهنات بإمكانية الجنوح إلى خيار التزكيات. وأعلنت وزارة الداخلية والبلديات، مطلع أبريل الجاري، تواريخ إجراء الانتخابات بحسب المحافظات، فحددت يوم 25 مايو المقبل موعدا لمحافظتي “لبنان الجنوبية” و”النبطية”.

وتعرضت بلدة الخيام التابعة لقضاء مرجعيون في محافظة النبطية، إلى دمار هائل، حيث تحوّلت أحياء البلدة إلى أكوام من الركام بفعل التفجيرات والغارات التي نفذها الجيش الإسرائيلي خلال أسابيع من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي. وخلال تلك الحرب، جرى تفخيخ عدد كبير من المنازل ونسف أحياء بالكامل، ما جعل البلدة غير صالحة للحياة في الوقت الحالي، ويزيد من التحديات أمام إجراء الانتخابات البلدية بالمنطقة.

وبعد آخر انتخابات بلدية في لبنان أجريت عام 2016، تم تأجيل إجراء انتخابات جديدة لثلاث مرات. ورغم انتهاء ولاية المجالس البلدية والمخاتير في مايو 2022، تم تمديد ولايتها لمدة عام نتيجة تزامنها مع استحقاق الانتخابات النيابية. وعام 2023 تأجلت مجددا نتيجة الشغور الرئاسي، بينما تأجلت للمرة الثالثة عام 2024 بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان في 23 سبتمبر.

◙ في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، تتضافر الجهود لتوفير بيئة آمنة وفعالة تضمن وصول المواطنين إلى صناديق الاقتراع

وبحسب بيان لوزارة الداخلية، فمن يرغب بترشيح نفسه للانتخابات البلدية والمخاتير عليه تقديم أوراقه الشخصية من صندوق المالية في المحافظات والأقضية بقيمة عشرة ملايين ليرة لبنانية أي ما يعادل 112 دولارا. وتبدأ مهلة تقديم تصاريح الترشح بتاريخ 4 أبريل، وحتى 23 من الشهر ذاته، كما تنتهي مهلة الرجوع عن الترشح يوم 28 أبريل أيضا.

ويتنافس المرشحون في بلدة الخيام البالغ عدد سكانها نحو 35 ألف نسمة، على 21 مقعدا للبلدية و11 مختارا، من مجمل عدد الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع البالغ 18 ألفا. وفي 7 أبريل، أعلن “تجمع البلدات الجنوبية الحدودية” أن “بلديات الشريط الحدودي في جنوب لبنان، التي تمتد من الناقورة إلى العرقوب مروراً بالعديد من القرى والمناطق الحدودية، تواجه تحديات غير مسبوقة في إجراء الانتخابات البلدية المقبلة”.

ولفت التجمع في بيان إلى أنه “في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، تتضافر الجهود لتوفير بيئة آمنة وفعالة تضمن وصول المواطنين إلى صناديق الاقتراع، رغم التحديات المعقدة التي تتخلل هذه العملية،” مؤكدا “الاستعداد لتنظيم الانتخابات في أجواء من الشفافية”.

وأوضح أن أبرز التحديات تتضمن “التنقل من بيروت إلى القرى والتنقل إلى مراكز الاقتراع في مناطق خارج نهر الليطاني وتنقل رؤساء الأقلام والمساعدين (والذين وفقا للقانون يجب أن يكونوا من خارج المنطقة).” وذكر التجمع أن هناك تحديات أخرى تشمل “استمرار القصف الإسرائيلي على القرى الجنوبية والاغتيالات والتهديدات الأمنية، ما يخلق بيئة غير مستقرة تؤثر بشكل مباشر على سير العملية الانتخابية”.

وقال علي خريس (54عاما)، المرشح لمنصب مختار، إن “انتخابات البلدية ستقام في موعدها وسط بلدة الخيام”. وأضاف أن من الصعوبات في هذه الانتخابات ببلدة الخيام أن “النازحين سيتفاجؤون عند عودتهم ويحزنون لمشاهدة منازلهم التي دمّرها العدو الإسرائيلي”.

وأوضح خريس أن هناك عددا من الشباب رشحوا أنفسهم للانتخابات البلدية، كما رشح نفسه لمنصب “مختار” بهدف “خدمة أهالي بلدتي”. وأشار إلى أنه في حال نجاحه فسيعمل على “التنسيق الدائم مع البلدية والدولة للمطالبة بإعادة الكهرباء والماء وخطوط الهاتف” إلى البلدة.

من جهته، تحدث محمد نصار (78 عاما)، وهو يشير إلى الدمار الحاصل في منازل البلدة، عن عدم صلاحية العيش بالمنطقة التي تواجه “صعوبات كبيرة لعدم وجود مياه ولا كهرباء ولا خطوط هاتف التي تعد عصب الحياة في هذه الأيام”.

ودعا نصار أهالي بلدته إلى “العودة والترشح والمشاركة في الانتخابات للتعبير عن آرائهم ومساندة بعضهم البعض من أجل النهوض بهذه البلدة من جديد بعد الدمار الذي ألمّ بها”. أما بسام غريب (56 عاما)، فتمنى أن تجرى الانتخابات في موعدها، وأن تكون “سليمة وشفافة ولو على الركام”. وأشار في حديثه إلى أهمية توقف الغارات والاغتيالات الإسرائيلية في المنطقة لضمان إجراء الانتخابات.

◙ نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة كانت 60 في المئة، وهناك توقعات أن تصل النسبة في الانتخابات القادمة إلى أكثر من 80 في المئة

وقال “الأهالي صامدون رغم هذا الدمار العظيم، ونريد أن تجرى الانتخابات ولو على أسطح المنازل المدمرة وسنرفع الرايات، ولن ننكس الأعلام”. وأضاف “التحدي الوحيد ليس ماديا أو الدمار، إنما التحدي هو أننا يجب أن نبقى بهذه الأرض ونصمد فيها، وليست المرة الأولى التي ننزح منها أو تدمر منازلنا”.

بدوره، أعرب العضو الحالي ببلدية الخيام سليم عبدالله عن أمله في أن تجرى الانتخابات في موعدها، داعيا أبناء بلدته إلى المشاركة “بكثافة” في الانتخابات “حتى ولو على أنقاض المنازل”.

ولفت إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة كانت 60 في المئة، متوقعا أن تصل النسبة في الانتخابات القادمة إلى أكثر من 80 في المئة. وقال “سيتحقق الحلم ونحن صامدون في بلدتنا الخيام على أرضنا ولن نتركها،” وأعرب عبدالله عن أمله في أن “تتحسن الأوضاع وأن تعود الأمور كما كانت” قبل الحرب الإسرائيلية.

وأوضح أنه “يجب أن تكون هناك انتخابات لكي تكون هناك بلدية تقوم بواجباتها تجاه شعبها، من أجل النهوض من تحت الركام وإعادة تعمير ما هدمته إسرائيل”. واندلعت مواجهة بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر 2023 في سياق إسناد الحزب لحماس، لتتحول المواجهة إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.

ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل في 27 نوفمبر 2024، ارتكبت إسرائيل 2763 خرقا له، ما خلّف 193 قتيلا و485 جريحا على الأقل. وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير الماضي، خلافا لاتفاق وقف إطلاق النار، لتنفذ انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال رئيسية ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.

2