تجربة علمية تؤكد إمكانية إقامة الحفلات وفق برنامج تهوية مدروس

برلين ـ الرقص بصخب أمام المسرح، ترديد الأغاني مع فرقتك المفضلة، شق طريقك بين الحشود للوصول إلى حاجز المسرح، أمور اعتبرت، وفقا للباحثين، في السابق أمرا بعيد المنال في الحفلات الموسيقية مع تفشي فايروس كورونا ولن تعود في وقت قريب.
ومع ذلك، تُظهر دراسات أوّليّة أنه يمكن أن تنطوي الحفلات الموسيقية والتردد على دور السينما مع توفر مقاعد مخصصة على خطر منخفض في ما يتعلق بانتشار العدوى، إذا تم اتخاذ إجراءات احترازية معينة وصارمة.
يقول فولفغانغ شاده، وهو فيزيائي في معهد فراونهوفر الشهير في ألمانيا، “إن نظام التهوية الجيد هو أهم شيء”.
ومن خلال خبراته، يرغب الباحث في أن يقدم بيانات علمية وأن يساعد في تبديد المخاوف بشأن العدوى في الفعاليات الكبيرة.
ويقوم حاليا بتحليل حفلة موسيقية تجريبية لأوركسترا إذاعة نوردويتشر ريدفونك (إن.دي.آر)، حضرها 130 من العاملين الذين تم تطعيمهم بالكامل والتابعين لمؤسسة صحية.
ومن بين الحضور، يضع الباحث شاده عددا من الدمى تحاكي تنفس الإنسان. وبجانب واحدة من الدمى التي ينبعث منها الهباء الجوي وثاني أكسيد الكربون عبر أنابيب، وضع اثنتين أخريين تقومان بما يحاكي “الشهيق”.
ويجلس الحضور الحقيقيون حول الدمى بترتيب لوح الشطرنج، بجوار كل منهم مقعد خال.
ويقيس الباحثون توزيع الهباء الجوي -وهي جزيئات صغيرة محمولة جوا يمكن أن تحتوي على فايروس كورونا وتنشره- في البيئة.
وتم تكليف شاده بالفعل في نوفمبر من جانب قاعة دورتموند للحفلات الموسيقية (دورتموند كونزرتهاوس) لتحليل توزيع الهباء الجوي في قاعة المسرح هناك، ولكن دون جمهور.
وأظهر البحث، أنه إذا تم تبديل الهواء في القاعة بالكامل ليحل مكانه هواء نقي كل 20 دقيقة من خلال نظام تهوية، فلن تتعرض قاعة الحفلات الموسيقية لأن تصبح ناقلا شديدا للعدوى.
ويوصي شاده بأنه إذا كان الزوار لا يرتدون كمامات، فيجب ترك مقعد أمام كلّ منهم شاغرا.
ومع ذلك، ففي الغرف غير جيدة التهوية، يمكن أن يتراكم الهباء الجوي بمرور الوقت، لذا فسوف يكون الحدّ الأدنى لمسافة التباعد الاجتماعي البالغ 1.4 متر والذي أوصى به معهد روبرت كوخ للسيطرة على الأمراض غير كاف لتجنب العدوى.
يقول شاده إنه أجرى بالفعل تجارب في نحو 40 فعالية، بما في ذلك نهائيات كرة اليد التي أقيمت في الآونة الأخيرة في هامبورغ بحضور ألفي متفرج.
وأشار شاده إلى أنه عندما تكون الأماكن مشغولة بالكامل، يمكن أن يكون لهذا تأثير إيجابي، “حيث أن الدفء المنبعث من البشر يساعد في حمل الهباء الجوي نحو نظام التهوية”، مضيفا أنه يريد تحليل هذه الظاهرة بشكل أكبر.
ويعتقد الباحثون أن خطر الإصابة بالعدوى في الفعاليات الكبيرة منخفض وسط المعدل الحالي للعدوى في ألمانيا، خاصة وأن فحوص الكشف عن الإصابة بفايروس كورونا أصبحت إلزامية لحضور الفعاليات.
أما في الأماكن المفتوحة، فإن المهرجانات والحفلات الموسيقية حتى دون نظام خاص للمقاعد لا تسبب مخاطر كبيرة، وفقا للباحث في مجال الهباء الجوي جيرهارد شويش، لكن التهوية الفعالة ضرورية في الأماكن المغلقة.
ومع ظهور سلالات جديدة من فايروس كورونا، يؤيد الفيزيائي إيبرهارد بودنشاتس ارتداء الكمامات أيضا عند الجلوس، ثم يمكن ملء أكثر من نصف الأماكن.
ويقول بودنشاتس، الذي يقود معهد ماكس بلانك لديناميكيات الأنظمة التقنية المعقدة “مع السلالات الجديدة، فإن التهوية للأسف تساعد بشكل أقل من فعاليتها مع السلالات القديمة. فالكمامات لا مثيل لها”.
وقال كبير مسؤولي الدراسة شتيفان موريتس من المستشفى الجامعي في هاله، “وفقا للدراسة، فإن خطر الإصابة يزيد بنسبة 70 في المئة إذا كانت التهوية سيئة”.
ويوصي بإجراء المزيد من المشروعات التجريبية لفتح الفعاليات الثقافية والرياضية أمام الزوار.
ويقول موريتس “علينا أن نمضي خطوة بخطوة”، مضيفا أن أعداد الإصابة المنخفضة حاليا تسمح بإجراء مثل هذه التجارب.