تجميل الأظافر مهنة دقيقة يتقنها الرجال في أفريقيا

مهنة تقليم أظافر النساء أو ما يسمى بالمانيكير والباديكير مهنة صعبة تتطلب الدقة والصبر وتتكفل بها النساء عادة، لكن في عاصمة أفريقيا الوسطى تدرب شاب على التجميل وأتقن تجميل الأظافر ليصبح له حرفاء نواعم يثنون على عمله.
بانغي - بحركة دقيقة، يصبغ دوبونور كولي أظافر زبونته الشابة في محله الصغير المليء بالغبار، إذ إن تجميل أظافر اليدين والقدمين الذي ينظر إليه في الغرب على أنه اختصاص نسائي، مهنة للرجال أيضاً في بانغي، عاصمة أفريقيا الوسطى.
ينكبّ دوبونور (27 عاماً) على الاعتناء بيد مدتها إليه شابة درجت على ارتياد محله في منطقة نغاراغبا، عند سفح تلال المدينة. يركز كل انتباهه، ويضع الصباغ بدقة بالفرشاة، ثم ينظر إلى الأعلى مبتسماً، بعدما أنجز مهمة رسم عقدة على الكيراتين.
تعرف نساء كثيرات هذا الشاب في “بانغي لا كوكيت”، أي “بانغي المغناج”، وهي صفة أطلقت منذ زمن بعيد على عاصمة أفريقيا الوسطى، بسبب حلاوة الحياة التي كانت تتميز بها ذات يوم. وتقول بينينا (23 عاماً) وهي في كامل تألقها إنه “يضع الرموش والأظافر الاصطناعية ببراعة كبيرة”. وتضيف “في كل مرة، يسألني الجميع عمّن تولى تجميلي. أحب المجيء إلى محل دوبونور إذ أشعر بعد ذلك بأنني جميلة”!
لكنّ الأخير لم يختر هذه المهنة بدافع الشغف بها. ويقول متنهداً “لا يوجد عمل”. ويلاحظ أن “السبب الرئيسي لإقبال الرجال على احتراف تجميل الأظافر مالي”.
يجلس دوبونور على كرسيه مرتدياً سروال جينز وقميصاً يحمل صورة الملاكم محمد علي كلاي، وسط جدران تنتشر عليها ملصقات لنجوم الموسيقى ولاعبي كرة القدم الأميركيين، على وقع موسيقى الراب الأميركية، فيما تبرّد مروحة إلى حدّ ما الجو الحار والرطب في المحل.
ويروي الشاب، أنه ترك المدرسة عندما كان في الخامسة عشرة، لينتقل إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية الواقعة على الضفة الأخرى من نهر زونغو. ويقول “لقد تعلمت هناك في أربعة أشهر تجميل الأظافر”.
ولدى عودته إلى بانغي، عمل مزيّناً متجولاً وما لبث أن أسس محله عام 2019. ويقول “لقد وجدت موقعاً أدفع بدل إيجاره 30 ألف فرنك أفريقي شهرياً (53 دولاراً) وبنيت كوخي عليه”.
ويذهب دوبونور شهرياً لتوفير مستلزمات عمله إلى “ب.ك 5″، وهو حي المسلمين في بانغي ويقول “هذا هو المكان الوحيد الذي يمكنني أن أجد فيه بأسعار منخفضة ما أحتاج إليه من منتجات، كالأظافر الاصطناعية أو الصمغ أو مزيل طلاء الأظافر”.
ويتفاوت مدخول دوبونور يومياً، إذ قد يقتصر على ألفي فرنك في أيام العمل القليل، ويتجاوز 20 ألفاً في أيام الإجازات أو عطل نهاية الأسبوع، أي ما بين 3.5 دولار و35.3 دولار.
ويبلغ الحد الأدنى للأجور الشهرية في القطاع الرسمي 42.3 دولار وفقاً للبنك الدولي. ويوضح الباحث المتخصص في الاقتصاد غير الرسمي في جامعة بانغي ميدار غواي أن “الناس هنا يختارون طوعاً القطاع غير الرسمي، نظراً إلى كونه طريقة لتعزيز دخلهم، إذ لا يدفعون ضرائب”.
ويعمل نحو 80 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً في الاقتصاد السري، في مهن بينها سائق دراجة نارية للأجرة وبائع بطاقات هاتف وتاجر أدوية وصانع أثاث وعامل بناء.
في سبعينات القرن العشرين وثمانيناته، كانت الدولة أكبر جهة توظيف. لكنّ عقوداً من سوء الإدارة وحقب انعدام الاستقرار والعنف المتكررة جعلت من الصعب الحصول على وظائف في القطاع العام.
اليوم، يسير عمل دوبونور الصغير جيداً، وهو لجأ إلى تدريب عدد من الأشخاص لتلبية الطلب المتزايد، من بينهم شقيقه الأصغر إيمانويل، البالغ 25 عاماً. ويقول إيمانويل الذي يحلم بأن يصبح ممرضاً “أعمل في مجال تجميل الأظافر حتى الحادية عشرة صباحاً في صالون أخي بهدف تأمين أكلاف دراستي، وأنا سائق دراجة نارية للأجرة في فترة ما بعد الظهر”.