تحالف بين وولمارت ومايكروسوفت لمواجهة هيمنة أمازون

لندن – لجأت شركة وولمارت الأميركية إلى إنشاء تحالف مع شركة مايكروسوفت لوقف تراجع حصتها في تجارة التجزئة في السوق الأميركية والأسواق الأخرى التي تنشط فيها بسبب النمو السريع لنشاطات شركة أمازون، التي تدخل يوما بعد يوم نشاطات جديدة.
وينص اتفاق الشراكة الاستراتيجية، الذي وقعته وولمارت مع مايكروسوفت، على تطوير برامج الحوسبة السحابية وبرامج التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة أدائها في تجارة التجزئة عبر الإنترنت.
وتصاعدت حالة الإنذار لدى الشركات مع توسيع أمازون خدماتها نهاية الشهر الماضي لتمتد إلى إنشاء شبكة شاحنات لنقل بضائعها من خلال منح امتياز للأفراد للعمل معها، وخطط أخرى لتوزيع الوصفات الطبية في الولايات المتحدة.
ويقول محللون إن الخطوة ترسل إشارة إنذار لشركات تجارة التجزئة، إضافة إلى أنها يمكن أن تحدث هزة عنيفة في قطاع الخدمات اللوجستية، خاصة إذا امتد تطبيقها إلى دول أخرى.
وتشكو شركات مبيعات التجزئة التقليدية من أنها ضحية منافسة غير عادلة لأن شركات التجزئة عبر الإنترنت لا تدفع الكثير من الرسوم والضرائب التي تترتب على المتاجر التقليدية، وبدأ ذلك يدفعها لدخول ميدان التجارة الإلكترونية بعد تعثّر الكثير من المتاجر التقليدية.
وتطمح الشركة إلى تعزيز سرعة وسهولة التسوق الإلكتروني لزبائنها في أنحاء العالم، في محاولة لمواجهة هيمنة أمازون المتسارعة على قطاع التسوّق عبر الإنترنت.
ويمتد اتفـاق الشراكـة لمـدة 5 أعـوام ليجمـع جهود وولمارت، أكبر متاجر التسوق التقليدية وأكبر منافس لأمازون في تجارة التجزئة في الولايات المتحدة مع مايكروسوفت أكبر منافس لأمازون في قطاع الحوسبة السحابية، إضافة إلى خبرتها في مجال البيانات.
ويرى مراقبون أن وولمارت سوف تستفيد من تطبيقات وبرامج مايكروسوفت لجعل التسوق أسرع وأسهل للعملاء لزبائنها وخاصة برامج “أزور” وأوفيس 365.
ونسبت صحيفة وول ستريت جورنال إلى ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت قولها “إن التنافس مع شركة أمازون هو جوهر هذه الشراكة المبنية على كيفية الحصول التكامل بين المكانات الكبيرة للشركتين والقدرات الاستثمارية لنتمكن من التغلب على منافسنا”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة وولمارت دوغ ماكميلون إن “التزام وولمارت بالتكنولوجيا يتركز حول إيجاد طرق مريحة بشكل كبير للزبائن وتمكين الموظفين من تقديم أفضل ما لديهم… نحن متحمسون لما ستجلبه هذه الشراكة التكنولوجية لعملائنا وشركائنا”.
وأضاف أننا نعتقد أن مايكروسوفت ستكون شريكا قويا في دفع قدرتنا على الابتكار بشكل أكبر وأسرع سواء من خلال النظام الأساسي السحابي السريع أو الاستفادة من التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي للعمل بشكل أكثر ذكاء”.
وتقول وولمارت إن تطبيق ذلك سيساعد الموظفين في تطوير عملهم على صعيد التقاط المنتجات الموجودة على الأرفف وتحسين أداء أجهزة التجميد والمعدات الأخرى، إضافة إلى ربط المتاجر وأنظمة الشحن الخاصة بها لتبسيط سلسلة التوريد.
وأوضحت أن تجارة التجزئة تعتمد على خفض التكاليف بشكل كبير والاستثمار في المبيعات المتزايدة عبر الإنترنت، واستخدام التكنولوجيا لتحليل العمليات، وهي إحدى مناطق الخبرة الكبيرة لدى المنافس أمازون.
ويرى إد أندرسون المحلل في شركة غارتنر لأبحاث السوق أن بعض تجار التجزئة يكرهون استخدام تقنية أمازون السحابية، ويرجع ذلك إلى حد كبير لأن وحدة الحوسبة السحابية الخاصة بها توفر غالبية دخل التشغيل في أمازون.
ويضيف أن خدمة الحوسبة السحابية “أزور” التابعة لشركة مايكروسوفت تأتي في المرتبة الثانية من حيث حصة السوق بعد خدمات أمازون ويب. وأكد أنها تطورت لتصبح بديلا للكثير من المستخدمين والمنافسين لأمازون.
كما طورت وولمارت عمليات الحوسبة السحابية الضخمة الخاصة بها جزئيا لتحليل مجموعات من بيانات المنتجات والمبيعات. لكنها توسّعت في استخدام خدمة أزور السحابية منذ أن استحوذت على شركة جيت.كوم في عام 2016 والتي بنت أعمالها على تقنية مايكروسوفت.
ويتصاعد القلق من التغييرات الكبيرة في حركة التجارة وسوق العمل بسبب الثورة التي أحدثتها أمازون وأدّت إلى انهيار الكثير من السلاسل العريقة لمتاجر التجزئة، التي لم تعد تحتمل التكاليف التشغيلية المرتفعة مقارنة برشاقة أمازون وأسعارها.
وتعرضت الشركة ورئيسها التنفيذي جيف بيزوس، الذي جعلته أمازون أكبر أثرياء العالم لانتقادات الرئيس دونالد ترامب بسبب تأثيرها على متاجر التجزئة وتعاملاتها المالية مع شركات نقل الطرود.
وتنهمك حكومات الدول الغربية في البحث عن حلول لتداعيات انتشار التجارة الإلكترونية ونشاط شركات التكنولوجيا العابرة للحدود، وتسعى لوضع نظام يفرض على تلك الشركات دفع ضرائب تستند إلى موقع المستهلك.
وتعاني الكثير من الدول والسلطات البلدية فيها من تراجع حصيلة الضرائب بسبب اختفاء المبيعات عن رقابتها بسبب اتخاذ شركات مبيعات التجزئة مقرات في ملاذات ضريبية أو بلدان تمنحها إعفاءات كبيرة.
ويجمع الخبراء على أن تداعيات غزو تجارة التجزئة بدأت تحدث تغييرات خطيرة في نشاط شوارع المدن والنشاطات المرتبطة بها وفي سوق العمل، بعد أن أصبحت توفر معظم السلع من الملابس إلى الأجهزة المنزلية وصولا إلى المواد الغذائية.