تحالف أمني جديد يعزز ثقة الصومال في هزيمة حركة الشباب

مقديشو - بعد مرور نحو ثمانية أشهر على بدء العمليات العسكرية للقوات الصومالية ضد حركة الشباب الإرهابية، في أقاليم جنوب البلاد ووسطها، وتحقيق مكاسب ميدانية هامة، ازدادت ثقة الصوماليين في قدرة جيشهم على حسم المعركة قريبا.
ورفع الاجتماع الأمني الرباعي، الذي استضافته البلاد في فبراير الماضي، والذي شمل الصومال وإثيوبيا وجيبوتي وكينيا، سقف آمال المواطنين في أن هذا التحالف الأمني سيقضي على جذور أزمة الإرهاب في البلاد.
وتدل تصريحات الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في أكثر من مناسبة حول فتح جبهات عسكرية ضد حركة الشباب، في أقاليم أخرى، على عزم حكومته في دحر الإرهاب، باعتباره التحدي الأكبر للدولة.
العمليات العسكرية التي حققت فيها الحكومة مكاسب أظهرت هشاشة تماسك مسلحي الشباب في ميادين القتال
ورغم توقف شرارة العمليات العسكرية ضد معاقل حركة الشباب في الشهرين الماضيين، جنوب ووسط البلاد، إلا أن الاستعدادات والاجتماعات الأمنية التي تجريها القيادات العسكرية تشي بوجود نية لإطلاق عملية عسكرية على أكثر من جبهة، وبمشاركة قوات من دول الجوار.
وينبئ الاجتماع الأمني الرباعي، الذي عقد في العاصمة مقديشو، بتشكل تحالف إقليمي جديد، ربما يختلف عن سابقيه، نظرا للمخاوف المشتركة بين الدول التي تنضوي تحت لواء هذا التحالف الأمني.
ويقول المحلل السياسي محمد عبدي شيخ إن “توقيت الاجتماع والمشاركة الرفيعة بين قيادات الأركان من جهة، ورؤساء الدول من جهة أخرى، يعطينا إشارة إلى المخاوف المشتركة بين هذا الدول في ما يخص الأمن القومي لكل دولة”.
وأضاف عبدي شيخ أن “العمليات العسكرية الأخيرة، التي تصحبها الغارات الجوية، والتي حققت فيها الحكومة مكاسب ميدانية كبيرة، أظهرت هشاشة التماسك والفعالية لمسلحي الشباب في ميادين القتال”. واعتبر المحلل الصومالي أن ذلك “يستدعي أن تبحث الحكومة الصومالية عن تحالفات إقليمية لدحر الإرهابيين”.
كما أن إعلان الرئيس شيخ محمود أن جيش بلاده بصدد إطلاق عملية عسكرية واسعة ضد عناصر حركة الشباب، في ولايتي جنوب غرب الصومال، وجوبالاند (جنوب)، أثار مخاوف إثيوبيا وكينيا من تسلل الإرهابيين إلى أراضيهما، خاصة أن حدودهما طويلة مع الولايتين الصوماليتين.
وأوضح المحلل عبدي شيخ أن “الحركة ستستعد لكل السيناريوهات في حال تصاعدت شرارة العمليات العسكرية ضدها، من أجل إيجاد بدائل ومناطق تؤوي قيادتها”.
واستطرد أن هذا الأمر “يدفع دول الجوار، وخاصة إثيوبيا وكينيا، إلى المشاركة والتنسيق الأمني مع الجانب الصومالي لتأمين حدودها معه”. وتابع “التحالف الأمني الرباعي (…) قادر على حسم المعركة ضد حركة الشباب، بعد سنوات كانت تشكل الحركة تهديدا أمنيا في المنطقة”.
وفي الأول من فبراير الماضي، عقد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، قمة مع زعماء دول الجوار، بمقديشو، حضرها كل من رئيس جيبوتي إسماعيل عمر غيلي، ورئيس كينيا وليام روتو، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وسبق هذه القمة بيوم، اجتماع لوزراء دفاع الدول الأربع، ثم اجتماع لكبار قادة الجيوش، ما يعكس تصميم قادة جوار الصومال على القضاء على حركة الشباب عسكريا.
ووفق بيان مشترك نشرته وكالة أنباء الصومال “صونا”، اتفق القادة المجتمعون على ضرورة التخطيط المشترك في مواجهة حركة الشباب، ومشاركة دول الجوار في العمليات العسكرية الجارية، والقيام بعملية عسكرية مخططة لتصفية عناصر الحركة، وتشكيل آلية أمنية مشتركة لمنع التهديدات الأمنية العابرة للحدود.
خيار الحركة الدخول في المفاوضات مع الحكومة، قد يؤدي إلى انشقاقات في صفوفها، وبدء مرحلة التصفيات الداخلية بين قياداتها
ويقول الضابط المتقاعد شريف روبو إن “الحكومة تستعد لخوض معركة مصيرية ضد الشباب في جنوب غرب الصومال وجوبالاند”.
وأضاف “المعركة القادمة لن تكون سهلة لكلا الجانبين، نظرا لنفوذ الحركة في هذين الإقليمين، ناهيك عن إقليمي جوبا السفلي والوسطي، بولاية جوبالاند، حيث تتمركز القيادات البارزة للحركة”.
لكن ما تختلف فيه المعركة القادمة عن سابقاتها، المشاركة الإقليمية لدول الجوار، حيث أرسلت إثيوبيا وكينيا وجيبوتي قوات عسكرية لفتح عدة جبهات قتالية ضد حركة الشباب، ما سيصعب عليها التصدي لها في آن واحد، في ظل انهيار معنويات مسلحيها بعد خسائر متتالية في ولايتي هيرشبيلي وغلمدغ.
وأعلن حسين معلم، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي، أن وحدات من قوات دول الجوار بدأت تدخل البلاد، في إطار المشاركة في العمليات العسكرية ضد حركة الشباب، حيث ستعمل تحت قيادة القوات المسلحة الصومالية.
وأشار مستشار الأمن القومي إلى أن قوات إثيوبيا وجيبوتي وكينيا “سيكتمل وصولها إلى البلاد قبل منتصف أبريل المقبل”.
وأوضح الضابط المتقاعد أن “عدة سيناريوهات ستواجه الحركة في المرحلة المقبلة، الأول هو المواجهة العسكرية والاستماتة (في القتال) بجوبا السفلى والوسطى، أمام هذا التحالف العسكري”.
أما السيناريو الثاني، حسب الضابط روبو، فيتمثل في الانسحاب التكتيكي، واللجوء إلى حرب الكر والفر، والتفجيرات الانتحارية، وإرسال قياداتها إلى الخارج.
أما بالنسبة للسيناريو الثالث فهو أن تختار الحركة الدخول في المفاوضات مع الحكومة، وهو ما قد يؤدي إلى انشقاقات في صفوفها، وبدء مرحلة التصفيات الداخلية بين قياداتها.