تحديات الأمن الغذائي على طاولة قمة منظمة فاو في الأردن

عمّان – فرضت التغيرات المناخية وطرق مواجهتها ومدى قدرة الحكومات على توفير الآليات والخطط اللازمة لذلك، نفسها خلال اجتماعات منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التي يحتضنها الأردن، وسط استمرار الضبابية التي تحيط بالاقتصاد العالمي.
وفي ظل تفاقم أزمة الجفاف والتغيرات القائمة في طبيعة الفصول وانعكاس التوترات الجيوسياسية على سلاسل التوريد والأسعار، يواجه المشاركون في أعمال الدورة الـ37 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة فاو للشرق الأدنى تحديات لإيجاد حلول لتراكم المشاكل.
ويرى صناع السياسات والخبراء والمحللون أن تدفق المزيد من الأموال سيساهم في تسريع التقنيات والإستراتيجيات اللازمة لمواجهة هذه المعركة الوجودية.
وتستمد دورة هذا العام أعمالها من عنوانها الرئيس الذي يتطرق إلى حتمية تسريع تحول نظم الأغذية الإقليمية بهدف تحقيق الزراعة المستدامة والأمن الغذائي في خضم الأزمات المتعددة التي تواجه المنطقة.
ويشارك في المؤتمر وزراء وممثلو 19 منظمة دولية و17 مراقبا دوليا وقادة من جميع أنحاء المنطقة لوضع إطار لاتفاق إقليمي بشأن المستقبل والعمل المشترك لتحقيق نظم أغذية زراعية مستدامة محددة الأهداف ولضمان الأمن الغذائي للملايين من السكان في المنطقة.
وأكد رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة في كلمة افتتح بها أعمال الدورة أهمية هذا الاجتماع الوزاري الذي يأتي في ظل ظروف وتحديات إقليمية كبيرة وفي أعقاب أزمات عالمية جعلت الحاجة ملحة.
وقال أمام المؤتمر “علينا تطوير آليات من شأنها تعزيز الاعتماد على الذات وتحقيق التكامل بين الدول من أجل تحقيق الأمن الغذائي”.
وأضاف أن “التحول إلى نظم غذائية أكثر فاعلية وشمولا في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بات أمرا ملحا لضمان توفير غذاء صحي وآمن، وسط تزايد أعداد السكان في المنطقة بشكل كبير، وندرة المياه والتغير المناخي”.
كما تطرق إلى أهمية استخدام الابتكار والرقمنة، الذي يرى أنه لا يزال محدودا في هذا المجال. وقال “سيكون لاستخدامهما على نطاق واسع دور قوي وفعال في تعزيز تحول النظم الغذائية لتحقيق التنمية المستدامة”.
ويعد ضمان حدود النظام الغذائي والتكيف بشكل أفضل مع تغير المناخ أمرا أساسيا لتحقيق الأهداف الخضراء، خاصة مع نمو السكان.
ويقول خبراء إن تدهور الأراضي الزراعية وكل المجالات المرتبطة بها له علاقة متشابكة مع عوامل مختلفة على غرار ارتفاع درجة حرارة الأرض والجفاف وحرائق الغابات والجراد الصحراوي.
كما أن له انعكاسات سلبية على إنتاج المحاصيل وتصدير السلع الغذائية وارتفاع أسعار الغذاء والأمن الغذائي والصحة، وأيضا النزوح والهجرة والفقر والبطالة والتدهور الأمني والنزاعات المسلحة.
وليس التغير المناخ، الذي ينتج عنه التصحر والفيضانات، بالمسألة الهينة خاصة وأن ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية تتصحر خلال العقود الأخيرة، بسبب عوامل بيئية وبشرية.
وقدرت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في أحدث تقاريرها خسائر الغذاء وخدمات النظم البيئية والدخل، في جميع أنحاء العالم بسبب تدهور التربة، بنحو 23 تريليون دولار بحلول عام 2050.
أما برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فيقدر القيمة الإنتاجية المفقودة سنويا في الدول النامية بسبب ظاهرة التصحر بنحو 16 مليار دولار.
3.8
تريليون دولار خسائر المحاصيل والإنتاج الحيواني خلال ثلاثة عقود بسبب تغير المناخ
ويأمل مدير عام منظمة فاو شو دنيو بأن تسهم مناقشات المؤتمر في الخروج بحلول لمواجهة التحديات التي تمر بها العديد من دول وشعوب العالم.
وقال إن “المؤتمر يناقش ما جرى إنجازه الفترة الماضية في القطاع، ووضع الأمن الغذائي وخارطة الطريق للعشر سنوات المقبلة، إضافة إلى الأمور الطارئة للعامين المقبلين لرفع هذه التوصيات الوزارية في روما، والذي يعقد أيضا مرة كل سنتين”.
وشدد دنيو على أن القضايا المطروحة على الطاولة تبحث في كيفية إيجاد نظم غذائية أكثر مرونة وأكثر كفاءة وشمولية والتحول بالنظم الغذائية الزراعية للاستجابة لزيادة عدد السكان.
وقال إن “المنطقة ليست لديها القدرة الآن على إنتاج غذائها الكافي وبالتالي تعتمد على الاستيراد”.
وتؤكد فاو أن العقود الثلاثة الماضية شهدت خسارة 3.8 تريليون دولار من المحاصيل والإنتاج الحيواني بسبب الكوارث بما في ذلك الفيضانات والجفاف.
ويعد شحن بذور المحاصيل لتحمل الجفاف بشكل أفضل وتربية الأبقار، التي تتجشأ كميات أقل من غاز الميثان وتتبع الماشية لمنع إزالة الغابات جزءا من الترسانة التي يحتاجها العالم لمحاربة المناخ من أجل الغذاء، ويحصلون على دفعة نقدية كبيرة. وخلال قمة المناخ (كوب 28) التي احتضنتها دبي في نوفمبر الماضي، تم التعهد بأكثر من 3 مليارات دولار لتمويل المناخ للأغذية والزراعة.
وعلاوة على ذلك، تعمل الحكومات والمؤسسات الخيرية والأموال الخاصة على تعزيز التمويل لمعالجة غاز الميثان في الزراعة، وإنهاء إزالة الغابات والابتكار الذكي مناخيا، حيث وضعت القمة أخيرا الغذاء على رأس جدول أعمالها.